لم تنتظر الطبقة السياسية أن يقوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأداء اليمين الدستورية ليشرع رسميا في ممارساته مهامه الرئاسية لعهدة جديدة، بل استبقت ذلك وشرعت في شنّ ما يمكن وصفه بعملية ضغط سياسي عليه بهدف دفعه إلى التعجيل بتنفيذ وعود العهدة الرّابعة، وفي مقدّمتها الذهاب بالإصلاحات إلى أبعد مدى ممكن ومكافحة الفساد وتعديل الدستور في أقرب وقت ممكن. اتّفقت أطياف الطبقة السياسية، موالاة ومعارضة، على ضرورة طيّ صفحة الانتخابات الرئاسية التي كرّست فوز بوتفليقة بثقة الجزائريين للمرّة الرابعة، كما اتّفقت على أهمّية التعجيل بوفاء بوتفليقة بوعوده الموجودة في برنامجه الانتخابي. وبينما يركّز عامّة الجزائريين على الشقّ الاجتماعي في البرنامج من خلال الحلم بالتخلّص من بعض المشاكل والأزمة وفي مقدّمتها أزمتا السكن والبطالة، يشدّد فرقاء الساحة السياسية على أهمّية تنفيذ الوعود السياسية في برنامج بوتفليقة الانتخابي. ويعطي جزء كبير من المعارضة الأولوية لمكافحة الفساد والضرب على أيدي المفسدين، بينما يرى البعض ضرورة التعجيل بالتعديل الدستوري باعتبار الدستور سيرسم خارطة طريق المرحلة القادمة، في حين يؤكّد كثيرون أن الأهمّ من هذا وذاك هو الذهاب بالإصلاحات السياسية إلى مداها المطلوب، مع الاستعانة بكفاءات لتسيير الجهاز التنفيذي من خلال تعيين حكومة تكنوقراطية. في هذا السياق، عبّر الحزب الوطني الجزائري عن امتنانه وفخره بالشعب الجزائري الذي جدّد الثقة وأعاد انتخاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة، للحفاظ على الأمن واستقرار وتجنّبا للفتنة والاحتقان في البلاد. داعين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للمباشرة بالإصلاحات السياسية التي وعد بها في الحملة الانتخابية وإشراك كل الشركاء السياسيين في إعداد دستور توافقي حقيقي ويفتح صدر للجميع. كما أكّد الحزب في بيان تلقّت (أخبار اليوم) نسخة منه أمس على ضرورة مباشرة الإصلاحات الجذرية والحقيقية، مع تفعيل كلّ الآليات الفعّالة لمحاربة كلّ أنواع الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة من الخزينة العمومية، إضافة إلى رفع كلّ الضغوطات على بعض وسائل الإعلام التي أغلقت وإشراكهم في مشروع البناء والتجديد. كما اعتبر ذات الحزب أن إعادة انتخاب بوتفليقة فرصة ثمينة وجديدة يجب استغلالها إيجابيا للمرور إلى مرحلة بناء الجزائر، وكذا فتح صفحة جديدة مع جميع السياسيين للمشاركة في حوار سياسي حقيقي وفعّال بعيد عن كلّ الحسابات والحساسيات الضيّقة التي لا تخدم الجزائر. كما أكّد الحزب الوطني على ضرورة اجتماع جميع السياسيين دون تهميش أو إقصاء لأيّ طرف حتى نسعى معا لانتقال ديمقراطي حقيقي للحفاظ على الحقوق السياسية واخترام الحرّيات وحقوق الإنسان، ضف إلى ذلك القضاء بصفة نهائية على كلّ أساليب القمع الرّافظة لتكريس الحقوق الدستورية التي تتطلّب حسب ذات الحزب فتح كلّ قنوات الحوار وتفعيلها ميدانيا لتمتين روابط التواصل بين السلطة والشعب والحرص كلّ الحرص على المصداقية بينهما للمرور إلى بناء الجمهورية الثانية الحديثة التي يحلم بها كلّ الشعب الجزائري. كما وجّه الحزب الوطني الجزائري نداء إلى كلّ الشركاء السياسيين، سواء كانوا في السلطة أو المعارضة وبوجه خاص رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن توضع المصالح العليا للبلاد فوق كلّ الاعتبارات والابتعاد عن الأنانية الضيّقة التي لا تبني ولا تجمع، كما استنكر بشدّة العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت لجنود البواسل بولاية تيزي وزو، مؤكّدا على تضامنه ودعمه للجيش الوطني الشعبي في مواجهة كلّ أنواع الإرهاب الهمجي. كما دعا الحزب اللّواء عبد الغني هامل المدير العام للمديرية العامّة للشرطة إلى أن يواصل في الإصلاحات التي بادر بها مند تولّيه هذا الجهاز ومحاربة كلّ الأساليب السلبية التي تمسّ بسمعة هذا الجهاز.