تتزايد المخاوف في ألمانيا من تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة عام 2015 في ظل تنامي الاعتداءات المتكررة ضد الأجانب عام 2014، وخاصة الاحتجاجات التي نظمتها حركة (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب) المعروفة باختصار (بيغيدا) المعادية للأجانب والإسلام بمشاركة مجموعات (النازيين الجدد) لعدة أسابيع في الآونة الأخيرة. اكتسب اليمينيون المتطرفون في ألمانيا قوة على نحو متزايد في السنوات الأخيرة لعدم اتخاذ ألمانيا التدابير اللازمة لكبح جماحهم، بعد الاعتداء الأول المعادي للأجانب، الذي وقع في 29 ماي 1993، حيث أقدم النازيون الجدد على حرق أحد المنازل في مدينة (سولينغن)، مما أسفر عن مقتل خمسة أتراك، ونتيجة لذلك عمد أعضاء تنظيم (النازيون الجدد) (NSU)، على قتل عشرة أشخاص بينهم ثمانية أتراك بين عامين 2000 و2007، كما نفذوا تفجيرات وعمليات سطو. ويظهر سياسة غض الطرف التي تنتهجها ألمانيا -التي تمتلك جهاز استخبارات قوي للغاية- إزاء اليمين المتطرف، حيث يتجلى ذلك من تقاعسها في اكتشاف وجود تنظيم إرهابي بعد سنوات من ارتكاب النازيين الجدد لجرائم، إضافة إلى تجاهل أجهزة الأمن للتنظيم خلال تحقيقاته التى تجري حاليا. وأمّا آخر نقطة وصلت إليها الاعتداءات ضد الأجانب، فهي الإهانات والشتائم التي يتعرض لها المسلمون والمهاجرون في حياتهم اليومية، فضلا عن تزايد الاعتداءات اليومية على دور العبادة . ويشعر المسلمون القاطنون في ألمانيا بالقلق لعدم لجم الهجمات المتزايدة ضدهم، إضافة إلى ادعاءات بعدم قيام مسؤولي الأمن والسلطات القضائية في ألمانيا، بالتحريات والتحقيقات الكافية. تظهر أرقام منظمة حماية الدستور في ألمانيا، وقوع خمسة آلاف و239 اعتداء لليمين المتطرف خلال العام 2014، بينما أظهرت أرقام المجلس الاتحادي (البوندستاغ) أن 30 ألف ناشط يميني متطرف شاركوا في مظاهرات مختلفة العام الفائت في ألمانيا، لذلك تم تخصيص ميزانية إضافية تقدر بنحو 30 مليون يورو عام 2015 للهيئات المعنية من أجل منع أي أعمال عنف يمينية متطرفة. ويتفق جميع الساسة في ألمانيا على أن المظاهرات التي تنظمها (بيغيدا) أسبوعيا تضر بصورة البلاد، إلا أن المظاهرات التي بدأتها بيغيدا في شهر أكتوبر الماضي بمشاركة 350 شخصًا باتت تخلق جوا من القلق نتيجة وصول عدد المشاركين فيها مؤخرا إلى نحو 20 ألف شخص. كما تسببت كراهية الأجانب والنزاعات اليمينية المتطرفة المتزايدة بتوالد شعور لدى الأتراك القاطنين في ألمانيا بالقلق أيضا، حيث قال رئيس الاتحاد الإسلامي التركي الأوروبي (إحسان أونر): (نحن كوننا أقلية مسلمة نشعر بقلق بالغ على مستقبلنا في هذا البلد بسبب تأليب السكان علينا دون وجود أحد يقول لذلك (قف) سوى بضعة أصوات ضعيفة لا تأثير لها). وأوضح (أونر) أن الإعلام والساسة الألمان تعاملوا لسنوات مع الأقلية المسلمة وفقا لأحكام مسبقة، مضيفا: (إن وسائل الإعلام الألمانية هيأت في أخبارها مناخاً عدائياً ضد الإسلام والمسلمين تحت مسمى الإسلاموفوبيا). وبدأت صورة ألمانيا في الخارج تتشوه بسبب تلك الأحداث، حيث بات أعضاء الحكومة يضعون العداء ضد الإسلام ومظاهرات حركة (بيغيدا) ضمن أولوياتهم في زياراتهم الخارجية، وآخرها عندما اضطر وزير الخارجية (فرانك فالتر شتاينماير) إلى تقديم توضيحات بهذا الصدد لنظرائه في أحد الاجتماعات. ومن المتوقع أن يلحق العداء للإسلام والأجانب في ألمانيا ضررا بعلاقاتها مع البلدان الإسلامية العام المقبل، حيث يمكن أن يتسبب تقاعس الحكومة الاتحادية بهذا الموضوع بتردي العلاقات التجارية والدبلوماسية مع البلدان الإسلامية.