يفضّل الكثير من المغتربين الدخول إلى أرض الوطن من أجل صيام الشهر الفضيل بين الأهل والأقارب، ما دفع بمسيري مطار هواري بومدين إلى اتخاذ كافة الإجراءات لتسهيل عملية التنقّل من خلال الخدمات التي استحسنها بعض المغتربين المقيمين في المهجر والذين دخلوا الجزائر هذا الصيف. يحرص الكثير من المغتربين على قضاء شهر رمضان بالوطن بحثا عن تلك النكهة التي يفتقدونها في الغربة، فكثيرا ما يشعرون بحنين كبير مع اقتراب الشهر الفضيل وسائر المناسبات والأعياد. "السلام" التقت بعدد من المغتربين الذين دخلوا مؤخرا إلى الجزائر عبر مطار هواري بومدين ومنهم (ح .ب) المقيمة بمدينة "ليون" الفرنسية التي جاءت خصيصا من أجل قضاء عطلتها السنوية في الجزائر، وحسب المتحدثة فإنها اختارت هذه الفترة تحديدا من أجل أن تقضي شهر رمضان وسط أهلها، التي تقول إنها جدّ مشتاقة لهم خاصة أنها لم تدخل الوطن خلال السنتين الفارطتين. هذا وتؤكد (ح.ب) أنها قررت السفر كل سنة إلى الوطن قبل شهر رمضان لأن ذلك يسهلّ عليها كثيرا الصوم، خاصة بعدما استأجرت بيتا خاصا سيجمعها رفقة ابنتها وزوجها طيلة شهر رمضان لتبقى برمجة السهرات الرمضانية في موعد لاحق، فالمهم بالنسبة للمغتربة هو أن تكون بين أهلها خلال هذه الفترة. وعن رمضان في الغربة تقول محدثتنا إنه يفتقد للعديد من الأشياء رغم أن فرنسا من الدول التي تضم عددا كبيرا من المهاجرين الجزائريين، ورغم أن لهذه السيدة علاقة وطيدة بعدد من الأصدقاء إلا أن رمضان في البلاد لا مثيل له على حدّ تعبيرها. الابن "فرات" هو الآخر دخل الوطن رفقة والدته وكله شوق لقضاء رمضان في بلاده ولأول مرة في حياته ولكن ظروفه كانت أقوى منه عندما وجد نفسه مضطرا للعودة إلى فرنسا لاجتياز امتحان يحصّل من خلاله ما ينقصه من نقاط لنيل شهادة البكالوريا. وعن الإجراءات المتخذة في المطار فقد أكدّت ذات المغتربة أنها تحسّنت كثيرا مقارنة مع سنوات سابقة، أين كانت الإجراءات تتجاوز الساعة في حال كان هناك عدد كبير من المهاجرين، وتقول في السياق ذاته: "لقد لاحظت زيادة عدد العمال في المطار خاصة في مجال توجيه المسافرين ما سهّل علينا الإجراءات التي لطالما أرّقتنا في سنوات سابقة". فاطمة هي الأخرى قدمت من مرسيليا لقضاء أيام من شهر رمضان تقول عن زيارتها للجزائر: "لقد قدمت لوحدي لأن أولادي تعوّدوا على قضاء هذا الشهر في الغربة، وكلما تقدّم بي السن زاد حنيني لوطني حيث أصبحت لا أستطيع الصيام في مجتمع لا يحيي هذه القيمة الدينية". أما بخصوص علاقة أبنائها الذين ولدوا في فرنسا مع هذا الشهر فتؤكد أنها ربتهم منذ الصغر على تعاليم ديننا الحنيف، خاصة ما تعلّق بفريضتي الصلاة والصيام. وتضيف في الجانب ذاته: "لقد ربيتهم على صيامه وقيامه، صحيح أنني وجدت صعوبة في مرحلة معينة، خاصة أن أغلب من يحتكون بهم هم أجانب لا علاقة لهم بالصيام ولكن سرعان ما تعودوا على ذلك". مطار هواري بومدين ..تجنيد مسبق نظرا لتزامن موسم الاصطياف وشهر رمضان عرف مطار هواري بومدين دخولا معتبرا للجالية المقيمة في المهجر لقضاء العطلة الصيفية وحتى أيام شهر رمضان. حركية دؤوبة تلك التي يعرفها المطار المذكور بعد أن كان هذا الأخير على أتم الاستعداد لاستقبال المهاجرين خاصة أبناء الجالية المقيمة في المهجر، ما أنعش نشاط كافة مصالح المطار من أجل حسن الاستقبال من جهة وتأمينه من جهة ثانية. محاولات التهريب أكثر ما يتم التصدّي له المطار هو وساطة مفتوحة للجزائر على العالم الخارجي ما يتطلب حذرا شديدا من أجل قمع محاولات التهريب. وخلال زيارتنا لمطار هوراي بومدين لاحظنا أن مصالح الشرطة، الجمارك وأعوان الأمن يعملون على قدم وساق من أجل تسهيل دخول الزوار، الحركة لا تتوقف بشهادة عاملين في ذات المكان وحتى المهاجرين أنفسهم، فمصالح الأمن على اختلافها لا تختفي من أماكنها ولا تغفل عن الشاردة والواردة في المحيط. وحسب أحد العاملين فإنهم يشتغلون في المطار انطلاقا من نظام الدوام الذي يستمّر 24 ساعة على 24 ساعة، ليتوافق مع مواعيد وصول وإقلاع الطائرات أين تزيد الحركة في المطار ويزيد معها عمل شرطة المطار. ويقوم هؤلاء بمراقبة الأمتعة والوثائق لكل من يدخل تراب الوطن وذلك تفاديا لدخول أو خروج مجرمين أو تهريب بعض المواد الممنوعة مثل المواد المخدرة، الآثار والأسلحة وغيرها، وذلك باستعمال أجهزة مراقبة خاصة جدّ متطورة، إضافة إلى الانتباه الحذق لكل حالة، خاصة أن المهربين يعمدون إلى حيل مختلفة في كل مرة لإدخال تلك المواد الممنوعة، آخرها ما يعتمده بعض الرعايا الأفارقة الذين سبق وأن دخلوا التراب الوطني محمّلين بالمخدرات ليس بأمتعتهم ولكن على مستوى أجسامهمو بعدما يقومون ببلع المخدرات ليتم استخراجها عن طريق الاستفراغ بعد التخلصّ من نقاط المراقبة ليحوّل العديد منهم إلى القضاء. ونظرا لتزامن موسم الاصطياف وشهر رمضان عرف مطار هواري بومدين حالة من الطوارئ، يقول بعض العاملين إنهم تعودوا عليها في الصيف من كل سنة، فإذا كان الصيف فترة عطل للكثير من العمال فإن وتيرته تزيد بالنسبة لعمال المطار فعيونهم محدقة في كل صغيرة وكبيرة طوال فترة دوامهم التي تتجاوز فترة العامل العادي التي لا تتجاوز ثماني ساعات، ولكن تعودهم على ذلك جعلها شيئا عاديا بالنسبة لهم في سبيل حماية الوطن والمواطنين. يُذكر أنّ المطار سبق له وأن اتخذ كافة الإجراءات اللازمة لاستقبال الزوار خلال موسم الاصطياف لهذه السنة، وكذا توقيف عطلة الموظفين لتقديم أحسن الخدمات لهم، وهو ما انبثق عن اجتماع لجنة التسهيلات بالمطار مع مختلف الإطارات والمصالح، حيث قامت هذه الأخيرة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل دخول وخروج المسافرين من خلال تجنيد طاقة بشرية كبيرة خدمة للمسافرين، وهو ما دفعهم إلى الزيادة في عدد العمال من شرطة، جمارك وأعوان الأمن. وإضافة إلى توظيف عدد من الشباب الجامعيين الذين أوكلت لهم مهمة استقبال المسافرين وتقديم المساعدات الضرورية لكل من تطأ قدماه المطار، من خلال قضاء حاجاتهم وتوجيههم تفاديا للعراقيل التي قد يتعرض لها المسافر نتيجة جهله ببعض الإجراءات وكيفية التعامل معها لتسيير الأمور على أكمل وجه، وكأنك في خلية نحل لكل دوره المحدد. وحسب أحد أعوان الأمن الساهرين على سير النظام في المطار الذي حاول تلخيص طبيعة العمل، حيث يتم أولا تفتيش الحقائب وعلى مستوى الشبابيك يتم مراقبة جواز سفر المسافر، وذلك بالاستعانة بأجهزة كمبيوتر تضم المعلومات المطلوبة، بعد مراقبة جواز السفر يتم مراقبة حقائب اليد عن طريق السكانير ليجد المسافر حقائبه في قاعة أخرى وكل ذلك في وقت قياسي. وفي حال وجود ما يثير الشبهة فإنه يتم استدعاء المعني إلى قاعة خاصة للتحقيق معه، وكل هذا العمل يتطلب تركيزا كبيرا والكل يسعى لتقديم أحسن صورة من خلال الخدمات المقدمة. هذا وأشاد بعض المغتربين ممن التقينا بهم في المطار بسرعة الإجراءات هذه السنة مقارنة مع سنوات سابقة، فكل الشبابيك كانت مفتوحة من أجل تسهيل وحتى سرعة إجراءات الدخول أو الخروج من التراب الوطني، في هذا الصدد، يقول "ا.س" مقيم بفرنسا الذي تعوّد على دخول التراب الوطني مرتين في السنة واحدة في الشتاء وأخرى في الصيف، وانطلاقا من المقارنة التي قدمها لنا فإن المطار له أجواء خاصة في الصيف حيث لاحظ تجنيد عدد أكبر من العمال مقارنة مع فترة سابقة.