زيارة والي الجلفة الأخيرة إلى دائرة الإدريسية كانت كمن يزيل التراب على بلديات مقبورة منذ قرون، لكثرة المهازل التي تحدث هناك، وأغرب ما سمعته خلال الزيارة عبارة قالها شاب لا يتجاوز عمره 17سنة "لو كنت بلطجيا لأخذت حقي بيدي"، ولا أعرف ما هو حقه الذي لم يحصل عليه، وكنت أتمنى أن يسمعه الوالي ليسأله عن الجهة التي ضيعت حقه! العبارة التي قالها الشاب تؤكد حقيقة مرة هي أن الإخوة "البلطجية" أصبحوا شخصيات مهمة في البلاد، يفرضون سيطرتهم على مؤسساتها بعدما احتلوها باستخدام السيوف والخناجر، وأن البلاد أصبحت ساحة للفوضى، أو كأنها غابة تغزوها الوحوش الضارية، ولا أحد فيها يرحم الآخر أو يبالي بالقانون. "البلطجية" يتخرجون على يد مسؤولين متخصصين، على نفقة الدولة، ولا أحد يمكن أن يعيش بدون الآخر، خصوصا أن معظم الهيئات لا تعترف إلا بمن يحمل "شهادة بلطجي"، ولا أحد يهمه مستقبل البلاد، ولا أدري لماذا يحاكم البلطجي الصغير ويغض الطرف عن البلطجي الكبير، وعن من كان السبب في " تبلطيجه". المؤكد أن تلك العبارة سوف تظل تتدحرج من شاب إلى آخر، حتى تترسخ في أذهان الناس ثقافة "التبلطيج" ويتحول المجتمع كله إلى "بلطجية"، عندها لا أحد يمكن أن يضيع حقه، لكن المؤكد أيضا هو أن البلاد لن يتحقق بها الأمن، ولن تعرف أي تطور، وتلك هي المصيبة.