أتساءل أحياناً، لماذا تتغنى الكتابات بالأمِ وحنانها، وتدمع الأقلام المبدعة سيولاً من حبر الكلام الشاعر بالأم وقلبها الرؤوف، بينما نراها تتكاسل وتخِرُ قِواها فيما يناظرها من عطفِ الأب وحنانه؟ فلنقف قليلا مع هذه الآيات الكريمة قال تعالى (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) (هود: 42) هنا لاحظتُ قلب نوحٍ الأب الذي غلب عقله كنبي، فلو حاولنا أن نتخيل تقاسيم وجه أبانا نوحٌ في لحظة وقوع ما تسرده الآيات الآتية.. تخيلوا كيف كانت عينا نوحٍ عليه السلام وتقاسيم وجهه وهو يستجدي ولده الهالك بعقوقه ... يستجديه كي لا يرى فلذة كبده تموت أمام ناظريه رغم علمه بكُفره ويقينه بعقوقه، ورغم أن زوجته كانت من ضمن الهالكين إلا أنه لم يذكره، ولكن تفكير الأب هنا يقول : لا يهُم ... المهم أن تنجو كبدي.. تخيلوا بالله عليكم صرخة الأب في قوله تعالى: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) (هود :45) تخيلوا في الصرخة (إن ابني من أهلي) حين تُنسي الأبوة الرجل نبوءته السماوية حين يتوسل ربه حياة كافر، وينسبه إلى نفسه مستشفعاً له! ونرى اليوم الكثير من متحجري القلوب من الأبناء، يقطعون قلوب أبائهم عقوقاً وعصيانا فلا تُرهِقوا آباءكم بعصيانكم، فوالله إن دمعةً واحدة تجري على لحية شيب متحسرة كفيلة بإغراقكم كما أغرقت ابن نوح مشاهير قالوا عن الأب: يزأر الأسد ولكنه لا يلتهم صغاره- مثل بلغاري. من لا يستطيع أن يقوم بواجب الأبوة، لا يحق له أن يتزوج وينجب أبناء- جان جاك روسو. ليس هناك فرح أعظم من فرح الابن بمجد أبيه، ولا أعظم من فرح الأب بنجاح ابنه- سوفوكليس. نعرف قيمة الملح عندما نفقده، وقيمة الأب عندما يموت- مثل هندي. ليس أرق على السمع من كلام الأب يمدح ابنه- ميناندر. الأب هو الشخص الوحيد الذي لا يحسد ابنه على موهبته- جوته. أب واحد أفضل من عشرة مربين- جان جاك روسو يا صاحب القلب الكبير ... يا صاحب الوجه النضير ... يا تاج الزمان ... يا صدر الحنان ... أنت الحبيب الغالي .. وأنت الأب المثالي ... وأنت الأمير ... لو كان للحب وساماً .. فأنت بالوسام جدير ... يا صاحب القلب الكبير ... اللهم متع كل أب بأولاده ومتع كل الأولاد بأبائهم اللهم اغفر لأبي وارحمه، اللهم ارحم أبي وآباء المسلمين أجمعين و ارحم أمي وأمهات المسلمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات اللهم أغفر لوالداي وأرحمهما كما ربياني صغيرا