يوجد إجماع لدى الطبقة السياسية في الجزائر، على المطالبة بإرجاء تعديل الدستور إلى ما بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن المرجح أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يستعد لطرح ثالث تعديل دستوري منذ اعتلائه السلطة، دون الالتفات إلى هذه المعارضة التي تزداد اتساعا. ويكاد يكون تأجيل تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة في أفريل المقبل، المطلب السياسي الوحيد الذي تتوافق بشأنه في الوقت الحالي، غالبية القوى والأحزاب والتكتلات السياسية، على اختلاف مواقفها من السلطة ومن قرارات الرئيس بوتفليقة، قبل فترة قصيرة. وبتفصيل المواقف، يتفق رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله الذي يدعو إلى ”إصلاح شامل لعيوب الدستور الحالي بعد الانتخابات الرئاسية”، مع مطالبة الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون بتأجيل مراجعة الدستور إلى ما بعد الرئاسيات. ويعتقد رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في تصريح ل”الخبر”، أنه ”من الحكمة السياسية تأجيله إلى ما بعد الانتخابات”، وقال ”ليوضح لنا الرئيس بوتفليقة ما هي الضرورة القصوى التي تستدعي تعديل الدستور قبل الرئاسيات، لا توجد ضرورة”. وفسر رئيس حركة النهضة، فاتح ربيعي، في لقاء مع ”الخبر” موقف الحركة الداعي إلى إرجاء تعديل الدستور بكون ”الرئيس بوتفليقة يسعى لتعديل الدستور لحسابات انتخابية، وهذا سيؤدي إلى خلق دستور مشوه ومضبوط بحسابات سياسية ظرفية”. ويطرح رئيس حزب الحرية والعدالة، محمد السعيد محاذير ”كثرة التعديلات على الدستور” ويرى أن ”تعديل الدستور يتطلب توافقا سياسيا من أجل ضمان استقرار مؤسسات الدولة”. ويعبر رئيس جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، عن ذات الموقف قائلا إن ”اللجوء في كل مرة إلى تعديل الدستور أمر يسيء إلى سمعة الجزائر”. وينخرط في هذا الموقف حزب الأرسيدي، الذي طرح مشروع دستور للنقاش العام بعنوان ”إعادة تأسيس الدولة الوطنية الجمهورية”. وقبل أسبوع، كانت ثلاث كتل سياسية قد طالبت بإرجاء تعديل الدستور، وأصدرت مجموعة 14 التي يشارك فيها حزب ”الفجر الجديد” و”جيل جديد” وحركة مجتمع السلم، لائحة دعت إلى إرجاء التعديلات الدستورية إلى ما بعد الرئاسيات. وأطلقت ثلاث شخصيات سياسية، هي وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، والضابط السابق في الجيش أحمد عظيمي، والعضو السابق في الأفافاس محمد أرزقي فراد، مبادرة تتضمن رفض تعديل الدستور قبل الرئاسيات. كما وقّع 45 اسما من الإعلاميين وناشطين حقوقيين على مبادرة تتضمن المطلب نفسه. وبرغم مجمل هذه المواقف الرافضة لأي تعديل دستوري قبل الرئاسيات، فإن الرئيس بوتفليقة لا يبدو أنه سيستجيب لمطالب الطبقة السياسية، وسيتوجه إلى عرض مقترحات التعديل الدستوري على البرلمان قبل نهاية السنة الحالية، خاصة بعدما أعلن الوزير الأول عبد المالك سلال قبل أسبوعين، أن فريق الخبراء الذي كلف من قبل الرئيس بوتفليقة أنهى صياغة التعديلات الدستورية وسلّمها إلى الرئيس.