أمَرَنا اللهُ عز وجل بأداء هذه السُّنَّة الجليلة، وهي سُنَّة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وأجر هذه السُّنَّة أجر هائل، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا). فهل تستوعب عقولنا أن يُصَلِّيَ اللهُ على أحدِنا عشر مرَّات؟! ولو صَلَّينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك صَلَّى اللهُ علينا عشرة أضعاف صلاتنا! فما أجدرنا أن نملأ أوقاتَ حياتنا بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم! وهي القضية التي كانت تشغل ذهن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، فدار لذلك بينه ورسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحوار الجميل الذي رواه الترمذي -وقال الألباني: حسن- وقال فيه أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ). قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: (مَا شِئْتَ). قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ. قَالَ: (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قُلْتُ: النِّصْفَ. قَالَ: (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ. قَالَ: (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا. قَالَ: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ). فالمسلم المنشغل بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صار لا يدعو لنفسه إلا قليلاً، حيث صار يدعو لرسول الله صلى الله عليه وسلم في جلِّ أوقاته، هو مسلمٌ كريمٌ على الله؛ لهذا سيَكفي له همَّه، ويَغفر له ذنبه! وأيُّ شيء أعظم من ذلك؟! فلْنحرص على هذه السُّنَّة الجليلة، ولا يَمُرَّنَّ عليك يوم أو ليلة دون أن ترفع قدرك بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.