مجهودات جبارة لاستقبال مغتربينا عبر مطار هواري بومدين فضل أغلب أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج الوافدين إلى أرض الوطن البقاء مع العائلة والأقارب ومشاركتهم أفراحهم خاصة هذه السنة التي تزامن فيها شهر رمضان مع العطلة، والذي سيعطيها دون شك نكهة خاصة بالنسبة لهؤلاء الذين افتقدوا النكهات المناسباتية المميزة، ما جعل البعض الآخر يؤجلون عطلتهم للاستفادة من هذه المناسبات والاحتفال بها بوطنهم، فمع اقتراب هذا الشهر الفضيل يستقطب طبق (الشوربة) برائحته الزكية الجالية المغتربة، حيث فضل العديد من المهاجرين الدخول إلى الجزائر لقضاء هذا الشهر وسط أهاليهم داخل ربوع البلاد لإحياء هذه الفضيلة في جو يعمه الحب وتملؤه الروابط الإنسانية. روبورتاج: حسيبة موزاوي ومن هذا المنطلق قررت (أخبار اليوم) نقل مختلف آراء المغتربين حول قضائهم لشهر رمضان في الجزائر بين الأهل والأحباب ليعيشوا (بنّّة) هذا الشهر الفضيل، بعيدا عن مرارة الغربة، حيث كانت وجهتنا الأولى إلى مطار (هواري بومدين) أين التقينا جمعا غفيرا من المغتربين الذين حطت بهم الرحال في أرض الوطن. المغتربون: لا بديل عن رمضان في أرض الوطن من بينهم (سلمى) قدمت من (إسبانيا) لقضاء أيام من شهر رمضان مع عائلتها المقيمة ب (القصبة) و عن زيارتها للجزائر تقول (لقد قدمت رفقة زوجي ولم أحظ بجلب أولادي معي لأنه وللأسف لكل واحد منهم شغله الخاص به تزامنا مع هذا الشهر الفضيل بالذات، بالإضافة إلى أنهم قد تعوّدوا على قضاء هذا الشهر في الغربة، وكلما تقدّم بي السن زاد حنيني لوطني واشتياقي لأهلي، حيث أصبحت لا أستطيع صيام رمضان في مجتمع غربي لا يقدر هذه المناسبة). أما بخصوص علاقة أبنائها الذين ولدوا وترعرعوا في إسبانيا، فتؤكد أنها ربتهم منذ الصغر على تعاليم ديننا الحنيف، خاصة ما تعلّق بفريضتي الصلاة والصيام. وتضيف في الجانب ذاته (لقد ربيتهم على صيامه وقيامه، صحيح أنني وجدت صعوبة في مرحلة معينة، خاصة أن أغلب من يحتكون بهم هم أجانب لا علاقة لهم بالصيام ولكن سرعان ما تعودوا على ذلك). "ريحة" رمضان تعبق من بعيد السيد كمال كان جالسا في المطار يترقب قدوم أخته رفقة زوجها وأولادها الذين طال غيابهم في المهجر، حيث بدت السعادة على وجهه وهو بانتظار وصول الطائرة التي تقل شقيقته المقيمة بمدينة (لومان) الفرنسية، التي لم يتمكن من رؤيتها منذ أربع سنوات بسبب انشغاله بأمور العمل، وعلى غرار ذلك أضاف (شهر الرحمة والغفران سيجمع أخيرا الأهل بعضهم البعض)، ليستقبل في غضون ساعات شقيقته (غنية) وعائلتها الصغيرة بكل شوق ولهفة. ومن جانبها السيدة(غنية) شقيقة (كمال) تأثرت كثيرا لرؤية أخاها في استقبالها بالمطار، مضيفة أنها سعيدة جدا لأنها ستقضي أحلى الأوقات وأجمل مناسبة دينية في الجزائر برفقة أهلها وأولادها لأول مرة منذ أربع سنوات من الغياب عن الوطن، كما أشادت (ببنة) أو (ريحة) رمضان المتميزة في الجزائر عن باقي البلدان الأخرى بتنوع الأطباق الشهية من (دولمة) و(الكباب)، ورقائق البوراك اللذيذة، وشوربة الفريك والعديد من الأطباق التي تعذر عليها ذكرها، كما نوهت بدور السلطات الجزائرية التي سهلت مهمة الدخول إلى الجزائر مع اقتراب موسم الاصطياف المتزامن مع حلول شهر رمضان الفضيل. وعن الإجراءات المتخذة في المطار، فقد أكدتّ ذات المغتربة أنها تحسّنت كثيرا مقارنة مع السنوات السابقة، أين كانت الإجراءات تتجاوز الساعة في حال كان هنالك عدد كبير من المهاجرين، وتقول في السياق ذاته (لقد لاحظت زيادة عدد العمال في المطار خاصة في مجال توجيه المسافرين ما سهّل علينا الإجراءات التي لطالما أرّقتنا في سنوات سابقة). التفاف الأهل في أجمل مناسبة ومن جهتها (صبرينة) المقيمة بمدينة (ليون) الفرنسية، جاءت خصيصا من أجل قضاء عطلتها السنوية في الجزائر، وحسب المتحدثة فإنها اختارت هذه الفترة تحديدا من أجل قضاء شهر رمضان وسط أهلها وأحبابها. وأكدت أنها قررت السفر كل سنة إلى الوطن قبل الشهر الفضيل، لأن ذلك يسهلّ عليها صيام رمضان في أحسن الأحوال، بعدما استأجرت بيتا خاصا في مدينة (بوسماعيل) لتضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، فمن جهة، الاستمتاع برمضان في بيت قريب من الشاطئ للاستجمام، و من جهة أخرى قضائها لشهر رمضان رفقة ابنتها وزوجها، لتبقى برمجة السهرات الرمضانية في موعد لاحق، فالمهم بالنسبة للمغتربة هو أن تكون بين أهلها خلال هذه الفترة. وعن رمضان في الغربة تقول هذه الأخيرة (إنه يفتقد للعديد من الأشياء من بينها (ريحة) رمضان التي تكون قوية بتوابل التي تضاف على الأطباق من دون نسيان الوجبات التقليدية التي تزخر بها الجزائر والمبهرجة بوجود الأهل والأقارب، فرغم أن (فرنسا) من الدول التي تضم عددا كبيرا من المهاجرين المسلمين وأغلبيتهم جزائريون، ورغم أن لهذه السيدة علاقة وطيدة بعدد من الأصدقاء إلا أن رمضان في الوطن الأم لا مثيل له على حدّ تعبيرها). قلوب تملأها الفرحة بعد النزول في المطار ومن خلال تواجدنا بالقرب من موقف السيارات بالمطار، لمسنا فرحة وبهجة هؤلاء بوصولهم إلى البلد، حيث كان لنا حديث مع إحداهن وهي السيدة (فريدة) القادمة من مدينة (نيس) الفرنسية، و قالت لنا (لقد تعودت على زيارة الجزائر ولو مرة في السنة ولكنني قررت إمضاء عطلتي الصيفية المقدرة بشهرين منها شهر رمضان الذي يعتبر الأول من نوعه داخل الوطن، كما ستتسنى لي فرصة التجول عبر مختلف ولايات الوطن، والتبضع بالمراكز التجارية الجزائرية لاقتناء السلع التي لا توجد بالأسواق الفرنسية باعتبارها منتجات محلية لأن مستلزمات الطبخ في الجزائر لا أثر لها في أوروبا. وفي نفس السياق، أجمع معظم من تحدثنا إليهم على أن رمضان خارج الوطن لا طعم ولا لون ولا رائحة ولا طقوس له في ظل غياب العائلة، فالأجواء الرمضانية بالجزائر لها طعمها المميز يستحيل أن يكون لها بديل في أي بلد، هذا من جهة ومن جهة أخرى أشاد هؤلاء بالتنظيم المحكم والإجراءات التي اتخذتها الدولة في السنة الماضية وخصوصا هذه السنة كذلك من حيث سرعة الإجراءات. مجهودات جبارة لاستقبال المغتربين عرف مطار (هواري بومدين) دخولا معتبرا للجالية الجزائرية المقيمة في المهجر لقضاء العطلة الصيفية نظرا لتزامنها مع شهر رمضان، زاد ذلك من نشاط كافة مصالح المطار من أجل استقبال حسن، وتأمينه من جهة أخرى، وخلال زيارتنا لمطار (هوراي بومدين) لاحظنا أن الدولة سخرت كل الوسائل من أجل إستقبالهم، فالحركة لا تتوقف بشهادة عاملين في عين المكان، ومصالح الأمن لا تبرح أماكنها ولا تغفل عن الشاردة والواردة في المحيط، علما أنهم يشتغلون في المطار انطلاقا من نظام الدوام الذي يستمّر 24 ساعة على 24 ساعة، ليتوافق مع مواعيد وصول وإقلاع الطائرات أين تزيد الحركة في المطار ويزيد معها عمل الجمركة، حيث يقوم هؤلاء بمراقبة الوثائق والأمتعة لكل من يدخل تراب الوطن الجزائري وذلك تفاديا لدخول أو خروج مشبوهين ومجرمين. ونظرا لتزامن موسم الاصطياف وشهر رمضان عرف مطار هواري بومدين حالة من الطوارئ، حيث بذلت الدولة أقصى مجهوداتها للاستقبال الجيد للجالية الجزائرية في بلاد المهجر ولاستقبال الزوار القادمين من مختلف البلدان الأخرى، حيث يقول بعض العاملين إنهم تعودوا على هذه الحركة الديناميكية المستمرة والدؤوبة في الصيف من كل سنة، فإذا كان الصيف فترة راحة واستجمام للكثير من العمال فإن وتيرته تزيد بالنسبة لعمال المطار فعيونهم لا تنام محدقة في كل صغيرة وكبيرة طوال فترة دوامهم التي تتجاوز فترة العامل العادي التي تقدر بثماني ساعات، ولكن تعودهم على قضاء ساعات وساعات طوال بدون حساب وفق ما يقتضيه واجبهم المهني ووتيرة العمل في سبيل السهر على رعاية وحماية الوطن والمواطنين واستقبال المغتربين في ظروف أحسن لإبراز الصورة الإيجابية عن مطارات الجزائر بالنظر إلى دورها الفعال في مختلف التعاملات التجارية والاقتصادية الهادفة إلى الرقي بالوطن.