عطاف يستقبل رئيس غرفة النواب الكولومبية    وزير الدفاع الموريتاني يؤكد رغبة بلاده في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجزائر وبلاده    سوناطراك: حشيشي يعقد اجتماعات مع كبرى الشركات الأمريكية بهيوستن    منتدى الدول المصدرة للغاز : توقع نمو الطلب العالمي ب 2 بالمائة    من 21 إلى 23 أفريل : انعقاد قمة إفريقيا لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات بالجزائر    تجمع حقوقي يستنكر استمرار قوة الاحتلال المغربي في اعتقال ومحاكمة السجناء السياسيين الصحراويين بسبب الرأي    تصعيد خطير في اليوم ال30 لاستئناف العدوان على غزة..عشرات الشهداء بينهم صحافية وتهديد باستمرار الحصار    قالمة : إحياء الذكرى ال 69 لاستشهاد ابنها البطل سويداني بوجمعة    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    ما قام به الانقلابيون في مالي ضد الجزائر نكران لجميلها و افضالها على البلاد    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب : اجراءات استباقية لضمان التموين بالطاقة    الجزائر تعتمد مقاربة شاملة ومتعددة الأطراف لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر    سونلغاز تتوصل إلى اتفاق مبدئي لإتمام محطة عين وسارة عبر مجمع صيني    تواصل هبوب الرياح القوية على عدة ولايات من البلاد إلى غاية يوم غد الخميس    يوم العلم: استذكار مآثر العلامة عبد الحميد بن باديس وتنظيم أنشطة متنوعة بغرب البلاد    إدريس عطية: انتخاب الجزائر لعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي تكريس لثقلها الدبلوماسي وانتصار لمقاربة "أفرقة الحلول"    وزير الاتصال يستقبل وفدا عن منظمة الصحافيين    الرئيس يقود رؤية استراتيجية شاملة    بلمهدي يبرز دور الفتوى    صادي يؤّكد ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    الجزائر تتجه نحو بناء سيادة صناعية وتكنولوجية    جثمان رئيس فيض البطمة يوارى الثرى    توقيع 8 اتّفاقيات بين الجزائر والصين    مختصون يبرزون دور الحركة الإصلاحية    هكذا خرقت فرنسا كلّ الأعراف الدبلوماسية    عدوان الاحتلال الصهيوني على طولكرم ومخيميها يدخل يومه ال80 وسط تصعيد ميداني خطير    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    قسنطينة: تتويج فيلم ''ذات مرة'' في اختتام الطبعة الأولى لأيام ''سيرتا للفيلم القصير''    فصائل فلسطينية: أي تهدئة بغزة دون ضمانات حقيقية لوقف الحرب "فخ سياسي"    من "غير المجدي" الابقاء على زيارته المبرمجة الى فرنسا    خروج مستشفى المعمداني عن الخدمة    الرمان وفوائده.. ومحاذير الإفراط في تناوله    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    تنظيم ملتقى بعنوان دور الشباب في تعزيز التكامل الإفريقي    بالصور ديكورات شتوية مليئة بالدفئ لزوايا المنزل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    كأس الجزائر (نصف النهائي): اتحاد الجزائر يفوز على اتحاد الحراش (1-0 بعد الوقت الإضافي) ويبلغ النهائي    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    البوليساريو تدين كل المحاولات الدنيئة والمغالطات المكشوفة    الاتحادية الجزائرية تقف على آخر الاستعدادات    تبسة تكشف عن قائمة ألف مستفيد من السكن الاجتماعي    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    صدور السيرة الذاتية لجوهر أمحيس أوكسال    الفرقة الفنزويلية تضيء ساحة البريد المركزي    ابن باديس الموحِّد والعالِم والمصلح.. رجل حارب الجهل والتخلف وفرنسا    تحديد موعد مبارتي محليي "الخضر" وغامبيا في تصفيات "الشان"    لوحة فنية جمالية تقاوم الاندثار    "الطرّاح القسنطيني" إرث من الصوف يصارع البقاء    زروقي يلعب آخر موسم له مع نادي فينورد الهولندي    السفير يطمئن على قندوسي    بطولة للشطرنج بين مصالح الشرطة    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شمائل النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية (2)
نشر في السلام اليوم يوم 30 - 01 - 2012


الشّمائل الخِلْقِيَّة
إنّ الأديب الأريب لا يعترف أبدا بالعجز عن الكلام في وصف أيّ شيء، إلاّ أمام أمرين اثنين:
أمام صفات الله عزّ وجلّ، صفاته الدّالّة على الكمال، ونعوته الدّالّة على الجلال، فلا أحد يثني على الله كما أثنى هو على نفسه.
وأمام شمائل النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم لا أحد يمكنه أن يصفه على الوجه الأمثل، والنّعت الأكمل كربّه ومربّيه سبحانه وتعالى، الّذي أثنى عليه فقال تعالى فيه:(وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). ولو تأمّلت البحر في سعته والبدر في إضاءته ونور الشّمس في إشراقته وأطيب الثّمر في طلاوته وخالص العسل في حلاوته، ثمّ نظرت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لجزمت قائلا: ما رأيت أوسع صدرا ولا أكثر للسّبيل إضاءة ولا أشرق وجها ولا أطيب قولا، ولا أحلى كلاما من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وها هو أديب الأدباء وأمير الخطباء عليّ رضيَ اللهُ عنه يريد أن يصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيقف قائلا: “لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ صلّى الله عليه وسلّم”. فأوّل ما يطلبه النّاظر ويسأل عنه الغائب هو:
وجهه صلَّى الله عليْهِ وَسَلَّمَ
فإنّك إن ألقيت نظرة وتأمّلت وجهه التبس عليك الأمر، أتنظر إلى وجه بشر أم أنّه القمر في ليلة البدر! روى التّرمذي بسند صحيح عَنْ جَابرِ بْنِ سَمُرَةَ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيه وَإِلَى القَمَرِ، فَإِذَا هُوَ عِنْدِي أَحْسَنُ مِنَ القَمَرِ”. وروى التّرمذي أيضا بسند صحيح أنَّ رَجُلاً سَأَلَ البَرَاءَ رَضِي اللهُ عنه: أَكَانَ وَجْهُه مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: لاَ، مِثْلَ القَمَرِ”.
- هذا من حيث الإشراق، وهو مثل الشّمس والقمر في الشّكل أيضا، فقد كان وجهه مستديرا وكان رأسه ضخما.
وإذا تأمّلت وجهه، ونظرت إلى فمه وجدته كبيرا وسطا، وعيناه كبيرتان سوداوان قد طال شقّ كليهما، أشفاره هَدْبى.
شعره صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
لقد كان غزير الشّعر، تراه من الأمام يصل إلى أنصاف أذنيه، ومن الخلف فيصل إلى منكبيه فقد كان ذا جُمّةٍ، ولم يكن في شعره شِيبٌ إلاّ شعيرات معدودات، روى البخاري ومسلم عَنْ أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ، فَتَوَفَّاهُ اللهُ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ “.
تسريحه لشعره صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
فقد كان في أوّل أمره يحبّ موافقة أهل الكتاب ومخالفة المشركين، فكان يسدل شعره، ثمّ لمّا بدأ النّاس يدخلون في دين الله أفواجا من وتبيّن له عداء أهل الكتاب من جهة أخرى عاد إلى عادة العرب، وهي فرق الشّعر، روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه أَنَّه كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ رَأْسَهُ”.
حتّى عرقه صلّى الله عليه وسلّم كان أطيب من الطّيب
روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا، وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ”. وروى البخاري عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنْ الْمِسْكِ. وروى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ.. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، قَالَ: وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي، قَالَ: فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ.
جسمه صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
فالكلمة الجامعة في وصفه قول أنس بن مالك في الصّحيحين: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ حَسَنَ الجِسْمِ”. ويقول البراءُ بنُ عازِبٍ رَضِي اللهُ عنه: “مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطْ أَحْسَنَ مِنْهُ” أي: ولا الشّمس والقمر. وقول أبي الطّفيل رَضِي اللهُ عنه - كما في مسلم-: “كَانَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا”. وكان على صدره شعر دقيق، فقد روى التّرمذي في “الشّمائل” بسند صحيح عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “لم يكن بالطّويل ولا بالقصير، شثن الكفّين والقدمين، ضخم الرّأس، ضخم الكراديس أي رؤوس العظام، طويل المسربة أي الشّعر الدّقيق الّذي يبدأ من الصّدر وينتهي بالسرّة، إذا مشى تكفّأ تكفّؤا كأنّما ينحطّ من صبب لم أر قبله ولا بعده مثْلَهُ”.
لون بشرته صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
كان أبيض مشربا بحمرة ذاهبا إلى السُّمرة، روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَلَيْسَ بِالْآدَمِ”، وفي رواية لهما قال رَضِي اللهُ عنه: “كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ”. والأزهر: هو الأَبْيَض المُشَرَّب بِحُمْرَةِ، فعِنْد مُسْلِم عَنْ عَلِيّ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “كَانَ أَبْيَض مُشَرَّبًا بَيَاضه بِحُمْرَةٍ”.
خاتَمُ النُّبُوّة
وعلى جسده الشّريف خاتَم النّبوّة، أي: علامة من علامات نبوّته صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ، تلكم العلامة الّتي ذكرها آخر راهب عاش معه سلمان الفارسيّ رَضِي اللهُ عنه، حين قال له: وَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: (أَيْ بُنَيَّ!..قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ). تلك العلامة الّتي عرفه بها بُحِّيرا الرّاهب، فجهر وسط الصّحراء لسادات قريش: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ! هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ! يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ! فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ: مَا عِلْمُكَ؟ فَقَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنْ الْعَقَبَةِ، لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدَانِ إِلَّا لِنَبِيٍّ، وَإِنِّي أَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ.
طوله صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
ففي حديث أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه السّابق قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ”. وفي رواية أخرى في الصّحيحين قال رضيَ اللهُ عنه” يَصِفُ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ: “كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ”. والرَّبعة: هو المتوسّط الطّول. وقال البراء رضيَ اللهُ عنه في حديثه السّابق: “كَانَ رَجُلًا مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ”. وفي رواية النّسائيّ عَنْ الْبَرَاءِ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: كَانَ رَجِلًا، مَرْبُوعًا عَرِيضَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ، جُمَّتُهُ إِلَى شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ “. ومعنى قوله رَضِي اللهُ عنه: “عَرِيضَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ”: عريض أعلى الظهر.
لباسه صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
روى أبو داود والتّرمذي والنّسائيّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: “كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الْقَمِيصَ”. ومثل ذلك البُرْدَة، وخاصّة البردة اليمانيّة الّتي تصنع من الكتّان والقطن مزيّنة، وهي المعروفة بالحِبَرة، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَيه أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ”.
نعله صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
روى البخاري عَنْ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ رضيَ اللهُ عنه نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ، لَهُمَا قِبَالَانِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ. ومعنى قوله: “لهما قِبالان”: تثنية قِبال، ويُسمّى شسعا، وهو أحد سيُور النّعل، فالقبال هو السِّير الّذي يكون بين إصبعي الرّجل، ومعنى ذلك أنّ إبهامه كانت في شسع، وباقي الأصابع في شسع آخر. وكان يحبّ التيمّن في تنعّله أيضا ومعنى قوله: “جرداوين” أنّهما كانتا سبتيّتين.
خَاتَمُه
الظّاهر أنّه كان له خاتمان من فضّة، أحدهما ذو فصّ من الخرز الحبشيّ، والآخر فصّه من الفضّة نفسها. روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ وَرِقٍ، وَكَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا”.وروى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه أَنَّه كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. وكان يختم به على كتبه، فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ، فَقِيلَ: إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ، فَصَاغَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم خَاتَمًا حَلْقَتُهُ فِضَّةً، وَنَقَشَ فِيهِ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) [كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ ]«. وروى البخاري عَنْ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: “كَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ”. وكان موضع خاتمه اليمين كما في صحيح البخاري عن ابن عمر رَضِي اللهُ عنه، وفي صحيح مسلم عن أنس رَضِي اللهُ عنه.
عمامته صلّى الله عليه وسلّم
أكثر ما كان يعتمّ به صلّى الله عليه وسلّم عمامة سوداء، فقد روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وروى أيضا عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رضيَ اللهُ عنه أَنَّه خَطَبَ النَّاسَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وروى التّرمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه يَسْدِلُ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: وَرَأَيْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.