.."التبرع بالدم أو أي أجزاء من الجسم حرامٌ شرعاً؟".. فتوى أصدرتها جامعة ديوبند (دار العلوم الإسلامية) بنيودلهي، أكبر المدارس الفكرية الإسلامية في الهند، أثارت الكثير من الجدل ولاقت معارضة قوية من جانب علماء مسلمين شددوا على أن التبرع بالدم جائز مادام أنه لن يضر المتبرع، وسينقذ حياة إنسان. ونشرت جامعة دار العلوم- ديوبند الهندية، التي تعد أكبر المدارس الإسلامية وأكثرها تأثيرا في الهند وجنوب آسيا، على موقعها الالكتروني على الانترنت في القسم المخصص بنطاق "الحلال والحرام"، أنه" من الأمور المحرمة شرعا التبرع بأي جزء من أجزاء الجسم ومنها الدم"؟ وجاءت الفتوى رداً على سؤال حول ما إذا كان يجوز شرعا المشاركة في مخيمات التبرع بالدم، بحسب صحيفة (تايمز أوف انديا) الهندية. ويتم إقامة مخيمات التبرع بالدم بهدف جمع أكبر عدد من المتطوعين، لمساعدة "بنوك الدم" على الاحتفاظ بمخزونات كافية من جميع أنواع الدم، لتكون جاهزة في حال الاحتياج إليها في أي وقت. وقالت الفتوى الصادرة من جامعة ديوبند الإسلامية إنه لا يوجد ما يتوافق في الشريعة الإسلامية مع جواز السماح بالتبرع بالدم، حيث قالوا إن البشر "ليسوا هم أصحاب أجسادهم، ولا يمكن التعامل معها بحرية". إلا أنها استثنت في ذلك "المسلم الذي يتبرع بالدم فقط من أجل إنقاذ حياة أحد أقاربه أو أحد الأعزاء". وقالت جامعة ديوبند "إذا كان هناك شخص يتبرع بالدم لإنقاذ حياة أحد أقربائه، ففي هذه الحالة فقط، يتم السماح له". وجامعة دار العلوم – ديوبند الإسلامية، تأسست عام 1857م كمركز للشريعة والدين لوقف الزحف الغربي ومدنيته على شبة القارة الهندية، و"إنقاذ المسلمين من مخاطر هذا الزحف".. وفقا لما جاء على الموقع الرسمي للجامعة الإسلامية. وتتبع مدرسة ديبوند الإسلامية مذهب الإمام أبي حنيفة في الفقه والفروع الأخرى، فضلا عن أنها تتخذ من بعض الطرق الصوفية مثل النقشبندية أساساً لجذورها الفكرية، كما سلطت الأضواء إليها في السنوات الأخيرة بعد أن أصدرت فتاوى عدة لشجب الإرهاب. غير صحيحة فتوى ديوبند تعرضت لانتقادات شديدة من سائر العلماء المسلمين في الهند، وقال مولانا وحيد الدين خان، الفقيه الإسلامي الهندي، لصحيفة تايمز أوف إنديا الهندية "إن فتوى جامعة ديبوند غير صحيحة". وحث خان المسلمين في الهند على "الاستمرار على ممارساتهم في التبرع بالدم لإنقاذ الأرواح"، مضيفا "أناشد مرة أخرى أفراد المجتمع الهندي على الخروج للتبرع بالدم.. ومواصلة القيام بذلك". ومتفقا معه رفض أخطرل واعظي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة جامايا ميليا الإسلامية بدلهي، فتوى ديوبند مؤكدا على أن "التبرع بالدم ضروري لإنقاذ الأرواح". وأشار واعظي إلى فتاوى صدرت من قبل المجمع الفقهي الإسلامي بالسعودية، والتي خلصت إلى أنه "يجوز التبرع بالأعضاء التي تتجدد من تلقاء نفسها مثل الدم"، مؤكدا على أن "التبرع الدم يتوافق مع تعاليم الإسلام". واتفق عدد كبير من الهيئات الإسلامية رفيعة المستوى بالإجماع على جواز تبرع المسلم بالدم ما لم يكن ذلك فيه ضرر بصحة المتبرع أو خطرا على حياته، في حين أنها تؤكد في نفس الوقت على عدم جواز العبث بالجسم البشري. كما اعتبر العديد من الفقهاء المسلمين أن بنوك التبرع بالدم هو عمل خيري لإنقاذ أرواح البشر، حتى لو كان لغير المسلمين. وفي وقت سابق، أفتى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي – رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- بجواز التبرع بالدم، معتبرا ذلك "من أفضل الصدقات وأعظم القربات إلى الله.. وأكثر أجرا من التبرع بالمال.. لأنه بمثابة إنقاذ حياة". وفي السياق ذاته، أصدرت دار الإفتاء بالأزهر فتوى نصت على أن "القادر الصحيح إذا أعطى الدم لمريض في حاجة ماسة إليه استحق من الله ثواب ما أعطى لإخوانه، ويدخل بذلك في عداد ذوي المروءات، بعموم قول الله تعالى في سورة المائدة: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى). ويشكل المسلمون في الهند نحو 13% من عدد السكان البالغ عددهم مليار و187 مليون نسمة، وهي ثالث أكبر بلد من حيث عدد السكان المسلمين بعد إندونيسيا وباكستان.