تم نهاية الأسبوع، تنظيم وقفة تكريمية بتيزي غنيف في ولاية تيزي وزو، على شرف المدعوة لبديري سعدية، البالغة من العمر 89 سنة والتي هي أرملة العقيد الراحل والشهيد البطل ورمز النضال الثوري علي ملاح المدعو سي شريف. الوقفة التكريمية، بادر بتنظيمها المتحف الجهوي للولاية وبلدية تيزي وزو وأعضاء المجلس الشعبي الولائي وبعض المجاهدين وممثلين عن حزب جهة التحرير الوطني وممثلين عن جبهة القوى الاشتراكية وأعضاء حزب التجمع الوطني الديمقراطي. وفي اتصال هاتفي مع نجل الشهيد البطل علي ملاح وهو المدعو اعمر ملاح، فان هذا الحفل تم تنظيمه على مستوى مسقط رأس الشهيد بمنزله العائلي المتواجد بسوط بلدية تيزى غنيف في ولاية تيزى وزو. ويذكر أن الشهيد البطل "علي ملاح"، المولود بذراع الميزان في 14 فيفري سنة 1924، لقن تربية دينية، حيث حفظ القرآن ومبادئ اللغة العربية على يد والده الغمام، الذي أثر في تربيته بشكل محسوس، ولم يتأخر في شحنه بحب الوطن والمحافظة على القيم والأخلاق الإسلامية. ويشهد له أنه انخرط منذ شبابه في الحركة الوطنية أي في صفوف حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وسجن بعد الحرب العالمية الثانية ولما أطلق سراحه بدأ حياة السرية عن طريق تنظيم الخلايا الثورية السرية في القرى والمداشر. وعند اندلاع الثورة التحريرية كان من السباقين في قيادة العمليات العسكرية وبعد مؤتمر الصومام رقي إلى رتبة عقيد وكلف بقيادة الولاية السادسة ولقب بالعقيد سي الشريف، وسقط شهيدا سنة 1957 قرب مدينة قصر البخاري. وكان والده الشيخ أحمد إماماً صالحاً اعتنى بتربية ابنه على الأخلاق الفاضلة وحب الوطن، وتلقينه المبادئ الأولية في اللغة العربية وفي العلوم الدينية، ثم التحق علي ملاح بالزوايا المتواجدة بالمنطقة طالباً للعلم والفقه، كزاوية الشيخ سحنون ببني وغليس وزاوية سيدي علي موسى بمعاتقة. ثم واصل الشهيد نشاطاته المختلفة في المنطقة، قائداً مغواراً لفصائل جيش التحرير الوطني، منضماً لأفواج السيلين ولجان جبهة التحرير الوطني في القرى، إلى جانب استشارته من طرف القادة والمجاهدين في القضايا الدينية، فيقوم بمهمة الإفتاء حسب أصول الشريعة الإسلامية على أحسن وجه نظراً لدراسته الدينية السابقة. ولما انعقد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 كلفه قادة الثورة المسلحة بمهمة قيادة الولاية السادسة مع ترقيته إلى رتبة عقيد وصار يدعى العقيد سي الشريف، كما عين أيضاً عضواً في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، لينطلق بعدها العقيد علي ملاح على رأس كتيبة من المجاهدين متجهاً إلى الولاية السادسة بالجنوب الجزائري لأداء المهام المنوطة به، فرغم شاسعة الولاية وصعوبة تضاريسها ومناخها، إلا أنه تمكن من إشعال فتيل الثورة المسلحة في الصحراء بعد أن أحكم الاستعمار الفرنسي سيطرته عليها لمدة طويلة. كما شرع الشهيد سي الشريف في تنظيم الشؤون العسكرية بالجنوب وإرساء هياكل الثورة التحريرية في كل مناطقها، إلى جانب قيادة عمليات فدائية ضد مراكز الاحتلال الفرنسي الذي تكبد جراء ذلك خسائر جمة في الأرواح والعتاد، وجاعلاً الولاية السادسة التاريخية تساهم مساهمة كبيرة في معركة الجهاد المقدس، لكن القدر شاء أن يسقط الشهيد علي ملاح في ساحة الشرف والمجد بنواحي قصر البخاري عام 1957 مع ثلاثة من رفاقه المجاهدين، فرحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جنانه.