إلى الشرق من تيسمسيلت وفي سفح المداد الشهير تمتد الذاكرة التاريخية لتروي بطولات شتى لرجال آثروا الموت من أجل أن يحيا الوطن ، وقد قدموا أروع صور البطولة وسط ظروف قاهرة ، والشيء الوحيد الذي يمكن للمرء أن يبرر عبره تلك البطولات النادرة هو القول بانفراد جيل كامل بخصائصه التي من الصعب رؤيتها مجددا في تاريخ الجزائر إن لم يكن ذلك مستحيلا. مثال اليوم يتعلق بعائلة الإخوة بودرنان التي قدمت خمسة شهداء في سبيل الوطن كان أبرزهم الجيلالي بودرنان الذي ولد عام 1934 بقرية الشعبة في سفح غابة المداد قرب ثنية الحد ، فقد نشأ في حضن عائلة ريفية تعتمد على خدمة الأرض و العمل الثوري عبر عمليات الدعم المختلفة للكفاح المسلح. التحق جميع أفراد عائلة بودرنان بالثورة بدءا بالأخ الأكبر أحمد بودرنان الذي عمل في مصلحة الألغام بالناحية الرابعة – المنطقة الثالثة – في الولاية الرابعة ، وقد تتابعت عملية انضمام عائلة بودرنا نال ى الثورة عبر : * بختي المولود عام 1922 والذي استشهد في جبل عمرونة في 20 أفريل 1961 * أمحمد المولود بتاريخ 1928 و الذي شغل منصب محافظ سياسي ، استشهد عام 1960 بجليدة في عين الدفلى . * بوعربة المولود بتاريخ 1928 و الذي فر سابقا من سجن وسارة و استشهد عام 1961 * محمد المعروف بالعيد المولود عام 1943 ن استشهد في المداد عام 1961 أما والد هؤلاء الشهداء فهو محمد المولود بتاريخ 1896 و المسجون سابقا في سجن ثنية الحد ، أما عبد القادر فقد سجن هو الأخر في ثنية الحد بين عامي 1960و 1962 ، إضافة إلى حفيد العائلة الطيب الطي التحق بالثورة وسنه لم تتجاوز السادسة عشر . يعتبر الجيلالي من أبرز أفراد العائلة و أكثرها نشاطا خلال الثورة فقد اُجبر على أداء الخدمة العسكري بالفيتنام ، وبعد العودة إلى الجزائر التحق بصفوف الثورة حيث تعددت أعماله العسكرية في المداد و نواحي ثنية الحد و هذا ما منحه تدرجا في سلم المسؤوليات بدءا من رئيس فوج في الكتيبة الحسنية إلى قائد فصيلة فقائدا للكتيبة اليوسفية وصولا إلى مسؤول الناحية الرابعة في المنطقة الثالثة ، وقد أصبح الجيلالي بودرنان مسؤولا عسكريا للمنطقة الثالثة و قد تواصل مجهود الشهيد في المنطقة إلى غاية استشهاده نهاية شهر أفريل عام 1961 بنواحي زدين في قرية الزعاطرة حيث قاتل باستبسال حيث نقل عبر طائرة عسكرية بعد أن أصيب بجروح ، غير أن محاولته الفرار من الطائرة أثناء هبوطها بثنية الحد أدت إلى إطلاق النار عليه مرة ثانية ، وفي وقت لاحق نقل إلى مركز عين التوتية بالحسنية حيث تعرض للتعذيب و الاستنطاق لينقذ فيه حكم الإعدام هناك . لخضر سعيداني – نقلا عن مجلة أول نوفمبر، جويلية 2010، ص 84/86 – بتصرف