شهد شارع غرمول بقلب العاصمة أمس منظرا مروّعا، حين أقدم النقابي المكلّف بالشؤون الاجتماعية (إسماعيل أبحري) لعمال مؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري (إيتوزا) على إضرام النّار في جسده خلال الاعتصام المفتوح الذي ينظّمه عمال (إيتوز) أمام مديرية المؤسسة على الساعة 11 و10 دقائق صباحا، حيث حاول الانتحار من خلال صبّ البنزين على نفسه وإشعال النّار. عرف هذا الحادث الأليم تدخّل عمال (إيتوز) الذين قاموا بمنع النقابي (إسماعيل بحري) من تنفيذ انتحاره عن طريق حرق جسده، فيما تمّ الاتّصال بسيّارة الإسعاف التي نقلته على جناح السرعة إلى مستسفى (مصطفى باشا) الجامعي للتكفّل به على أكمل وجه تفاديا لمضاعفات قد تنجم عن سكب مادة البنزين على جسده. وفي هذا الإطار، قال أحد ممثّلي العمال في تصريح ل (أخبار اليوم) إن النقابي الذي حاول حرق نفسه رجل مُسنّ عانى من الضغط والتهميش، خاصّة بعد اقتطاع نسبة كبيرة من راتبه وتعرّض للتهديد من الإدارة بسبب مواقفه النقابية المشرّفة، على حدّ تعبيره، مؤكّدا أن هذه الحادثة أثارت غليانا وسط العمال الذين شدّدوا على تمسّكهم بلائحة مطالبهم وعلى رأسها الاعتراف بالنقابة المنتخبة شرعيا والاعتراف بلجنة المشاركة. وأوضح المتحدّث في نفس الإطار أن النقابة راسلت وزير النقل عمار غول عدّة مرّات، إلاّ أن الوصاية اِلتزمت سياسة الصمت إزاء انشغالاتهم، مطالبا بفتح تحقيق حول ما أسماه بالتجاوزات ونهب أموال المؤسسة التي تشارف على الإفلاس، حسب ذات المصدر. وأكّد أحد ممثّلي العمال المضربين عن الطعام (أنهم قرّروا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام بعد قاموا بالاحتجاج أوّل أمس أمام بوابة المؤسسة دون أن تستجيب الإدارة لمطالبهم أو على الأقل تفتح أبواب الحوار)، مشيرين إلى أنهم تبنّوا خيار التصعيد ردّا على إخلال المدير العام ببنود الاتّفاقية الجماعية التي وقّعت بين الأطراف الثلاثة بتاريخ 16 أكتوبر 2012 لتبقى مجرّد وعود وحبر على ورق دون تجسيد على أرض الواقع. وفي سياق مغاير، عرّج ممثّل النقابة على إحدى التجاوزات المسجّلة في مؤسسة (إيتوز) مفادها -على حد تعبيره- (أن مسؤولين أحيلوا على التقاعد لازالوا ينشطون في المؤسسة، كما أنهم معيّنون كنقابيين وهو خرق للقانون، فالمادة 13 للاتحاد العام للعمال الجزائريين تنصّ على منع أيّ مسؤول من أن يمارس نشاطا نقابيا)، قائلا إن أولئك النقابيين لا يدافعون عن حقوق العمال، بل موالون للإدارة. وذكر ممثّل العمال تمسّك المعتصمين بلائحة مطالبهم، مهدّدين بتصعيد لغة الاحتجاج خاصّة بعد محاولة زميلهم الانتحار حرقا على مرأى من الحاضرين تعبيرا عن يأسه من الأوضاع التي يعانون منها، وقد حدث هذا في الوقت الذي لازال فيه 24 عاملا مضربين عن الطعام منذ أوّل أمس أمام المديرية العامّة للمؤسسة المتواجدة ببلكور احتجاجا على تجاهل إدارة المؤسسة للائحة مطالبهم التي تمخّضت عن الاتّفاقية الجماعية التي بين فديرالية النقل، نقابة العمال والاتحاد الولائي.