لا يُصدّق الشابّ (أحمد مهنّا)، 24 عاما، أن برج (المجمّع الإيطالي) في حي النصر وسط مدينة غزّة، المكوّن من 14 طابقا ويضمّ 50 شقّة سكنية قد غدا كومة من الخراب والدمار صباح أمس الثلاثاء. الصورة في الصباح كما يقول (مهنّا) تبدو أكثر وضوحا وألما ممّا كانت عليه فجر وليلة أمس، فلقد بدا البرج المبني على مساحة (2000 متر مربّع) والمطلي بلونٍ أخضر غامق كومة من الركام الأسود بفعل الحريق ّوالغبار الذي انتشر فيما تبقى من شققه السكنية. وأضاف (مهنّا) وهو ينظر بصدمة وذهول في أرجاء المكان الذي ما تزال تفوح منه رائحة (البارود) و(القصف): (أنا أسكن بالقرب من البرج منذ عدّة سنوات، والمنطقة تتميّز بالهدوء، وكان البرج يعتبر من أجمل وأرقى الأبراج السكنية، لا أتخيّل أنه بات كومة من الخراب والدمار). وأصيب 20 فلسطينيا في الساعة الأولى من فجر الثلاثاء في قصف إسرائيلي استهدف (البرج السكني) الذي يضمّ عشرات الشقق السكنية والتجارية. وبدت ليلة قطاع غزّة الأكثر عنفا منذ الثلاثاء الماضي عقب انهيار تهدئة مؤقّتة دامت ل 5 أيّام بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وشنّت المقاتلات الحربية الإسرائيلية أكثر من غارة على البرج السكني، فيما كان دوي الانفجار يهزّ أرجاء مدينة غزّة. وأصابت شظايا القصف العديد من المنازل المجاورة للبرج بأضرار مادية كبيرة، وسط صراخ الأطفال والنّساء. ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير هذا البرج، بل دمّر برجا ثانيا، فجر أمس، لا يبتعد كثيرا عن البرج الأوّل. فلقد دمّرت الطائرات الحربية بأربعة صواريخ برج (الباشا) الذي يقع غرب مدينة غزّة والمكوّن من 15 طابقا، ويحتوي على 50 شقّة سكنية وسوته بالأرض. وينضمّ برجا (الباشا) و(المجمّع الإيطالي) إلى برج (الظافر 4) الذي تمّ تدميره قبل يومين، والمكوّن من 12 طابقا ويضمّ 45 وحدة سكنية. ووصفت حركة (حماس) على لسان المتحدّث باسمها (سامي أبو زهري) استهداف إسرائيل للأبراج السكنية في قطاع غزّة ب (جرائم الحرب). كما دمّرت الطائرات الإسرائيلية عدّة منازل وقصفت مدارس في مناطق متفرّقة في قطاع غزّة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم أكثر من 15 موقعا في قطاع غزّة خلال ساعات ليل وفجر الاثنين. وفي تغريدات له على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) قال الجيش: (هاجمت القوات الإسرائيلية خلال ساعات اللّيل أكثر من 15 هدفا بما فيها أهداف في بنايات فيها مقار قيادة وتحكم لمنظّمة حماس)، وفق ما قال. كما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر الثلاثاء مدرستين حكوميتين شرقي مدينة غزّة. وشنّت المقاتلات الحربية سلسلة غارات عنيفة ومكثّفة على أنحاء قطاع غزّة استهدفت منازل ومباني سكنية وأراضي زراعية وأخرى خالية. وأسفرت الغارات الإسرائيلية المتتالية على قطاع غزّة خلال فجر الثلاثاء عن استشهاد فلسطينيين اثنين وإصابة نحو 25 آخرين بجروح متفاوتة، بينهم 4 من طواقم الدفاع المدني وصحفيين اثنين، وفق وزارة الصحّة الفلسطينية. وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزّة المتواصلة منذ السابع من شهر جويلية الماضي إلى 2135 شهيد، من بينهم 578 طفلا، 261 امرأة و102 مُسنّ، فضلا عن إصابة 10918 آخرين، حسب وزارة الصحّة. ويوم الاثنين استشهد 10 فلسطينيين، بينهم صحفي في سلسلة غارات نفّذتها الطائرات والمدفعية الإسرائيلية على أنحاء متفرّقة من قطاع غزّة. القسّام تقصف حيفا وعسقلان وتل أبيب أعلنت (كتائب عزّ الدين القسّام)، الجناح المسلّح لحركة (حماس)، أنها قصفت صباح أمس الثلاثاء مدن حيفا وعسقلان وتل أبيب بعدد من الصواريخ محلّية الصنع. وقالت الكتائب في بيانات منفصلة تلقّت وكالة (الأناضول) نسخا عنها، إن قصفها لمدن تل أبيب وحيفا وعسقلان جاء ردّا على سياسة قصف الأبراج السكنية في قطاع غزّة. وأوضحت القسّام أنها قصفت مدينة حيفا (130 كلم شمال إسرائيل) بصاروخ واحد (R160) وتل أبيب (وسط) بأربعة صواريخ (M75). وأشارت القسّام إلى أن مجموعة أخرى تابعة لها قصفت صباحا مدينة عسقلان جنوبي إسرائيل بعدد من الصواريخ (لم تحدّد عددها ونوعها). وقالت الشرطة الإسرائيلية الثلاثاء إن خمسة أشخاص أصيبوا بجروح طفيفة و12 آخرين ب (الصدمة) إثر سقوط صاروخ أطلق من قطاع غزّة على مدينة عسقلان. وأوضحت الشرطة في بيان نقلته القناة الثانية الإسرائيلية أن (صاروخا أطلق من قطاع غزّة أصاب منزلا في عسقلان، ممّا أدّى إلى وجود أضرار مادية وإصابات). وأكّدت كتائب القسّام أن قصفها جاء ردّا على استهداف إسرائيل للمدنيين في قطاع غزّة وسياسة هدم الأبراج السكنية