تحولت طرقات مستغانم في الآونة الأخيرة إلى إرهاب حقيقي يحصد عشرات الأرواح سنويا، حيث حوادث المرور في ارتفاع رهيب في هذه الولاية، وأصبحت تسجل حادثين و03 جرحى يوميا وقتيلا في كل 04 أيام. وتشير الإحصائيات السنوية لمصالح الدرك بالولاية خلال سنة 2011، عن تسجيل 82 قتيلا و1028 جريح في 551 حادث مرور، منها 474 حادث جسماني و63 مميتا و17 آخر مادي، وهي أرقام رهيبة تبعث على القلق وتستدعي تكافل كل الجهود للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت تهدد كافة مواطني الولاية وفي أية لحظة. وتشير تلك الإحصائيات إلى تزايد عدد الحوادث بنسبة 90.65 بالمائة من القتلى مقارنة بسنة 2010، وبنسبة 70.65 بالمائة في عدد القتلى، ورغم تراجع عدد الجرحى إلا أن عدد الضحايا ارتفع بشكل رهيب، والتي أرجعتها ذات المصالح إلى حافلات النقل الجماعي التي عرفتها الولاية خاصة بالطريق الوطني رقم 11، والتي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على المسافرين وحتى المارة نتيجة الأعداد الهائلة لتلك المركبات لاسيما بالجهة الشرقية من الولاية، مما خلق منافسة شرسة بين أصحاب النقل الجماعي قصد تحقيق أكبر قدر من الربح ولو كان ذلك على حساب أرواح المواطنين، الأمر الذي يستدعي ضرورة ترشيد هذا القطاع وفق خريطة متوازنة؛ كون العديد من بلديات الولاية لازالت تعرف نقصا فادحا في هذا المجال. إرهاب الطرقات بمستغانم تركز أساسا بالطرق الوطنية التي كانت مسرحا لأثقل حصيلة سُجلت العام الماضي بنسبة تجاوزت 50 بالمائة، وبالأخص بالطريق الوطني رقم 90 أ، الذي نال حصة الأسد من مجموع تلك الحوادث، يليه الطريق الوطني رقم 23 محور غليزانمستغانم، ثم الطريق الوطني رقم 11 الرابط مستغانموهران والشلف على مسافة تزيد عن 120 كم. وبما أن الولاية تتربع على شبكة هامة من تلك الطرقات وعددها 10 ممتدة على مسافة 342 كم، فضلا عن 31 طريقا ولائيا بطول 593 كم و246 طرق بلدية بطول 804 كم، وهي غير مرقمة.. فإن حوادث المرور في تزايد مستمر في ظل المعطيات الجديدة الخاصة بحضيرة السيارات بالولاية التي عرفت زيادة أكثر من 1000 سيارة جديدة من مجموع الحضيرة الولائية التي تضم 78275 سيارة.. فضلا عن السيارات القادمة من شتى أنحاء الوطن بحكم الطابع السياحي للولاية، التي عرفت استقبال أكثر من 08 ملايين مصطاف خلال الصائفة الماضية، وهو ما ظهر جليا في حوادث المرور التي تسجَّل سنويا في تلك الفترة. أما عن الأسباب الكامنة وراء تلك الحوادث المميتة فقد بينت الإحصائيات السنوية أنها تعود أساسا إلى العامل البشري منها، خاصة بالسواق نتيجة التجاوزات الخطيرة وعدم احترام المسافة القانونية والسرعة المفرطة لاسيما في صفوف الشباب.. هذا وكانت وحدات الدرك الوطني المنتشرة عبر تراب الولاية قد أحصت النقاط السوداء في مجال أمن الطرقات، من خلال تعيين أماكن تلك النقاط المتسببة في حوادث المرور، ويتعلق الأمر بمفترق الطرق أوريعة ببلدية مزغران عبر محور الطريق الوطني رقم 11، حيث تَسبب في وقوع 27 ضحية، أغلبهم تلاميذ المدارس، الأمر الذي يستدعي وضع ممر علوي. أما النقطة السوداء الأخرى تلك الموجودة بدوار سيدي المجدوب ببلدية حاسي ماماش بالطريق الوطني رقم 17 بسبب المنعرج الخطير، هذا بالإضافة إلى 13 نقطة سوداء أخرى تتركز معظمها بالجهة الجنونية من الولاية كالصور ووادي الخير. وكانت في كل مرة تتسبب حوادث المرور في خروج المواطنين إلى الشوارع لقطع الطريق وشل حركة المرور.. وإن كانت مصالح الدرك قد ساهمت بشكل كبير في تراجع حوادث المرور من خلال تواجد وحداتها عبر معظم البلديات وبنسبة تغطية 85 بالمائة، في انتظار تدعيم تلك الوحدات بأخرى جديدة في كل من بلديات النكمارية والحسيان والسوافلية والصفصاف وكذا عين سيدي شريف، للوصول إلى نسبة تغطية 100 بالمائة. لكن هذا يبقى غبر كاف في ظل التزايد المستمر لحوادث المرور نتيجة عوامل أخرى، كتدهور حالة الطرقات خاصة بالمناطق النائية، إذ تبقى معظم طرقتها تعاني الاهتراء الشديد وغياب التهيئة اللازمة، ضف إلى ذلك أن معظم تلك الطرقات خاصة غير المرقمة الواقعة بالمناطق البعيدة، لازالت تفتقد إلى إشارات المرور المختلفة بعدما تم سرقتها من قبل عصابات سرقة النفايات المعدنية التي بسطت نفوذها في ظل غياب الرقابة اللازمة رغم مجهودات مديرية الأشغال العمومية بالولاية في احتواء الوضع من خلال رصد أغلفة مالية معتبرة، قصد توفير إشارات أفقية وعمودية.