أصبحت أساليب التربية تختلف من عائلة لأخرى وذلك حسب المستوى الثقافي وكذا الظروف الاجتماعية، ولكن هناك بعض الآباء الذين مازالوا متأثرين بأساليب التربية التقليدية فهم يتعاملون بعنف مع أبنائهم، فحسب اعتقادهم هي الطريقة المثلى من أجل أن يكون الابن رجلا والبنت امرأة صالحة في المستقبل غير مدركين أنه سيكون لذلك أثر سلبي على حياتهم القادمة. تطلب منا إنجاز الموضوع التجول ببعض الشوارع من أجل الالتقاء ببعض الأشخاص، وعلى وجه الخصوص بعض الأولياء لمعرفة رأيهم في استخدام العنف في تربية أبنائهم فكانت الإجابات كثيرة ومتعددة. ضربت ابني ضربا مبرحا... أول من التقيناه كان السيد (عبد الرحمان) متزوج وأب لأربعة أطفال ثلاثة ذكور وبنت أكبرهم أسامة مراهق في العشرين من العمر، سألناه هل يعتمد على العنف كمعيار لتربية أبنائه فأجابنا (أحيانا أكون عنيفا في التعامل مع أبنائي لأن الجيل الحالي لا يجب أن نتعامل معه بلين، لأنه لا يعرف الاحترام والحياء الذي كنا نكنه في زماننا إلى من هم أكبر منا، كما أن أطفال اليوم متسلطون جدا ويحبون أن تكون كلمتهم أعلى من كلمة الكبار، فأنا أتعامل بطريقة شديدة مع أبنائي، أتذكر مرة أن أسامة ابني الأكبر طلب مني أن أسمح له بالذهاب إلى الملعب رفقة أصدقائه من أجل حضور مباراة الداربي العاصمي بين مولودية العاصمة واتحاد الجزائر فلم أوافق على طلبه، ولكن رغم رفضي إلا أنه حكّم رأيه وذهب إلى الملعب مع أصدقائه وهو الأمر الذي أثار غضبي كثيرا ما جعلني أضربه ضربا مبرحا كدت أن أقتله، ولولا أن زوجتي قامت بمناداة الجار الذي قام بإنقاذه من بين يدي لكنت قتلته بالتأكيد).
أقسو على أبنائي حتى يكونوا رجالا في المستقبل التقينا أيضا بالسيد (عز الدين) متزوج وأب لولدين وبعد الحديث الذي جمعنا معه أقر لنا أنه يتعامل مع ابنيه بعنف، سألناه عن السبب فأجابنا (أنا لا أتذكر يوما أن أبي كان ظريفا معي (الله يرحمه)، فلطالما كان قاسيا معي ومع أشقائي أيضا لدرجة أنه كان كلما يقترب وقت دخوله إلى المنزل كانت أمي المسكينة تقوم بوضعنا في غرفة وتغلق علينا حتى لا يبدر أي سلوك منا ويقوم على إثره بضربنا، ومع كل تلك القسوة أشهد لوالدي أنه رباني على القيم وجعلني رجلا صلبا صاحب مبادئ، لذلك أنا أقسو على أبنائي اليوم حتى يكونوا رجالا في المستقبل ويمكن أن أعول عليهم في يوم ما). بناتي يمثلن شرف العائلة لذلك أنا قاسية معهن بعد أن سمعنا رأي الآباء أردنا أن نسمع رأي الأمهات على اعتبار أن الأم هي الصدر الحنون والدافئ الذي لا يمكن أن تعرف القسوة طريقا له، لذلك قمنا بطرح سؤال موضوعنا على السيدة(كريمة.ق)التي تشتغل كمحاسبة متزوجة وأم لثلاث بنات فأجابتنا (بصراحة أحيانا أفضل أن أكون عنيفة قليلا على بناتي حتى أربيهن جيدا ويتعلمن الخوف مني، وسماع كلامي لأن الليونة والدلال في التربية من شأنهما إفساد طباع الطفل، كما أن البنات يمثلن دوما شرف العائلة وكرامتها ونظرا للكوارث التي أصبحت تسببها الفتيات جعلتني أتشدد مع بناتي في بعض الأمور حتى لا أترك لهن المجال مفتوحا للتفكير في الغلط أبدا، كما أن والدتي ربتني على هذه الطريقة وقد كانت ثمار تربيتها ممتازة جدا).
وللمختصين رأي آخر في الموضوع ولكن لمعرفة إن كانت القسوة تجدي نفعا فعلا في تربية الأبناء كما يعتقده الأولياء الذين قابلناهم ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالدكتور(سليم بومرتيت) مختص في علم النفس، الذي أوضح لنا أن الكثير من الأولياء اليوم يحبذون تربية أبنائهم تربية تقليدية كما تلقوها هم من أوليائهم والتي تعتمد في كثير من الأحيان على العنف والقسوة، وتبريرهم في ذلك أنهم يستطيعون بذلك تكوين جيل سليم وسوي، كما أن هناك ما يسمى في علم النفس (الهو) والذي يعبر عن المكبوتات وذكريات الماضي التي عاشها الإنسان لذلك نجد أن العديد من الأولياء يستذكرون ماضيهم ويعيدونه مع أبنائهم، لذلك نحن ننصح جميع الأولياء أن يكونوا معتدلين مع أبنائهم أي أن لا يتركوا لهم الحرية الكاملة في فعل ما يشاءون ولا يكونوا معهم قاسين حتى يجعلوهم مرضى نفسانيين في المستقبل.