تعرف معظم شوارع العاصمة عشية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف, انتشارا ملحوظا لطاولات بيع لوازم الاحتفال, وأبرزها المفرقعات, التي عمت مختلف الأسواق الشعبية رغم جهود القائمين على تطبيق قوانين منع المتاجرة. انتشرت طاولات بيع المفرقعات بمختلف أنواعها في مختلف الأسواق؛ إذ يبدو أن المواطنين لا يستغنون عن تلك الألعاب النارية رغم غلاء أسعارها من جهة والأخطار التي تسببها من جهة ثانية. وقامت «السلام» بجولة في بعض الأسواق الشعبية بالعاصمة, حيث وقفنا على تجارة المفرقعات وأنواعها ومصدرها, فرغم مجهودات الهيئات المسؤولة عن منع زحف تلك المنتجات الخطيرة إلا أن ذلك لم يمنع تواجدها بالأسواق ولو كان العرض, هذه السنة, أقل من السنوات الفارطة, إلا أن بارونات التهريب لاتزال تنشط رغم تشديد إجراءات التفتيش والمراقبة. جامع ليهود مهد الألعاب النارية في العاصمة يُعد السوق الشعبي المعروف ب «جامع ليهود» بالقصبة السفلى, أكثر الأماكن التي يتم فيها الترويج لمختلف الألعاب النارية, حيث يُعرف المكان بتواجد أكبر تّجار الجملة للمفرقعات ممن ذاع صيتهم وباتوا مقصد كل الراغبين في تجارة المفرقعات من مختلف الولايات. وكان ل «السلام» حديث مع بعض تجار التجزئة الذين كانوا ينتشرون على طول الطريق الرابط بين «طريق العرايس» و»زوج عيون», حيث كانت بعض الطاولات تحتل مكانا, في حين تم إخفاء الأخرى عن أعين رجال الشرطة. وعن هذه التجارة الموسمية يقول أحد تجار التجزئة أن مع اقتراب موعد الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف من كل عام, يلجأ أغلب الشباب لتجارة المفرقعات؛ لأنها تدرّ أرباحا طائلة. وبخصوص أجود المفرقعات يقول إن كلا من «الشيطانة « و»الوردة» و»الصاروخ» لاتزال على رأس قائمة أجود وأقوى الألعاب النارية بلا منازع, في حين تظل المفرقعات من نوع «الزندة « و»دوبل بوب» أكثر المفرقعات انتشارا بين الأطفال. المفرقعات تهرَّب عبر الحدود الشرقية ولكن السؤال الذي يبقى مطروحا: ما مصدر تلك المفرقعات رغم تشديد الرقابة؟ حاولنا الغوص في تجارة المفرقعات, ولكن التجار كانوا أكثر دهاء, وصاروا يؤكدون أن مسألة إدخال الألعاب النارية لم تعد بالأمر الهيّن؛ فكان من الصعب في البداية أن نجد أجوبة واضحة عن أسئلتنا تلك؛ إذ يبدو أن تجار التجزئة يحتفظون بسر مهنتهم جيدا قبل أن يدلنا أحدهم على أحد أكبر تجار الجملة بسوق «جامع ليهود», الذي أكد لنا, بدوره, أن مصدر تلك المفرقعات راجع لتجار الجملة, الذين يشترونها, بدورهم, من أشخاص متخصصين في تهريب المفرقعات عبر الحدود الشرقية, خاصة تونس وليبيا, إذ يتميز هؤلاء المهربون بقدرتهم على الإفلات والتملص من نقاط التفتيش والمراقبة. قلة العارضين جنبت التجار مطاردات الشرطة أما بخصوص مشاكلهم مع مصالح الأمن فيقول أحدهم أن في هذه السنة لم تكن مطاردات كثيرة لرجال الشرطة, لاسيما أن عدد العارضين في هذه السوق الشعبية قليل جدا مقارنة مع ما كانوا عليه في السنوات الفارطة. وعن سبب غياب لعبة الكر والفر بين رجال الشرطة وتجار المفرقعات هذه السنة يقول بعض التجار: «لم تحدث مطاردات كثيرة بين الشرطة والباعة, خاصة أن أغلب الباعة يختبئون في مداخل العمارات, كما أن الشرطة صارت تتفادى الاشتباك مع التجار غير الشرعيين في الآونة الأخيرة؛ تجنبا لأي نوع من الاحتجاجات». أما عن الإقبال على المفرقعات فقالوا إنه قليل مقارنة بالسنوات الفارطة. وفي السياق قال أحد الباعة أن الرقابة الشديدة تجعل تجارة المفرقعات مهددة بالانقراض؛ إذ كانت هذه التجارة تبدأ أشهرا قبل المولد, في حين شهدت هذه السنة ركودا كبيرا, وبعد أن كانوا يدرّون أرباحا طائلة باتوا مهدَّدين بتخزينها في انتظار ما ستحمله السنة القادمة, مؤكدا, في نفس الإطار, أن الوعي الديني والفتاوى لا تصب بتاتا في صالح تجارتهم, فيما قال آخر أن الإقبال يكون أكثر كثافة خلال اليومين الأخيرين, مؤكدا أن من المواطنين من يقصد المكان في اليوم الأخير؛ طمعا في انخفاض أسعارها.