لم يلبث برنامج (البرنامج) السياسي الساخر أن يعود حتى بات اسم مقدمه الإعلامي باسم يوسف يتردد في أروقة الهيئة القضائية في صورة بلاغات مقدمة ضده للنائب العام، فهل تستطيع تلك البلاغات إيقاف مسيرة البرنامج؟ برنامج (البرنامج) الساخر والمثير للجدل عاد على شاشتي MBC مصر وDW عربية لينتقد الأوضاع القائمة في البلاد، والتي يرى فيها مقدمه باسم يوسف مبالغة من أشخاص عدة في التملق للشخصيات الحاكمة وأبرزهم وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي. كذلك انتقد يوسف توجهات الإعلام ومبالغات مقدمي البرامج التلفزيونية. لكن تلك الانتقادات لم تمر مرور الكرام على بعض هؤلاء، فقد قرروا أن يقدموا بلاغات ضد مقدم (البرنامج) تتهمه فيها بالسب والقذف وتهم أخرى عديدة. إهانة السيسي وتمنيات بوقف برنامجه الكاتب الصحفي مصطفى بكري، رئيس تحرير جريدة الأسبوع وعضو مجلس الشعب السابق، تناول يوسف بعض مواقفه بالسخرية في برنامجه. وقد تقدم بكري ببلاغ للنائب العام ضد كل من يوسف وقناة MBC اتهمهم فيها بالسب والقذف والسخرية من شخصه والتشهير به بشكل يخرج عن حدود النقد المباح. وقد أشار بكري في تصريحات إعلامية أن البلاغ الذي قدمه للنائب العام المستشار هشام بركات يحتوي على مضمون الحلقات وعبارات السب والقذف. وقد أكد بكري أنه ليس ضد النقد لكنه يرفض إهانة (الرموز الوطنية) على حد تعبيره في تصريحاته الإذاعية. ولم يكن بكري الشخص الوحيد الذي تقدم ببلاغ ضد يوسف، فقد تقدم أيضاً الكاتب الصحفي عادل حمودة ببلاغ للنائب العام ضد الإعلامي الساخر اتهمه فيه بالسخرية منه وتشويه صورته والاستهزاء بقيادات القوات المسلحة وإهانة المشير السيسي وتضليل الشعب المصري. كذلك تقدم المحامي رمضان الأقصري ببلاغ يتهم فيه يوسف بإهانة الشعب المصري والسخرية من القوات المسلحة. وقد أحال النائب العام البلاغات للتحقيق. ووجد موقف بكري وحمودة والأقصري مساندة من بعض مؤيدي المشير السيسي. عن ذلك يقول ويقول أحمد علاء، مؤسس إحدى الصفحات الداعمة للسيسي على فيسبوك، إن ما يقوم به يوسف هو (تشويه ممنهج) للمشير ومحبيه في محاولة منه لمنعه من الوصول لمقعد الرئاسة. لكن علاء يؤمن بأن شعبية السيسي ستتغلب في النهاية على سخرية (البرنامج)، فيما أعرب عن تمنيه إيقاف البرنامج. (البرنامج فقد الكثير من محبيه بعدما تتطاول باسم (يوسف) على المشير السيسي والقوات المسلحة)، يقول علاء. ويتابع مضيفاً: (أتمنى حقاً أن تؤخذ تلك البلاغات بجدية وأن تعاقب المحكمة يوسف على تطاوله بحق الشخصيات المحترمة والمؤسسات الوطنية وتوقف البرنامج). لا خطر على البرنامج لكن تلك البلاغات لن تصل إلى المحكمة في الغالب حسب الرأي القانوني للمحامي الجنائي أسامة محمد أحمد. ويوضح أحمد قائلاً: (كل تلك البلاغات مصيرها الحفظ فبالنسبة للسب والقذف بمحتوى البرنامج في حق الشخصيات المتقدمة بالبلاغات لم يتضمن ما يدخل في إطار مفهوم السب والقذف في القانون). المحامي المصري قائلاً: (السب والقذف في القانون هو أن يتعرض أحد لشخصك أو شرفك أو مالك أو ذمتك أما ما يفعله يوسف فيدخل في نطاق نقد الأفعال وليس الأشخاص). وشبه أحمد محتوى برنامج يوسف برسوم الكاريكاتير التي تنشر في الصحف يومياً وتتناول الوزراء والشخصيات العامة بشكل كوميدي (ولم تدخل أبداً تلك الرسوم الكاريكاتورية في جدلية السب والقذف)، موضحاً أنه لا خطر على استمرار البرنامج. أما عن التهم الموجهة ليوسف بإهانة الشعب المصري والقوات المسلحة والمشير السيسي فيقول أحمد إن محتوى البرنامج لم يتناول إهانة للشعب المصري، (وحتى إذا تناول، فالنائب العام وحده من يحق له تحريك دعوة بذلك. كذلك بالنسبة للسيسي والمؤسسة العسكرية فليس من حق أحد أن يقدم بلاغات باسمهم قانوناً دون توكيل رسمي). ويوضح هذه النقطة قائلاً: (ليس من حق أحد التقدم بشكوى إلا صاحبها أو من يحمل توكيلا رسميا من صاحبها. إذن فالبلاغات المقدمة المتهم فيها يوسف بإهانة السيسي أو المؤسسة العسكرية يجب أن يحركها إما السيسي نفسه أو المؤسسة العسكرية وليس أحد آخر). ويشير المحامي المصري إلى أن فتح التحقيق في البلاغات هو إجراء طبيعي يجب أن يتبع مع أي بلاغ وإذا ما رأت النيابة العامة وجود جريمة فسوف تحرك الدعوة الجنائية وهو ما يستبعده في بلاغات يوسف. ويختتم بالقول: (حتى لو فرض وحركت النيابة الدعوة الجنائية ضده، فالقضية مناطها البراءة وهناك سوابق كثيرة في هذا المجال). لعبة سياسية أكثر منها إعلامية أما من الناحية الإعلامية فلا ترى عندليب فهمي، عضو هيئة تدريس كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، تجاوزاً في حق الشخصيات مقدمة البلاغات من جهة يوسف. ورغم اعتراضها على بعض ألفاظ يوسف في برنامجه، إلا أن فهمي ترى أن ذلك ليس تجاوزاً في سياق التنويه المسبق الذي يذاع قبل بدء البرنامج وينوه على المحتوى اللفظي ويصنفه للكبار فقط. وترى الباحثة الأكاديمية أن ما يتناوله يوسف في برنامجه لا يتعدى مساحة النقد الساخر. وتقول: (يوسف لديه مستشارين قانونيين يراجعون الحلقات ويعرفون جيداً الفارق بين النقد والسب). أما عن البلاغات المقدمة ضد مقدم (البرنامج) فترى فهمي أنها (عرض إعلامي) ليس الغرض منها التأثير على البرنامج بقدر التودد لأصحاب النفوذ، مشيرة إلى أنها تحولت إلى لعبة سياسية أكثر منها إعلامية. وتؤكد أن تلك البلاغات لن تؤثر على حرية الإعلام كما أكدت أنه ليس من حق أحد انتقاد ما يقدمه البرنامج، إذا ما ارتضى أن يشاهده (لأن ببساطة من لا يعجبه المحتوى باستطاعته أن يغير القناة بضغطة زر).