عودة صهر بن علي تشعل حالة الطوارئ مع دخول الحملة الانتخابية الرئاسية منعرجها الأخير يسير المشهد السياسي التونسي نحو حالة استقطاب ثنائي حادّ، يمثّله الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس من جهة، ومنافسه المنصف المرزوقي، مؤسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من جهة ثانية يسعى بقية المرشّحين إلى الاستفادة من المنافسة القوية بين المرزوقي والباجي في محاولة للنفاذ إلى المشهد السياسي، آملين في قلب الأوضاع لصالحهم في آخر لحظة. كما تدفع عدة قوى سياسية نحو التصويت الإيجابي خلال الانتخابات الرئاسية التي تجري يوم 23 من الشهر الحالي، وهو ما يعني ضمنيا تمهيد الطريق أمام الباجي قائد السبسي للفوز في الانتخابات الرئاسية، وربما حسم الأمر من الدور الأول بالحصول على نسبة 51 في المائة من أصوات الناخبين. ويتنافس على كرسي الرئاسة 27 مرشّحا، من بينهم 16 مستقلاّ، والبقية أي 11 مرشّحا تدعّمهم أحزاب سياسية، لكن الكفة تميل لفائدة المرشحين المدعومين من أحزاب سياسية قوية، خصوصا تلك الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وتركز الحملة الانتخابية للمرزوقي على التخوف من عودة الهيمنة والاستبداد وفكرة الاستفراد الممكن بالسلطة، من خلال سيطرة حركة نداء تونس على كافة المؤسسات الدستورية، وهو ما دفع بالمرزوقي إلى حد وصف خصومه ب (الطاغوت) في محاولة منه لتخويف التونسيين من عودة النظام السابق، كما استغل المرزوقي أصوله الجنوبية (من مدينة قبلي) لإثارة مسألة التفاوت بين ساحل مسيطر على الحكم منذ الاستقلال وجنوب وجهات غربية للبلاد مبعدة عن السلطة. في المقابل، تعمل إدارة الحملة الانتخابية للسبسي على التذكير بضرورة الاستماع المباشر لمشاغل المواطنين، بعيدا عن لغة التقسيم إلى مناصرين ومعادين للثورة، كما تنادي بلمّ شمل التونسيين والعمل يدا واحدة من أجل مصلحة كل طبقات الشعب. ولم تحظ حركة نداء تونس، الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بتأييد واسع في الجنوبالتونسي، وذهبت معظم أصوات الناخبين لفائدة حركة النهضة، وأعقب هذه النتيجة جدل حول إمكانية معاقبة تلك الجهات بسبب عدم تقديم دعمها لحركة نداء تونس. وعلى صعيد متصل، استفادت عدة أطراف من الأوضاع السياسية التي تسبق الانتخابات الرئاسية، حيث قدم موقف (النهضة)، المؤيد لعدم دعم أي مرشّح للرئاسة، خدمة كبرى لحركة نداء تونس التي تحاول الاستفادة القصوى من هذا الموقف، وبالتالي نزع الغطاء السياسي الذي كانت تخشاه (نداء تونس) عن المنصف المرزوقي، وينذر هذا الوضع بتأجج الصراع من جديد بين التيار الليبرالي والتيار الإسلامي إلى أعلى درجاته. وأبدت عدة أطراف سياسية مخاوفها مما سمته (انزلاقات الحملة الانتخابية) وسردت مجموعة من الانحرافات التي رافقت الحملة التي انطلقت في الأول من الشهر الحالي وانتقدت بشدة اللجوء إلى معجم المجموعات الإرهابية من تهديد ووعيد بهدف ضمان أصوات الناخبين. * زلّة لسان تضع المرزوقي في موقف محرج استغل معظم المرشحين للرئاسة، خصوصا المستقلون منهم، زلّة اللسان التي رافقت الحملة الانتخابية للمرزوقي في اجتماع بمدينة القيروان، عندما استخدم لفظ (الطاغوت) بهدف زيادة حجم التأييد وكسر منطق الاستقطاب الثنائي بين المرزوقي والباجي، وإثر ذلك توالت ردود الفعل المناهضة للغة التخويف والتهديد وصدرت انتقادات حادة من طرف منافسين على الانتخابات الرئاسية، خصوصا من طرف مصطفى كمال النابلي والهاشمي الحامدي، وسمير العبدلي والباجي قائد السبسي وكمال مرجان وحمة الهمامي ومحرز بوصيان. صهر بن علي يشعل الطوارئ على صعيد آخر، تستعد تونس لاستقبال عودة سليم شيبوب، صهر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي المقررة بعد غد الثلاثاء، وبدأت السلطات التونسية في توفير استعدادات أمنية كبرى في محيط مطار تونسقرطاج تحسبا لأي طارئ، وفي حال تأكيد هذه العودة، فإن السلطات الأمنية تتوقع حدوث مواجهات منتظرة بين المناصرين لعودته، وهم من أنصار نادي الترجي التونسي (أحد أكبر أندية كرة القدم في العاصمة)، لأنه ترأسه لمدة 15 سنة، وبين الرافضين لعودته والمطالبين بمحاكمته باعتباره شريكا في منظومة الفساد، ووفق متابعين للمشهد السياسي، فقد تكون عودة شيبوب مؤثرة للغاية على مسار الانتخابات الرئاسية، وقد تدعم حظوظ المنصف المرزوقي الداعي إلى محاسبة رموز النظام السابق. ووفق مصادر قضائية تونسية، فإن السلطات الأمنية ستلقي القبض على شيبوب بمجرد وصوله إلى المطار، نتيجة صدور 3 مذكرات تفتيش ضده في السابق، وكان شيبوب قد صرح لصحيفة (جون أفريك) أن علاقته ببن علي قد انقطعت منذ سنوات، وأنه يثق ثقة كبيرة في القضاء التونسي لإنصافه. حركات مشبوهة ل داعش في مناطقة ليبية متاخمة لتونس كشفت بعض المصادر العليمة أنه تم تسجيل تحركات مشبوهة لتنظيم أنصار الشريعة الموالي ل (داعش) في مناطق ليبية متاخمة للحدود مع تونس. وقال شهود عيان للبوابة إن ميلشيات تكفيرية تسعى السيطرة على الطريق الساحلي بعد أن ركزت نقاط تفتيش في بوابات العلالقة والطويلة غربي الغجيلات والطيارية المتاخمة لمدينة جميل، في حين تسعى الجماعات التكفيرية لفرض رقابة خاصة على محور صبراتة-العجيلات بهدف تسيير قواتها وآلياتها بعيدا عن عيون الإعلام والمواطنين. وقالت المصادر إن مئات المقاتلين التكفيريين انتقلوا خلال الأيام الماضية من مناطق سرت والعجيلات وزليتن الى المنطقة الغربية للالتحاق بقوات أنصار الشريعة الموجودة في مدن صبراتة وزوارة وصرمان إضافة الى مقاتلي الزاوية الذي يقودهم ابوعبيدة الزاوي قائد درع الغربية. وكان تركي بن مبارك البنعلي، مبعوث زعيم تنظيم (داعش) بليبيا، نادى بتقسيم تونس، بدء بعزل جنوبها ودعا البنعلي، ذو الأصول البحرينية والملقب بأبي سفيان السولامي، مقاتليه في ليبيا وتونس ومالي، للقتال في تونس التي صارت أرض (جهاد). ويخشى المراقبون أن تكون تحركات الميلشيات الموالية ل (داعش) على الحدود مع تونس إيذانا عن قرب هجوم على المناطق الجنوبيةالتونسية تزامنا مع الإنتخابات الرئاسية المقررة للثالث والعشرين من نوفمبر الجاري. جاء ذلك، في كلمة قالها بعدما أم صلاة الجمعة بقادة (سلفيين جهاديين) في مسجد الرباط بمدينة سرت الليبية. ونقل تركي تعليمات البغدادي إليهم بالقول: (حان الوقت لتركيز جهودنا في تونس التي هي جزء من خطة تحرير العالم الإسلامي. تونس صارت أرض جهاد وإخواننا فيها يحتاجون دعمنا، النظام الذي عاد لسدة الحكم هو ذاته الذي يساند الطاغية بشار، لذلك سنحاربه والبداية ستكون بعزل جنوب البلاد). وتترقب تونس وقوع موجة غير مسبوقة من الهجمات الإرهابية، خصوصا في الحدود التونسية الليبية، سيما وأن (أنصار الشريعة) الموالية ل (داعش) أعلنت في وقت سابق نقل نشاطها من الشرق الأوسط إلى شمال أفريقيا. وكان احد التونسيين المقاتلين في صفوف داعش قد هدد باكتساح تونس وقال: (نحن على بعد 60 كلم من بنقردان).