يوم الاثنين الماضي احتفلنا بمرور 56 سنة على اندلاع ثورة نوفمبر المجيدة، ويوم الخميس رحل عن عالمنا مجاهد كبير اسمه عبد المجيد أوشيش، ويوم الجمعة انتقل إلى رحمة اللّه تعالى مجاهد آخر هو عبد الكريم حساني، وبين التاريخين وقبلهما وبعدهما توفي عدد غير قليل من المجاهدين، منهم من سمعنا عنهم ومنهم من طوى ذكرهم النّسيان لأن بعضهم دون مستوى الشهرة التي تجعل ذكره واردا في وسائل الإعلام، ولأن بعضهم الآخر رحل بعيدا عن أنظار وأسماع وسائل الإعلام التي أقامت الدنيا ولم تُقعدها حين تعرّضت الثورة ورموزها لتهجّم بعض أشباه الإعلاميين والفنّانين من دولة شقيقة، لكنها تواصل تجاهل رموز الثورة المتبقّين على قيد الحياة، إلى درجة أن عدد اللّقاءات الصحفية التي تجريها مع أشباه الفنّانين عندنا يفوق بأضعاف مضاعفة عدد ما تجريه من لقاءات مع المجاهدين الحقيقيين أو بالأحرى ما تبقّى منهم· ويبدو الجدل السياسي والإعلامي المستمرّ بشأن ضرورة اعتذار فرنسا عن جرائم الاستعمار في الجزائر بلا معنى إذا استمرّت اللاّ مبالاة تطبع تعاملنا مع ما تبقّى من مجاهدينا وتواصل تجاهلنا لكتابة تفاصيل تاريخ ثورتنا المجيدة، إذ لا يمكننا لوم فرنسا على عدم الاعتذار لنا عن جرائمها في حقّ آبائنا وأجدادنا وأرضنا إذا كنّا لا نقدّر تضحيات هؤلاء الآباء والأجداد حقّ قدرها، حتى أصبح بعض أبناء جيل الاستقلال يشعرون بالضجر حين يسمعون حديثا عن الثورة وتاريخ الجزائر وتضحيات الرجال والنّساء الذين سقت دماؤهم أرض الجزائر وأجبرت المستعمر على الرّحيل· لقد قال أحد مجاهدينا الأفذاذ: لقد فعلت بنا فرنسا الأفاعيل لكننا طردناها شرّ طردة، وما حصل قد حصل ولسنا بحاجة إلى اعتراف منها أو اعتذار· وبعد 56 سنة على اندلاع الثورة يبدو جيل الاستقلال هو المطالب بالاعتراف بتضحيات أجيال ما قبل الاستقلال، والاعتذار للشهداء عن ما أحدثه بجزائر ما بعد ثورة نوفمبر·