اقترب الدخول المدرسي، وعادت الحياة مجدداً للأسواق بعد الهدوء النسبي الذي عرفته بعد أيام عيد الفطر المبارك، ففتحت أبوابها مُجدداً لتلبي كافة احتياجات ومتطلبات التلاميذ الذين يعيدون العدة للموسم الدراسي الجديد، حيث اكتسحت معظم شوارع وأسواق العاصمة طاولات لباعة فوضويين عرضوا عليها مختلف الأدوات المدرسية، التي تهافت عليها الأولياء قبيل الدخول المدرسي، ولكن الجديد هذه السنة أن بعض الأدوات المدرسية أخذت أشكالا غريبة إلى درجة أن بعضها شابه مستحضرات التجميل كأحمر الشفاه وطلاء الأظافر، والبعض الآخر أخذ أشكال الألعاب، على غرار السيارات، الدراجات، وأخرى أخذت تشكيلة أسلحة من بندقيات وخناجر، وشخصيات من الرسوم المتحركة. حسيبة موزاوي في جولة قادت (أخبار اليوم) إلى بعض محلات بيع المستلزمات الدراسية بالعاصمة، لفت انتباهنا الكم الهائل من التصاميم، الألوان والأشكال التي عرضت بها، خيل لنا أننا أمام محلات بيع مواد التجميل، وأخرى خاصة ببيع الأسلحة، وهي الأدوات التي أجبر الآباء على اقتنائها، أمام إصرار الأبناء عليها، حيث أصبحوا مغلوبين على أمرهم ومجبرين على شرائها، خاصة أمام إلحاح الأطفال بالدموع وشدة انجذابهم لألوانها، هذا ما أشار إليه السيد كمال، أب لثلاثة أطفال، حيث قال (عند نزولي إلى السوق لاقتناء مستلزمات مدرسية لأولادي، جلبت لهم أغرب الأدوات وأقربها إلى الألعاب، وحال ما رفضت شراءها، أجهشوا بالبكاء والصراخ)، وأضاف (أما الأدوات العادية، فأصبحت لا تجذب اهتمام الطفل، خاصة المتمدرسين في السنة الأولى والثانية ابتدائي، مما يجعله يتذمر وأحيانا يرفض الذهاب إلى المدرسة - على حد قوله - والتهديد بأنه لن يدرس إلا إذا توفرت لديه هذه الأدوات، على غرار زملائه في القسم). الأدوات المدرسية الغريبة... بين مؤيد ومعارض أما أمينة، أم لابنتين، التقينا بها بأحد المراكز التجارية الكبرى، وهي تبحث بين الرفوف عن تصاميم فريدة من أجل أدوات ابنتيها، حيث قالت (لم تكن لنا الفرصة في أيامنا أن نحظى بأشكال جذابة لأدواتنا المدرسية، فقد فرضت علينا تصاميم بسيطة وخالية من أي نوع من أنواع الإبداع، لذا أحرص أن أقتني لبناتي كل ما هو جميل ومميز). ولدى سؤالنا لها عن طبيعة الأدوات التي تقوم باقتنائها قالت محدثتنا (بطبيعة تكوين الأنثى الفطرية، أحبذ أن أجد كل ما يتعلق بأدوات الزينة التي تتمتع بالألوان الزاهية والتصاميم الفريدة). إلا أن بعض الأولياء رفضوا ميول أطفالهم لتلك الأدوات، لاسيما أنها تلهيهم عن دراستهم، حيث أكد أحد الآباء، أن هذه الأشكال تعد خطرا في تشكيل شخصية أبنائهم ورغم تعلق أبنائه بها، إلا أنه يرفض اقتناءها لتفادي انشغالهم بأمور أخرى غير الدراسة وتدفعهم إلى اللعب وعدم التركيز داخل القسم، هذا وقد طالب عدد من أولياء الأمور الجهات الرقابية بمنع هذه الأدوات المدرسية التي تخالف المنهج، والثقافة الإسلامية في التربية، وتنمي العنف لدى الأطفال من خلال مشاهدة تلك الرسومات، كما أن فيها خدشاً للذوق العام. الشخصيات الكرتونية للفت انتباه الأطفال كما يسعى العديد من التجار الراغبين في كسب أكبر عدد من الزبائن إلى لفت انتباه التلاميذ الصغار من خلال عرض سلع تتناسب ورغباتهم، والمتمثلة في تلك التي تحتوي على شخصيات الرسوم المتحركة المشهورة، من (سبيدر مان)، (سبونج بوب)، (بات مان) و(ناروتو) بالنسبة للذكور، فيما تستميل الإناث صور (باربي)، (دورا)، (فلة) و(لولو كاتي).. فهذه الرسوم المتحركة وغيرها من التي يشاهدها أطفالنا عبر المحطات التلفزيونية لاتزال منذ فترة معتبرة العامل الأساسي الذي يدفع الأولياء لاقتناء سلعة دون غيرها، حسبما أكده لنا عدد كبير من التجار. وفي ذات السياق، يقول منير، شاب التقينا به وقد نصب طاولة لبيع الأدوات بحي الجرف باب الزوار، يقول إنه قام باقتناء عدد معتبر من المحافظ والمقلمات وبعض لوازم الدراسة، غير أن السلع التي تحتوي على الرسوم المتحركة هي التي حققت أكبر نسبة مبيعات منذ قرابة 10 أيام، ويضيف أن الأولياء الذين يصطحبون أطفالهم خلال عملية الشراء هم الأكثر تأثرا بهذا النوع من الأدوات، فيما يفضل آخرون اقتناء كل ما هو بسيط وخال من أي نوع من أنواع الصور أو الرسوم. أخصائيون يحذرون "هذه الأدوات تلهي التلاميذ عن الدراسة" ومن جهتهم دق خبراء تربويون وأخصائيون نفسانيون ناقوس الخطر حول الأدوات المدرسية المنتشرة في الأسواق مؤخرا، والتي تحتوي على بعض الإضافات التي تجعلها وسيلة لتسلية وتلهية التلميذ بدلا من مساعدته على التحصيل الدراسي، حيث تعمل على تشتيت ذهن التلميذ وشغله عن متابعة دروسه وفهمها، فتلك الرسوم والصور والأنواع المختلفة والأشكال المتعددة المستوحاة من الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون على لوازم الدراسة، تخرج عن الإطار الذي صممت من أجله لتتحول إلى لعبة تسلي الطفل وتلهيه عن دراسته. وفي هذا السياق، تقول (م. كريمة)، مستشارة تربوية، إن كثرة الشكاوي التي تلقتها من طرف الأساتذة في هذا الصدد كثيرة جدا، معتبرة هذه الأدوات وسيلة إزعاج حقيقية للمعلم أثناء تأدية مهامه، هذه الأخيرة التي تتحوّل من تلقين التلميذ للدروس وشرحه لها إلى محاولة لفت انتباهه ومنعه من اللعب بهذه الأدوات التي اعتبرتها محدثتنا ألعابا بالدرجة الأولى. كما حذرت الدكتورة (فاسي)، المختصة في علم النفس، من بعض الأدوات المدرسية التي شاع استعمالها في الوقت الأخير، معتبرة أنها وسيلة تشتيت لذهن التلميذ أثناء فترة تواجده في القسم. وأضافت أن الوقت الذي ينبغي استغلاله في فهم الدرس والانتباه إلى شرح الأستاذ يقوم التلميذ بالانشغال ب(ألعابه)، على حد قولها، والتفرغ لها، ما ينعكس سلبا على مردوده الدراسي. لذا تنصح محدثتنا الأولياء بالابتعاد قدر الإمكان عن هذه الأدوات، ومحاولة عدم الانصياع لطلبات الطفل في هذا المجال بالذات. وعن حجم الإزعاج الذي تتسبب به هذه الأدوات، تقول الأستاذة (هجيرة)، معلمة بالابتدائي (إن الأدوات المصممة بطريقة غريبة ومميزة وتلك التي تحتوي على رسومات وصور لأبطال أفلام الكرتون تشغل فكر التلميذ وتجعله شارد الذهن، ما يدفع المعلم إلى كثرة قطع الشرح من أجل شد انتباه التلميذ). أما الأستاذة سميرة، فتقول إنها تقوم بمصادرة أي أداة ترى أنه بإمكانها تشتيت ذهن التلميذ، ولا تعيدها سوى بحضور الولي، هذا الأخير الذي تقوم بإقناعه من أجل تفادي هذه الأدوات التي قالت إنها ألعاب تسلية دون منازع.