إن لم تغير النتائج الأولية للإنتخايات المحلية التي صوت فيها الجزائريون أول أمس على ممثليهم في المجالس البلدية والولائية على العموم معالم الخارطة السياسية الوطنية التي يبدو أنها لن تعرف أي "دكليك" إلى غاية رئاسيات 2019، إلاّ أنّها كسرت السيطرة المطلقة "المألوفة" لحزب جبهة التحرير الوطني، وقرّبت إليه غريمه حزب التجمع الوطني الديموقراطي، الذي كان ملاحقا شرسا خلال هذا الإستحقاق الإنتخابي. أسفرت عمليات فرز أصوات الناخبين ليلة أول أمس ومن بعدها النتائج الأولية غير الرسمية التي ظهرت عصر أمس، عن تراجع "الأفلان" في كثير من بلديات الوطن وخسارته عشرات المقاعد لصالح منافسه الأزلي "الأرندي"، حيث ظفر الحزب العتيد ب 603 بلديات من أصل 1316 في 41 ولاية، ملاحقا بقوة من حزب أويحيى، الذي فاز ب 451 بلدية من أصل 1316 على مستوى 41 ولاية، في سيناريو مشابه لذلك الذي سارت عليه أحداث تشريعيات الرابع ماي الأخيرة التي فاجأ فيها ثاني أكبر حزب في ضفة الموالاة الجميع على حساب الحزب العتيد، بحكم تراجع نتائج الأخير مقارنة بتشريعيات 2012. مُبررات فقدان "الأفلان" للأغلبية التي طالما كانت علامة مسجلة بإسمه في مختلف الإستحقاقات الإنتخابية، كما حدث في محليات ال 23 نوفمبر الجاري، وإن تعددت يمكن حصر أهمها في الجدال والفوضى التي صاحبت الحملة الإنتخابية للحزب التي نشطها جمال ولد عباس، الأمين العام للحزب، والتي كشفت من جهة وجها آخرا للرجل من خلال تصريحاته المثيرة للجدل، المجنونة، وغير الواقعية، وضربت من جهة أخرى سمعة الحزب، ما جعل نسبة معتبرة من المواطنين الذين طالما شكلت أصواتهم الوفية دعما قويا للوعاء الإنتخابي ل "الأفلان" تغير ولاءها وتوجه دفة أصواتها نحو تشكيلات سياسية أخرى على غرار "الأرندي" بالدرجة الأولى، كما ساهم في السياق ذاته سخط وعدم رضى القواعد النضالية ل "الأفلان" على قوائم الحزب التي خاضت غمار إستحقاق ال 23 نوفمبر وبشكل بارز في نزيف يمكن وصفه ب "الحاد" في وعاء الحزب الإنتخابي على مستوى بعض بلديات الوطن التي طالما إلتزمت بالوفاء الأعمى واللامشروط له، يضاف إلى ذلك نمو وإرتفاع مد المصوتين لصاح أحزاب أخرى جديدة وقديمة على حد سواء بعيدا عن قوائم "البطل" و"الوصيف" لعدة إعتبارات ربما أهمها رغبة نسبة لا بأس بها من الشارع المحلي في التغيير ورسم خارطة قوى سياسية جديدة على المستوى الوطني، وهو ما إلتمسناه في تعليقات ومنشورات غص بها الفضاء الأزرق منذ بداية الحملة الإنتخابية الخاصة بالمحليات. وعلى ضوء ما سبق ذكره يستمر المنحى التنازلي لشعبية والقوة السياسية لحزب جبهة التحرير الوطني، لتكون محطة ال 23 نوفمبر الجاري الأضعف منذ عقود.