يتناول الكثيرون تغريدات الفريق أول ضاحي خلفان تميم على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) بالكثير من السخرية من منطلق التقليل من أهميتها، ولكن وبعد متابعتها طوال السنوات الأربعة الماضية متابعة تحليلية علمية راصدة، يمكن القول أن الرجل (لا ينطق عن هوى) وأنه يمثل سياسة رسمية، يقوم بالترويج لها في الوسيلة الأكثر انتشارا وتأثيرا في الوقت نفسه، أي (التويتر)، حيث يعتبر واحدا من الأكثر متابعة (عدد متابعيه حوالي 605 آلاف متابع). فلو عدنا إلى الوراء قليلا، نكتشف أن معظم ما غرد به كان معلومات مؤكدة، وأن كل ما تنبأ به، وحذر منه تحقق، اتفق البعض معه أو اختلف، ويكفينا الإشارة إلى تغريدته التي توقع فيها سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر في غضون خمس سنوات، وقد اتهمه الكثيرون بالمبالغة، والإفراط في التفاؤل بل وحتى (بالهلوانية) والتهريج، ولكن واقع الحال لم يكن كذلك، فالرجل مسؤول أمني كبير في دولته (نائب رئيس الشرطة وقوات الأمن أي للشيخ محمد بن راشد حاكم دبي)، ويملك كنزا من المعلومات والوثائق بحكم وظيفته، ولا نبالغ إذا قلنا إنه جهاز الإعلام الأخطر لدولة الإمارات العربية المتحدة وحلفائها. سألت هذه (الصحيفة) قبل أشهر مسؤولا كبيرا في دولة الإمارات عما إذا كانت تغريدات الفريق خلفان (الاستفزازية) لحركة الإخوان المسلمين، والشيخ يوسف القرضاوي تحديدا من (عنترياته)، فأجاب بأنه يعترف بطابعها الاستفزازي، وأكد (أن الرجل لا يغرد خارج السرب وإنما من داخله) لكن ما نختلف فيه معه (هو في طريقة التعبير وليس في الجوهر والمضمون). تذكرنا هذا الكلام ونحن نقرأ ما غرد به الفريق خلفان على موقعه الرسمي أول أمس وصباح أمس، وأعطى فيه دولة قطر (إنذارا) حتى نهاية عطلة عيد الفطر المبارك قائلا (إما أن تنضم إلى سربنا (الخليجي) أو أن تفارقنا.. مع السلامة)، وقال إن (رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بريء مما يتهمه به معظم العرب)، وأضاف، وهنا بيت القصيد، (أكد لي مصدر مطلع أن حمد بن جاسم ليس له دخل في تغريد قطر خارج السرب الخليجي، وأن ذلك خلافا لقناعته الشخصية). هذا الكلام على درجة كبيرة جدا من الخطورة، فتبرئة الشيخ حمد بن جاسم من سياسات دولة قطر الحالية التي هي موضع خلاف وغضب مع المثلث السعودي الإماراتي البحريني، هي مقدمة (لتبنيه) لأدوار قادمة، وربما كبديل للقيادة القطرية الحالية. نفهم إعطاء القيادة القطرية الحالية مهلة حتى نهاية عطلة عيد الفطر القادم للعودة إلى السرب الخليجي بأنها رسالة تقول بكل وضوح إذا لم تنفذوا طلباتنا فإن (البديل جاهز). الأمر شبه المؤكد أن السلطات القطرية سترفض مثل هذه التهديدات الراهنة، مثلما رفضت سابقتها في الماضي، وتصريح وزير الخارجية القطري خالد العطية الذي حل محل الشيخ بن جاسم في وزارة الخارجية، وقال فيها إن دولة قطر دولة ذات سيادة ولا نقبل الامتلاءات هو الدليل على هذا الرفض، ولكن ربما يتم التخفيف من (الغلواء) في دعم الإخوان المسلمين، وحدة العداء مع السلطات المصرية الحالية، وخير مؤشر على إرساله برقية، أي العطية، إدانة دولة قطر للهجوم الذي وقع يوم السبت في منطقة مسطرد شمال القاهرة في (مصر الشقيقة) وأسفر عن مقتل ستة من عناصر الشرطة العسكرية، هو مقدمة لرغبة قطرية في إصلاح العلاقات مع (مصر السيسي). المثلث السعودي الإماراتي البحريني سيواصل ضغوطه على قطر في الأسابيع والأشهر المقبلة، وخطوة سحب السفراء من الدوحة ربما تكون الخطوة الأولى، وأن خطوات أخرى ربما قادمة، مثل إغلاق الحدود البرية والأجواء الجوية، ولكن تغريدات الفريق ضاحي تشير إلى الخطوة الرابعة، التي وردت في تهديدات جيرمي شابيرو رئيس لجنة التخطيط والمساعد الأبرز لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، أي خلق انقسامات في الأسرة الحاكمة القطرية ودعم الجناح الآخر المعارض. تبرئة الفريق ضاحي للشيخ حمد بن جاسم والإيحاء بأنه لم يكن راضيا عن السياسة القطرية التي تغرد خارج السرب الخليجي يمكن أن يفهم منها أمران، فإما أنه يريد (حرقه) لأنه قام بزيارة إلى باكستان لمحاولة ضمها إلى تحالف تركي قطري، بتكليف من (الأمير القطري الوالد) الذي ما زال الحاكم الفعلي، أو (تلميعه) لدور قادم، واستخدامه ورقة للضغط على القيادة القطرية الحالية. الاحتمالان واردان.. والفريق ضاحي هو ناقل للرسالة أيضا وليس واضعا للسياسات وعلينا الانتظار حتى يهدأ غبار تغريداته!.