سننتقم من فرنسا عاجلاً.. أم آجلاً طالب عبد الحميد سلاقجي رئيس جمعية 8 ماي 1945، في حديث ل(أخبار اليوم) الرئيس عيد العزيز بوتفليقة بمناسبة إحياء ذكرى مظاهرات 8 ماي 1945، بتجريم ومحاسبة فرنسا على جرائمها التي لن يسامح الشعب الجزائري مُرتكبيها، مُتطرقا إلى العديد من قضايا التاريخية العالقة، ووجه رسالة جيل المستقبل باعتباره أكثر حظا من جيل الثورة. "أخبار اليوم": كيف أنشئت جمعية 8 ماي 1945؟ - إن الجمعية أنشئت في إطار القانون في التسعينات مع انفتاح قانون التعددية الحزبية، وقد تأسست تحت رعاية المجاهد بشير بومعزة. * كيف حضّرتم للمسيرة والخروج إلى الشارع للمطالبة بالوعود التي وعدتكم بها فرنسا في ماي 1945؟ - إن مظاهرات 8 ماي غنية عن التعريف منذ 69 من الاستقلال عند الشعب الجزائري والعالم ككل الشاهد على المجزرة التي ارتكبت في حق الجزائريين، أن المظاهرة كانت سلمية ومشروعة للاحتفال بالنصر ضد الفاشية النازية آنذاك، حيث خرج الشعب الجزائري والحركات الشعبية الوطنية كباقي الشعوب الحلفاء للمطالبة بحقه وفي الاستقلال ضد الاستعمار الغاشم الذي احتل الجزائر، ولكن كانت صُعوبات في البداية في قضية الترخيص للمسيرة، لأن الوطنيين توجهوا إلى الشارع للتعبير عن نصرهم، وبعد عناء طويل استطعنا الحصول عليها واجتمع الشعب الجزائري بأكمله بكل فئاته انطلقت المسيرة ابتداء من الساعة الثامنة والنصف صباحا رافعين شعارات الجزائر حرة، الجزائر مسلمة، أطلقوا صراح المساجين، التي تعتبر طلبات تشير إلى السيادة الوطنية، حيث حمل العلم الجزائري شاب في مقتبل العمر اسمه شراقة عيسى طويل القامة اختير من بين المناضلين وكلف بحمله لما نصل إلى الشارع أين يوجد المعمّرين في قسنطينة بالضبط في حي 8 ماي 1945 الذي سمي به الشارع مناسبة الأحداث والذي كان يقطنه المعمّرين الفرنسيين. ورفع العلم ورفرف في السماء مع الاستماع إلى الأناشيد الوطنية التي تشير إلى الاستقلال، حيث بدأ البوليس الفرنسي في إطلاق النار على الجزائريين بدون رحمة أو شفقة إضافة إلى تغلغلهم داخل المظاهرات، حيث وقعت الفوضى كبيرة بين الناس وقتل الشاب الحامل للعلم بعد ساعتين من إطلاق الرصاص عليه، بعد ذلك انتشرت فكرة الجهاد والقتل في ولايات الوطن بعد أن أصبح البوليس الفرنسي يطلق النار عشوائيا في كل الجهات لمدة عشرة أيام إضافة إلى الاعتقالات المتكررة. * هناك جدل واسع حول الحصيلة الحقيقية لعدد شهداء المجزرة 8 ماي، هل تعطينا الرقم الحقيقي للشهداء؟ لدينا مدة ونحن نبحث في التاريخ مع الأساتذة والمؤرخين سواء كانوا جزائريين أو فرنسيين أو أجانب كل اتفقوا على 45 ألف شهيد لأننا لم نسجل الرقم الحقيقي إضافة إلى الجرحى الذي لا يمكن معالجتهم معناها البوليس يقضي عليه، أما المؤرخين الفرنسيين فحصيلة الشهداء عندهم 1500 وهناك من يقول أكثر من ثلاثين ألف، أما الجنرال دوفال الذي كان يحكم ولايات برج بوعريريج، سطيف، قسنطينة في تقاريره ثمانية آلاف شهيد. الحصائل الفرنسية كاذبة ولم تعط الرقم الحقيقي لعدد الشهداء لحتى الآن. * كيف لم يحاسب الاستعمار الغاشم حتى الآن على جرائمه.. ألم ترفعوا عليه دعوى قضائية أمام المحكمة الدولية؟ - منذ 8 ماي 1945 وإلى لحد الآن فرنسا لم تعترف بالجريمة ضد الإنسانية التي قامت بها ضد الشعب الجزائريوفرنسا لم تقتصر جرائمها في 8 ماي بل في كافة التراب الوطني من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، الصحراء الجزائرية التي يعاني حتى الآن سكانها من الألغام التي دفنتها فرنسا في صحراءنا الشاسعة، ومن مليانة إلى وادي الشلف.. فرنسا قامت بالجريمة العظمى حيث قتلت الشعب بكل أنواع المتاحة آنذاك. * هل تعتبر مجازر 8 ماي الدافع الحقيقي للشرارة التي أدت إلى اندلاع ثورة نوفمبر المباركة؟ - الشعب بعد مسيرته في 8 ماي.. طالب بالسيادة الوطنية، لكن فرنسا انتقمت من الجزائريين بطريقة بشعة هذا الأمر أدى إلى تعاون وتضافر جهود الحركات الوطنية والمناضلين من أجل تحرير الجزائر ورفع شعار ماأخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة، واندلعت ثورة التحرير التي خلقت أفواج في وسط الحركة الوطنية وبدأت النوايا في بناء حزب الشعب وحركة تنادي بالمقاومة بالسلاح التي انفصلت عن الحركة التي تنادي بالحلول السياسية وفجرت الثورة في الفاتح من نوفمبر واستمرت حتى الاستقلال 1962. * الجزائر كانت قد طالبت فرنسا الاعتراف وتعويض الجزائر بما اقترفته في السابق لماذا لم تكتمل العملية؟ - لما استقلت الجزائر قررنا بوضع ملفات خاصة بين يدي الأستاذ عمار تومي رجل القانون والوزير السابق في عهد بن بلة إضافة إلى أحد الأصدقاء من محامين في جبهة التحرير في فرنسا وصديق فرانس فانون، لقد قاموا برفع دعوى قضائية في فرنسا لكن للأسف لم تأت بنتيجة لأن لا نملك صوتا قويا بين مجموعة الدول العظمى لمقاضاة المجرمين فالجزائر ليست عضوا في هذه المجموعة بالتالي لا يمكن أن نكون في المحكمة التي تقاضي فرنسا وغيرها من المجرمين، والسؤال يطرح على المسؤولين على قضايا القانون في وزارة العدل والناشطين القانون. بالنسبة لكتابة التاريخ منذ سنة 1962 ونحن نناضل من أجل محاكمة الاستعمار، حيث نملك من الأدلة بما فيه الكفاية من أرشيف والشاهدين وتصريحات. نطلب من وسائل الإعلام والطلبة والمؤرخين للتعريف بالتاريخ الجزائر الكبير وفتح قنوات خاصة باغتنام فرصة انفتاح مجال السمعي البصري والكم الهائل من القنوات للقبام بأفلام للذاكرة التاريخية وكذلك حصص بالحرب التحريرية المجيدة للتعريف بها للأجيال القادمة والحالية.. نطالب المؤسسات الدستورية والرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتجريم الاستعمار والتشهير بما ارتكبه ليعرف العالم قساوته وظلمه وليعرف جيل المستقبل ما حدث لجيل الثورة. الاستعمار الفرنسي منذ 1832 الى 1962 قتل سبعة ملايين شهيد جزائري.. لقد سلبوا منا كل شيء خيراتنا وأرضنا، آخر المطاف التفجيرات 17 تفجيرا نوويا في الصحراء المتواجدة حتى الآن، اضافة إلى المعاقين والمشوهين حتى الأكل مثل طماطم أدرار مسمّمة. أسئلة تطرح عن دور وزارة الصحة ووزارة البحث العلمي والتكنولوجي وعن متابعة فرنسا قضائيا، جرائمها تعد كجريمة هيروشيما، نكازاكي في اليابان. * هل تتلقون الدعم المادي من قبل الحكومة أو جهات أخرى؟ لم تكن في البداية جمعية وطنية لكن الدولة الجزائرية قائمة بدورها وبمهامها بالإجابيات والسلبيات وهذا ما نلاحظه في جامعات والمرافق الاجتماعية والثقافية، ونحن مع الدولة ظالمة أو مظلومة البرامج لا تهمنا الميدان والحقيقة على أرض الميدان عكس بعض الأحزاب التي تهتم بالبرامج دون تطبيقها، المهم في الأمر خدمة صالح البلاد وسندافع عن الذاكرة ولذلك نطالب الاعلام ليسجل ناريخ وذاكرة الجزائر، ونقول لفرنسا "تطولي ولا تقصري منخافوش منك سننتقم".. * مارأيك في وزير المجاهدين الجديد الطيب زيتوني باعتباره بن شهيد وليس مجاهد؟ - عادي باعتباره جزائري المهم في الأمر تطبيق سيادة القانون وإرساءه ونشكر برنامج المجاهد الأسبق عبادوا الذي اهتم بالمجاهدين وابناء الشهداء ونحن كأسرة ثورية وجمعية المعطوبين والمجاهيدن والشهداء وأرامل وأبناء نبارك للوزير الجديد ونطالبه في تصنيف مشروع نوعية الشهيد وكل ضحايا 8 ماي 1945.. * كيف يرى عبد الحميد سلاقجي شباب الجزائر في 2014 مقارنة بشباب 8 ماي 1945، وماهي الرسالة التي توجهها لجيل المستقبل بهذه المناسبة التاريخية العظيمة؟ -التكنولوجيا والفضاءات التي لم تتوفر لجيل الثورة كما تتوفر لجيل الاستقلال من جامعات ومرافق ثقافية واجتماعية، فجيل الأمس همه الوحيد تحقيق الاستقلال والحرية، حتى ولو كانت السلطة شمولية أو دكتاتورية الا الواقع عكس ذلك فلقد دخلنا معركة حرية التعبير والفصل في السلطات والعدالة والإعلام وكذا الفصل بين المنظومة التربوية لذلك نطلب من الجيل الحالي التنظيم والنظام فرسالة الرئيس بوتفليقة واضحة وصريحة لكل الشباب الصحفيين والمهنيين. لذلك لابد من استغلال فرصة للذهاب إلى التغيير والديمقراطية لبناء البلاد وليس خراب البلاد التي ضحى من أجل الشعب الجزائري يالنفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة. في العهدة الرابعة نحن نرى بعيون حالمة وآملة في جيل المستقبل ويتحكم في زمام الأمور نبارك التغيير الجديد وندعم كتابة ونشر التاريخ.