أعلن الدكتور فوزي درار، المختصّ في الأمراض الوبائية بمعهد (باستور) بمشاركة أطبّاء ومختصّين، ضرورة اتّخاذ كافّة التدابير الوقائية والتشخيص المبكّر لمراقبة وتوقيف وباء (إيبولا) القاتل بعد ارتفاع احتمالات الخطر، خاصّة بعد تسجيل حالة طفلة مصابة بالوباء بمالي، والذي ينبئ بخطورة الوضع الذي بات على حدودنا، إلاّ أنه طمأن بأنه لم يتمّ تسجيل أيّ حالة في الجزائر التي أعلنت عن حالة استنفار قصوى تحسّبا لأيّ طارئ. شكّل اكتشاف حالة طفلة مصابة بوباء (إيبولا) بمالي هلعا كبيرا في أوساط الجزائريين وخطورته على الحدود الجزائرية الجنوبية، حيث أكّد الدكتور فوزي درار خلال الندوة التحسيسية حول وباء (إيبولا) التي نظّمت بمركز التدخّل والتدريب للحماية المدتية بالدار البيضاء بالتنسيق مع مصالح وزارة الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات خطورة انتشار الوباء في مالي بالنّسبة للجزائريين، خاصّة وأن الجزائر تشهد في الآونة الأخيرة زحف اللاّجئين الماليين عبر الحدود. وأوضح الدكتور درار أن تسجيل حالة الطفلة المصابة بوباء (إيبولا) في مالي تمّ بتاريخ 19 أكتوبر وتنقّلت مع جدّيها على مسافة 1200 كلم ومكثت في المحطة قرابة ساعتين لتتنقّل من مدينة باماكو نحو (كاياس)، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الأشخاص الذين كان لهم لقاء مباشر مع الطفلة عرضة للعدوى، خاصّة وأن الوباء ينتقل باللّمس واللّعاب وأيّ لقاء مع المصاب، وهذا ما يجعل التحكّم فيه صعبا ويعزّز فرص ارتفاع عدد الإصابات في مالي التي تعتبر دولة حدودية مع الجزائر. وتطرّق الدكتور درار إلى مصدر هذا الفيروس الذي كان حيوانيا وانتقل إلى الإنسان عن طريق فضلات الخفافيش التي تتركها على الفواكه في الأشجار ثمّ تتناولها القردة وانتقل إلى الإنسان بعد قيام سكان البلدان الثلاثة المعروفة بالوباء يتناول لحوم هذه القردة المصابة، مؤكّدا أن هذا الفيروس يعيش ويقاوم أكثر في جسم الإنسان، وأن هذا الوباء معروف وقديم منذ زمن طويل يختفي ويعود للظهور من حين إلى آخر كان آخرها سنة 2013 في غينيا، لذا يجب اتّخاذ كافّة التدابير الوقائية لمواجهته، خاصّة وأن تسجيل حالة واحدة تمكّن من تنقّل العدوى نحو 295 شخص. في ردّ عن سؤال حول احتمال انتقال الوباء إلى الجزائر مع المهاجرين الأفارقة وعلى رأسهم الماليين والنيجيريين، قال الدكتور درار: (لا يمكن أن نتّهم أيّ لاجئ بحمله للفيروس، كما لا يمكن قول العكس ولا يجب اتّهام هذه الفئة بشكل مباشر، إلاّ أنه من الضروري الكشف عن الحالات المبكّرة ومعهد باستور وحده من يتولّى القيام بهذه التحاليل وجاهزية المخابر هي مسألة وقت فقط)، مضيفا في نفس الإطار (أن البلدان الوبائية هي ثلاثة فقط سيراليون، غينيا وليبريا، أمّا البلدان الأخرى فسجّلت حالات فقط). وتناول الدكتور درار خلال الندوة التكوينية بعض الإجراءات الوقائية الموجّهة للأطبّاء والحماية المدنية تضمّنت كيفية ارتداء الألبسة الواقية، مشدّدا على ضرورة أن تكون من الصنف الواقي رقم 3 وشرح كيفية نزعها تفاديا لتنقّل الفيروس إن وجد، كما أشار إلى أن تحاليل الدم لابد أن لا تكون في قارورة زجاجية وحدها، بل محمية على ثلاث مرّات آخرها علبة كرتونية تفاديا لانكسارها إن سقطت من يد الطبيب، مركّزا أيضا على أهمّية جهاز الأمن الوطني والعمليات التحسيسية لأنه الجهاز الذي يكون على لقاء مباشر بالمهاجرين في المطارات وضرورة التبليغ عن أيّ حالات مشتبه فيها. من جهته، كشف العقيد سعدي أحسن، مدير فرعي للإسعاف الطبّي بالمديرية العامّة للحماية المدنية، في تصريح له ل (أخبار اليوم) عن تخصيص سيّارتي إسعاف لوباء (إيبولا) كإجراءات وقائية عبر 48 ولاية بالتنسيق مع وزارة الصحّة. وأوضح المتحدّث في سياق حديثه أن هدف الملتقى هو تمكين أفراد الحماية المدتية من فهم هذا الوباء ووضع خطّة للتكفّل بالحالات المشتبه فيهم، كما أن الأطبّاء الرؤساء مهمّتهم فهم المرض والتدابير الوقائية الواجب اتّخاذها عند التكفّل بالحالات المشتبه فيها يديرها الدكتور عمران من مستشفى الأمراض الوبائية. وأشار المتحدّث إلى أن اليوم التكويني لمختصّين بوزارة الصحّة يضمّ 48 طبيبا رئيسيا سيتكفّلون بدورهم بتكوين فِرق التدخّل في ولاياتهم، كما أن نقل المشتبه فيهم سيكون على متن سيّارتي الإسعاف المخصّصة نحو مستشفيات مختصّة. وعن وجود الوباء في الجزائر نفى العقيد سعدي حسان وجود حالات لفيروس (إيبولا) في الجزائر، مؤكّدا أن معهد (باستور) هو الوحيد على مستوى القطر الجزائري الذي يمكنه الكشف عن (إيبولا)، وقال إن مهمّة أعوان الحماية المدنية تكمن في التكفّل بالحالات المشتبه فيها والمصابين، أمّا من يشتبه حقيقة في حمله للفيروس فيتمّ نقله إلى المراكز المختصّة بالتنسيق مع وزارة الصحّة.