أكّد علي بن واري المرشّح الحرّ رئاسيات 17 أفريل 2014 والخبير الاقتصادي والمسؤول بوزارة المالية سابقا أن اقتصاد الجزائر على مشارف أزمة جدّ خطيرة ولابد من تدارك الأمر في الانتخابات المقبلة كونها الفرصة الأخيرة حسبه لإنقاذ البلاد من الخطر المحدق بها، وأوضح أن برنامجه يضمن الأمان الاقتصادي للجزائر من خلال تأسيس مليون شركة جديدة في ظرف 5 سنوات لو وصل إلى الحكم. وأشار المرشّح الحرّ للرئاسيات المقبلة في حوار أجرته معه (أخبار اليوم) إلى أن الجزائر لن تدفع سنتيما واحد من أموال الخزينة في الاستثمار المسطّر له خلال السنوات الخمس القادمة إذا أصبح رئيسا لها، بل سيتمّ الاعتماد على أموال الأسواق الموازية، مؤكّدا تغييره للعملة الوطنية في حال فوزه في الاستحقاقات المقبلة. * (أخبار اليوم): ترجّح مصادر من المجلس الدستوري فرضية إقصائك من سباق الرئاسيات بسبب (ازدواجية الجنسية)، ما تعليقك إن تأكّد الخبر؟ وهل تتوقّع ذلك؟ ** علي بن واري: لا توجد ازدواجية للجنسية، فأنا احترمت كلّ الشروط المطلوبة دون استثناء، وهذا لن يمنع أن أصبر ثلاثة أيّام وسيتجلّى الأمر لدى إعلان المجلس الدستوري عن النتائج الأخيرة للقائمة الخاصّة بمترشّحي 17 أفريل القادم. * قلت سابقا إن (كلّ سياسة تتوخّى تقويم الماضي لا ترتكز على إحقاق حقوق المواطن الأساسية ستؤول إلى الفشل غير أن برنامجي بالنّسبة للجزائر يتضمّن هذا الجانب بشكل واسع)، هل يمكنك توضيح خصوصية برنامجك وما يميّزه عن البرامج الأخرى؟ ** أجل، البرنامج مبني على نتائج الستينيات والسبعينيات وكلّ الحكومات السابقة وما تحقّق من إنجازات، وماذا فعلوا بالموارد وإذا كانت على مستوى الموارد أم لا، خاصّة ارتفاع سعر النفط سنة 1999 والمبالغ الضخمة التي كسبتها الجزائر آنذاك، والتي كانت تسمح للبلاد بنمو أكثر ونمو القارّة الإفريقية ككل. النتائج التي وصلت إليها الجزائر الآن لم تكن في الموارد الضخمة التي كسبتها آنذاك، بل على مستوى ميزانيات 23 فشل منها الرّشوة والمردودية الضعيفة لأن هناك مقاييس دولية لتأسيس المؤسسات والشركات، وهنا الجزائر صنّفت من الأواخر في كلّ المجالات وهي مقاييس واقعية. والتساؤل المطروح نحن في الجزائر لدينا الأموال والأراضي الصالحة للفلاحة فلِم لم نستثمر في أيّ مجال؟ لم نستطع التوجيه ليكون هناك ازدهار في البلاد وهذا بداية التفكير والجواب كان واضحا وهو عدم الحرّية في النّظام الذي لا يسمح للجزائريين بفرض أنفسهم، النّظام فشّل الشعب معنويا ولم يتركهم يستثمرون، ماذا سنفعل لمّا تنتهي الثروة النفطية في الجزائر؟ لا يوجد شيء إنتاجه في الجزائر، بل كلّ شيء مستورد من الخارج وحتى الماء الشروب يتمّ استخراجه من النفط لكن تسيّره شركات أجنبية. كم سنة ستعيش الجزائر بنموذج الحكم؟ وتحليلي أن سنة 2014 هي مرحلة حاسمة وستدخل الجزائر في محنة كبيرة ليس لها مثيل، أين سيكون انفجار مع وجود قوى انفصالية في البلاد تنتظر الوقت لتهجم، وإذا وصلنا إلى سنة 2019 ولم نغيّر السياسة الاقتصادية للبلاد ستنقص الثروة وهن هنا تنجرّ ثلاثة مخاطر: انهيار في أسعار النفط لأن أمريكا اكتشفت الغاز الصخري في أراضيها وهي التي كانت تعتبر المستورد الأكبر، السوق سيتغيّر وسيكون العرض أكثر من الطلب، سيكون انخفاض سريع مثل ما عشناه في سنة 1986 والتي جرّتنا إلى أحداث 5 أكتوبر 1988 وأحداث العشرية السوداء، والتي لم نكن نتوقّعها ولم نكن محضّرين لمواجهة هذا العجز، وسيحصل لنا نفس الشيء لا قدّر اللّه وبأكثر خطورة إن لم نتغيّر. أمّا الخطر الثاني فهو انخفاض الإنتاج لأن الملامح بدأت تظهر لأن كمّية النفط في حاسي مسعود وحاسي الرمل، حيث بدأت في 2013 بمعدل انخفاض يقدّر ب 10 بالمائة من المحروقات واليوم دخلنا في مرحلة خطيرة. والخطر الثالث هو الاستهلاك الداخلي وارتفاع عدد السكّان وارتفاع الطلب نتيجة ارتفاع الأجور ونتيجة الدعم للمواد الاستهلاكية، وذلك أدّى إلى الارتفاع الداخلي للطاقة التي هي في الأصل مشتقّة من المحروقات. ونحن البلد الوحيد الذي ليس لدينا كيلواط أن مولّدات الكهرباء تعمل بالغاز، حينها سيكون الطلب كثير على البنزين والغاز وغيرهما وهذا سينقص من الفائض، والذي سيؤثّر بذلك على الصادرات. * وعدت بأن يكون في برنامجك الرئاسي تحسين المستوى المعيشي للمواطنين عن طريق تبنّي أشكال جديدة للتسيير الاقتصادي والسعي للقضاء على البطالة والإصلاح الاقتصادي من خلال اعتماد مخططات جديدة للتنمية على المدى الطويل وإنعاش القطاعات الأخرى خارج المحروقات، كيف ستخلّص الجزائر من تبعيتها للنفط إن وصلت يوما إلى الحكم؟ علما بأن إنعاش الصناعة نقطة مشتركة بين برامج مختلف المترشّحين. ** لم أرَ مرشّحا قدّم إلى حد الساعة برنامجا كفيلا بإنعاش الجزائر، الإصلاحات كلّها تهدف إلى حلّ المشاكل التي تعيشها الجزائر، سواء البطالة، السكن، القدرة الشرائية الضعيفة والحرّيات الفردية والجماعية، (الحفرة) مثلا ليس لها دخل بالاقتصاد لكنها تؤثّر على مردود العامل وقد تدفعه إلى الخروج من الجزائر. إصلاحاتي تهدف إلى استقلالية العدالة ولابد أن يحسّ المواطن الجزائري بأنه حرّ في وطنه، فأنا لم أر برنامجا أهدافه واضحة طرح من قِبل أيّ مرشّح في الوقت الرّاهن، والأساس أن نعرف كيف نسطّر برنامجا مُلمّا بكل الجوانب ونطبقه. * تطرّقت إلى مشروعك الإصلاحي الذي سيحقّق بشكل ّمعمّق وسلمي وتدريجي، واعتبرت أن المنافسة الانتخابية القادمة ستمنح (الفرصة بتغيير الوجهة في جميع الميادين)، كيف ذلك؟ ** كي تنجح الإصلاحات التي سطّرتها لابد أن أشجّع النّاس والعمل الجماعي ولابد أن أحرّك البلاد بطريقة جماعية وبمشروع الاستثمار في المادة الأوّلية ألا وهي الإنسان في حدّ ذاته ونعرف كيف نجعله يفرغ ما بجعبته من طموح ورغبة في الوصول إلى الاستثمار، والمشروع الطموح يتجلّى بعد 20 سنة، أين ستكون الجزائر أغنى بلد في العالم، وبعد 5 سنوات ننتقل إلى جمهورية ثانية تسمح لنا بالوصول إلى طموح 20 سنة. ولابد من تصحيحات هيكلية في شتى المجالات بطريقة تدريجية وملموسة كلّ سنة، وكذا تبنّي النتيجة، هذه هي فلسفة البرنامج والتغييرات المبرمجة في برنامجي الرئاسي، والتي ستعطي للشعب لوحة يرى من خلالها الملموس وسنخرج بعد 5 سنوات من الجاذبية النّظامية. * تعهّدت بالقطيعة التامّة مع النّظام السياسي الذي قلت إنه لم يعد الجزائريون يطيقونه، سواء من ناحية ممارسة السلطة أو حول الشفافية، مرجعا السبب إلى سوء التسيير الذي لم يصحّح أبدا على حد قولك، كيف يمكنك أن تفسّر ذلك؟ ** أوّلا العدالة التي هي أساس دولة القانون، والتي لابد أن تفصل أوّلا بين السلطات الثلاث في البلاد (السلطة التشريعية، القضائية، التنفيذية)، والمادة 54 من الدستور تنصّ على أن رئيس الجمهورية صاحب السلطة التنفيذية وهو الذي يترأس المجلس الأعلى للقضاء، لذا لابد من استقلالية القضاء، الشعب الجزائري لا يعرف المرض من أين بيْد أنها ترتكز في عدم استقلالية العدالة. إعطاء السلطة للمجالس الشعبية، حيث لابد أن تلعب المجالس البلدية والولائية دورها التام في التسيير، ويجب أن تمنح الدولة لهذه المجالس التسيير اللاّ مركزي مع تخصيص مواد ضخمة للبلديات والولايات كونهم أدرى باحتياجات المواطنين وهم الأكثر قربا منهم، إلى جانب تخصيص مال خاصّ بالإصلاحات من أجل تعديل البلديات والولايات. ومن الضروري أن يكون نظام الاقتراع تعدّديا، أي تحصّل المنتخب على 1 بالمائة في الانتخاب يعادل كرسيا واحدا في المجلس، سواء البلدي أو الولائي، ولو طبّقنا في سنة 1990 نظام الديمقراطية لما دخلنا في حرب الديكتاتورية ولما أخذ الحزب المنحلّ (الفيس) الأغلبية، ولو أدخلنا الديمقراطية لكان التعدّد ولتعلّمنا سياسة التنازل. * وعدت الشعب الجزائري خلال إعلانك الترشّح بإقرار (الحداثة) و(الثقة بالنّفس) وتشجيع (الزعامة)، إضافة إلى إقامة (جمهورية جديدة) مزوّدة ب (دستور وأدوات اقتصادية في مستوى التطلّعات)، وضّح ذلك... ** أجل، وذلك من خلال الإصلاحات التي ننتج منها الإصلاح النقدي والضريبي: العملة الصعبة أو النقد والنّظام الجبائي، والذي يؤثّر على كلّ القطاعات، وهذا الجانب سيسهّل الإصلاح في جميع القطاعات، حيث أن الدينار سيصبح قابلا للتحويل والضرائب سأنزلها إلى 10 بالمائة موحّدة، سواء كانت 10 أو 12 أو 15 بالمائة لأن الحقيقة المرّة هي أن أغلب المؤسسات والشركات لديها ميزانية مزوّرة، وهذا التزوير لا يسمح لها بإقامة شراكة مع مؤسسات وشركات أجنبية، على غرار تونس والمغرب اللتين برزت شركاتهما على مستوى الأسواق العالمية، في حين بقيت الجزائر تتخبّط في حمّى الاستيراد، والرشوة أصبحت كسرطان ينخر بلدنا الجزائر. الأموال المكدّسة في البيوت لابد أن تستثمر في البنوك لتخدم الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى عدم دفع الضرائب، وهكذا نبقى في تبعية للمحروقات لأنه ليس لدينا بديلا، لذا لابد من تنمية السوق المالي بتشجيع مهن رؤوس الأموال وبنوك الأعمال، وكذا بديناميكية بورصة الجزائر بجميع أقسامها ك (السندات، الأسهم....)، التخفيف من القيود البيروقراطية التي تخنق المبادرة وتعيق الاستثمار، تحديد سياسة حديثة وشفّافة لإدارة الأصول العامّة (الشركات، البنوك، الأراضي...)، إلى جانب طرح في 2014 (القرض الوطني للتضامن) لتزويد برؤوس الأموال صناديق التنمية الجمهورية المكلّفة بتمويل الوظائف المنتجة من أجل الشباب واستئناف التصنيع في البلاد.