عادت ظاهرة انتشار "العقارب" بعدة مناطق من ولاية الجلفة لتطرح نفسها بشدة هذه السنة مع اشتداد فصل الحر الذي تزامن هذه السنة مع شهر رمضان وتسجيل عشرات الحالات من التسمم العقربي كان بعضها مميتا. ورغم انعدام إحصائيات دقيقة حول مدى انتشار التسمم العقربي بولاية الجلفة ومناطق التركيز إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى تسجيل العشرات من حالات التسمم بعدة بلديات بالجلفة من بينها حوالي 30 حالة "بالإدريسية" الواقعة شمال غرب مقر الولاية وعدة حالات ببلديات جنوب الولاية كمنطقة "قطارة" و"دلدول" و"عمورة" و"أم العظام" و"مسعد" التي سجلت بها حالتي وفاة بفعل لدغات العقارب منذ بداية فصل الصيف. وكانت ولاية الجلفة قد سجلت السنة الماضية أكثر من ألف حالة تسمم عقربي خلفت عدة وفيات من بينهم أطفال حيث أن معظم الحالات سجلت بالقرى والمدن النائية خاصة مناطق جنوب الولاية "كتاعظميت" و"قطارة" و"مسعد" و"فيض البطمة" و"أم العظام" التي عرفت لوحدها تسجيل 20 حالة تسمم عقربي في ظرف شهر. وككل سنة، تطرح بشدة مشكلة ضعف التغطية الصحية بالمناطق النائية والجنوبية لولاية الجلفة والتي غالبا ما تكون سببا في استحالة التكفل بضحايا التسمم العقربي سواء بسبب انعدام توفر المصل المضاد أو عدم قدرة المراكز الطبية لبلديات الجنوب تحويل المرضى إلى مستشفيات أخرى بسبب عدم توفرها على سيارات إسعاف وهو ما دفع بالعديد من الأطباء والمختصين إلى دعوة السلطات العليا للبلاد اعتبار لسعات العقرب قضية صحة عمومية والعمل على توفير مصحات متنقلة متوفرة على المصل المضاد في المناطق النائية للحد من هذا المشكل. العقارب تقاوم المبيدات والإشعاعات النووية وعلى عكس المعتقد السائد، فإن الوقاية من التسمم العقربي لا يمكن أن تكون بتوفير المبيدات لأن العقارب أثبتت أنها تقاوم كل أشكال المبيدات الكيماوية إذ يقول في هذا الصدد الدكتور "بادة عبد الرحمان" في تصريح ل"صوت الجلفة"، وهو مختص في مجال الوقاية وله عدة دراسات حول ظاهرة التسمم العقربي، أن انتشار ظاهرة لسعات العقارب راجع إلى أسباب تنموية لا علاقة لها بالمجال الصحي. ويرى الدكتور بادة أن "الوقاية من لسعات العقارب تستدعي تطوير شبكة الإنارة العمومية باعتبار أن العقرب تحبذ التنقل في الظلام ولا يمكنها تحمل الضوء الذي غالبا ما يستعمل كتقنية في حملات جمع العقارب" مضيفا بأن التنمية المحلية هي الحل الوحيد للحد من انتشار العقارب داخل المحيطات العمرانية حيث أثبتت التجارب التي قام بها بمنطقة "تقرت" أن العقرب تهجر المناطق المعبدة والمتوفرة على الإنارة والنظافة في حين أنها تنتشر في المناطق الملوثة والمظلمة. وأوضح محدثنا حول مسألة حملات الرش بالمبيدات ضد العقارب أن كل التجارب أثبتت أن الوقاية هي الحل الوحيد للحد من التسمم العقربي بحيث أن العقارب لا تتأثر بأي مبيد بل أنها مقاومة حتى للإشعاعات النووية في مناطق "رقان" و"أدرار". كما اعتبر المختص أنه يتحتم على السلطات الصحية تشجيع حملات جمع العقارب باعتبار أنها تعود بفائدة مزدوجة وذلك بالتقليل من نسب اللسعات من جهة وتوفير سم العقارب الذي يستعمل من طرف معهد "باستور" في صناعة المصل المضاد.