لم يملّ الملك المغربي من إطلاق تصريحات معادية وخطابات تجريحية اتجاه الجزائر، حيث يواصل عزف نفس الأسطوانة السياسية الرديئة التي اعتاد عليها منذ أمد طويل وجدّد تهجّمه على الجزائر في الذّكرى ال 35 لما يسمّى ب المسيرة الخضراء احتلال الصحراء الغربية بزعمه أن الجزائر هي التي تقف في طريق حلّ القضية الصحراوية· وهو تطاول يعد تحلّي الرئيس بوتفليقة بآداب حسن الجوار والسكوت عن سفاهات وتفاهات أمير المؤمنين خير ردّ عليه· يأتي التطاول الجديد لمحمد السادس على الجزائر في الوقت الذي سئم فيه المجتمع الدولي بصفة عامّة من هذه التصريحات الجوفاء، والمجتمع المغربي بصفة خاصّة جرّاء سياسة الهروب من طرف الملك المغربي إلى الأمام اتجاه قضاياه الداخلية المصرية التي يتخبّط فيها كالفقر والجوع والأمراض ومحاولة نظام المخزن تغطية عجزه في الاستجابة لانشغالاته بخلق عدو خارجي وهمي متمثّل في البلد الجار الشقيق الجزائر لصده عن الاهتمام بقضاياه المحلّية· وتأتي تصريحات الملك المغربي بعد أيّام من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتّحدة كريستوفر روس إلى المنطقة، حيث يحاول التشويش عن النتائج التي خرج بها المبعوث الأممي الذي لمس الإرادة القوية للشعب الصحراوي في الاستقلال عن الاحتلال المغربي لأراضيه ورغبته الجامحة في العيش في وطنه بسلام بعيدا عن الانتهاكات المغربية التي طال أمدها· وكعادته، لم يجد الملك المغربي الذي يمارس أعتى أنواع الانتهاكات الإنسانية في حقّ الشعب الصحراوي المسالم الذي يطالب بحقّه الطبيعي في إجراء استفتاء لتقرير المصير، والذي يناضل بطرقه السلمية أمام أعين المجتمع الدولي والأمم المتّحدة وسيلة للتخفيف من هذه الانتهاكات والخروقات الصارخة سوى مدّ يده إلى ما لا يعنيه وإطالة لسانه للاعتداء بألفاظ جارحة على الجزائر التي تطالب أمام الملأ بتسوية عادلة تحت قبّعة الأمم المتّحدة لقضية الشعب الصحراوي الشقيق· ولايزال المغرب يمارس سياسة تعليق فشله في إعطاء حقّ الشعب الصحراوي في تقرير مصيره على شمّاعة الجزائر، بل هكذا ديدنه في كلّ المناسبات، سواء المحلّية أو الدولية، ولم تخلو حتى خرجاته الميدانية لتفقّد أوضاع الشعب المغربي الشقيق من ذكر الجزائر، حتى تملّكه اليأس من هذه التصريحات الجوفاء التي لم يعد حتى محمد السادس نفسه يؤمن بها، بل بات ينتظر يوما يخرج الملك المغربي بتصريحات قد تخرج الشعب المغربي من عقله ويدعي أن الجزائر هي التي تقف حاجزا أمام إنجاز أيّ مشروع من المشاريع المحلّية· وإن كانت الجزائر قد أوضحت ووضعت النّقاط على الأحرف بما لا يدع أيّ مجال للشكّ فيما يتعلّق برؤيتها لعلاقاتها مع المغرب على لسان المسؤول الأوّل على الشؤون الخارجية الجزائرية مراد مدلسي، حيث قال إن بعض القضايا العالقة مع المغرب لا تحلّ عن طريق التصريحات والخطابات ولا البهرجة في وسائل الإعلام وإنما تحلّ عن طريق تحلّي المغرب بإرادة سياسية جادّة تخلّصه من التعنّت وتمكّنه من الجلوس إلى طاولة الحوار عبر القنوات الدبلوماسية المتعارف عليها لدراسة الأسباب والوسائل المتاحة للخروج بحلول تمكّن شعوب المنطقة من التطلّع إلى غد أفضل لا يكون فيه لا ظالما ولا مظلوما· ولم يفهم مراقبون لماذا تحشر المملكة المغربية دائما الجزائر في قضاياها الداخلية والخارجية؟ ولماذا تعلّق مشاكلها وإخفاقاتها في مشجب الجزائر حتى بات كلّ مشكل يحدث في المغرب إلاّ واتّهمت الجزائر بالضلوع فيه؟ وقال حقوقيون إن هذا التبرير بات الحلّ السّهل للمغرب للتنصّل من مسؤولياته الخارجية ووسيلة لإلهاء الجماهير عن المشكل الحقيقي في القضايا التي تهمّ المغرب والمنطقة، ولاحظ المراقبون أن كلّ المسؤولين المغاربة من أبسط مسؤول في البلديات إلى المسؤول الأوّل محمد السادس خطاباتهم لا تخلو من كلمة الجزائر، سواء كان ذلك بمناسبة أو بغير مناسبة، ولا يستغرب إن خرج ذات يوم مسؤولون مغاربة ليقولوا إن الجزائر هي المسؤولة عن الجفاف الذي تعيشه المملكة، أو أنها هي المسؤولة عن الفيضانات التي تجتاح أهالي المغرب، في وقت لم يسمع فيه المراقبون أيّ مسؤول جزائري يتكلّم عن المغرب في أيّ مجال كان، إلاّ المسؤول الأوّل على الخارجية الجزائرية حسب ما هو متعامل به في العلاقات الدولية وهو وزير الخارجية مراد مدلسي·