المجلس الشعبي الوطني: الفوج المكلف بإثراء المشروع التمهيدي لقانون الجمعيات يستمع إلى رئيسة الهلال الأحمر الجزائري    السيد بن براهم يستقبل الأديبة و الكاتبة الفرنسية إيزابيل فاها    الجزائر تتمكن من إعادة استثمار الأصول الليبية المجمدة    نحو تكوين مهني معاصر.. !؟    الجزائر تحقق إنجازا مهما على الساحة الدولية    إنقاذ 200 شخص مؤخرا عبر الولايات    حزبنا أودع مقترحاته حول مشروعي قانوني البلدية والولاية    ولايات جنوب تنظم فعاليات متنوعة وتدشين مشاريع تنموية    سينمائيون يشيدون بالاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية لقطاع السينما    اكتشاف ورشة سرية لتصنيع المعادن الثمينة    عروض كثيرة لحاج موسى    ديدوش مراد صنع مجد الجزائر    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    المغرب: مسيرة حاشدة تندد بقانون الإضراب وتفضح تجاهل الحكومة لحقوق العمال    رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة بلورة توصيات تساهم في إعادة بعث مجد السينما الجزائرية    وقف اطلاق النار في غزة : بدء عملية تبادل الاسرى بتسليم حركة "حماس" ثلاث محتجزات صهيونيات الى الصليب الأحمر الدولي    المغرب: الانشغال بالأجندات وإهمال الحقوق الأساسية وراء إخفاقات الحكومة في احتواء أزمة الصحة    أبوزهري: وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع وعلى أمريكا الضغط أكثر على الإحتلال لاحترام تنفيذه    نديل: التحول الطاقوي بات من أولويات الحكومة ومشاريع واعدة للرفع من القدرات الوطنية للمحروقات    الشركة الجزائرية-القطرية للصلب/جيجل: تصدير نحو 700 ألف طن من منتجات الحديد خلال 2024    المجلس الأعلى للشباب: رفع تقرير سنة 2024 المتضمن لمقترحات قوية إلى رئيس الجمهورية مارس المقبل    تكوين مهني: استلام منشآت جديدة ببومرداس خلال العام الجاري    الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    سوناطراك تشارك في قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد    المعهد الوطني للصحة العمومية: تنظيم دورات تكوينية حول الوقاية والتكفل بالأمراض المرتبطة بالتغذية    افتتاح وكالة جديدة لبنك الجزائر الخارجي بتيميمون    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا الى 46391 شهيدا و 110750 جريحا    رياضة مدرسية: تأسيس عشر رابطات ولائية بالجنوب    الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    الصليب الأحمر يعلن التحضير لتنفيذ عملية تبادل الأسرى وتكثيف الاستجابة الإنسانية في غزة    حماس: نقترب من التحرير    شايب: نهدف إلى تحسين خدمة المواطن    صورة تنصيب ترامب تثير الجدل!    أين الإشكال يا سيال ؟    الجزائر تتحرّك من أجل أطفال غزّة    تجارة: عدم التساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار للحفاظ على استقرار السوق    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    تمديد أجل اكتتاب التصريح النهائي للضريبة الجزافية الوحيدة    فتح تحقيقات محايدة لمساءلة الاحتلال الصهيوني على جرائمه    الجزائر رائدة في الطاقة والفلاحة والأشغال العمومية    35 % نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني    رحلة بحث عن أوانٍ جديدة لشهر رمضان    ربات البيوت ينعشن حرفة صناعة المربى    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    اقرار تدابير جبائية للصناعة السينماتوغرافية في الجزائر    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    تعيين حكم موزمبيقي لإدارة اللقاء    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانية و مشتقّاتها
نشر في أخبار اليوم يوم 06 - 01 - 2015


بقلم: عبد العزيز كحيل
نشأت العلمانية في أوروبا كحالة حياد تجاه الدين تقتضي الفصل بين الكنيسة (الّتي كانت مهيمنة على الحياة السياسيّة والاجتماعية لعدّة قرون) وبين الدولة في كل وظائفها ابتداءً بميدان التعليم العموميّ والصلاحيات السياسية والإدارية، والعلماني بهذا المعنى ينتمي للشأن المدنيّ لا الكهنوتي، فهو مستقلّ ومحايد تجاه الدين، ومازالت العلمانيّة في الغرب تقترب من هذا المعنى أو تبتعد عنه قليلاً، فلا تعير للدين مكانةً خاصّةً ولا تناصبه العداء، والمقصود بالدين هنا هو المسيحيّة بكل كنائسها، فلا يضير هذا الدين شيء من الترتيبات العلمانية لأنّه دين فرديّ يخاطب الروح ولا يعنى بالشأن العام، ولعلّ الغرب استفاد من الفصل بين الكنيسة والحياة العامّة ولم يخسر إلاّ قليلاً، لكنّ مفهوم العلمانيّة تطوّر فانتقلت من الوضع الأوّل إلى (رؤية شاملة للكون بكلّ مستوياته ومجالات لا تفصل فقط الدين عن الدولة وعن بعض جوانب الحياة العامّة وإنّما تفصل كل القيم الدينيّة والأخلاقية والإنسانيّة عن كل جوانب الحياة العامّة في بادئ الأمر ثم عن كل جوانب الحياة الخاصة في نهايته إلى أن يتمّ نزع القداسة تماماً على العالم) كما يقول د.عبد الوهاب المسيري _ رحمه الله _.
* القيم المعكوسة
وإذا كان الأمر قد انتهى إلى هذا الحدّ القبيح في الغرب _ مسقط رأس العلمانية _ فهو في البلاد الإسلاميّة أكثر قبحاً لأنّ نفراً من المتشبّعين بالقيم الغربيّة تنكّروا للإسلام والتراث والثوابت فلم يكتفوا بتبنّي العلمانيّة بمفهومها الأصليّ وإنّما فصّلوا علمانيّة عدوانيّة لا تنادي بتحييد الدين وتهميشه فحسب بل تطالب بإحالته إلى المتحف وإبطال فعاليته وتضييق الخناق على قيمه وشعائره وشرائعه وأخلاقه ومظاهره، وقد تولّى كبر هذا التحوّل (أتاترك) بعد إلغاء الخلافة الإسلاميّة ثم فرّخت هذه العلمانية العدوانيّة في كلّ البلاد الإسلامية تحتضنها الأوساط الاستشراقيّة والتنصيريّة والصهيونيّة والماسونيّة وتشجّعها وتحميها وتجعلها تتبوّأ المراكز المرموقة المتقدّمة في ميادين الثقافة والسياسة بالدرجة الأولى، حتّى غدت صاحبة منابر وأصوات ونفوذ في معظم بلداننا تسمّم الحياة الفكريّة والسياسيّة بالثقافة الوافدة والحلول المستوردة، وللعلمانيّة في البلاد الإسلامية (مشتقّات)، فإذا كان أتاترك وشاه إيران وسوهارتو أعلنوا صراحة تبنّيهم للنظام العلماني فإنّ غيرهم لم تكن لهم هذه الجرأة فتبنّوا العلمانية وبشروا بها بل وفرضوها قهراً ولكن أطلقوا عليها أسماءً أخرى لا تفزع المسلمين ولا تستفزّهم، وهكذا ظهر مصطلح (الليبراليين) في مصر ودول الخليج وهو يشير إلى دعاة العلمانيّة بالمعنى الثاني الذي ذكرنا، وكثير منهم كانوا قبل انهيار الشيوعية العالميّة من (اليساريين التقدّميين الاشتراكيين)، أمّا في الجزائر فيسمّون أنفسهم (الديمقراطيين( و(الجمهوريين)، والغريب أنّهم يعادون قواعد الديمقراطيّة الّتي ينادون بها فلا يقبلون نتائج الانتخابات إذا كانت في صالح غيرهم، ولا تتّسع الساحة عندهم إلاّ لأنفسهم، أما (الجمهوريّة) فيقصدون بها مبادئ الدولة الفرنسيّة الّتي تستبعد الدين نهائيّاً من الحياة السياسية والاجتماعية، أمّا على المستوى الثقافي فقد برز مصطلح (الحداثة) منذ مدّة على الساحة العربيّة وهو لا يعني أيّ شيء آخر سوى العلمانيّة في أكثر معانيها تشدّداً وعدوانيّةً، فالحداثيون يرفضون الأصالة لأنّها تشير إلى الانتماء الإسلاميّ، ولا تقرأ في شعرهم النثريّ وقصصهم ومسرحهم سوى دلالات الرفض لمعاني العقيدة والفضيلة في مقابل احتضان المنحى (التنويري) المنفلت من كل قيد ديني أو ضابط أخلاقي.
هذه هي (مشتقّات) العلمانية في فضائنا: أوجه متعدّدة لعملة واحدة، وليس من شأن هذا أن ينطليّ علينا فقد علّمتنا الأصول أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، لذلك ينبغي الحذر من التساهل مع هذه المفردات المختلفة فهي مجرّد تمويه لمحاولة تمرير المشاريع العلمانيّة عبر بوابات السياسة والثقافة والإعلام ، وهي جميعاً تصدر عن قوس واحدة رافضة للمرجعية الإسلاميّة متسلّلة عبر الشبهات والشهوات مثل بعض الأخطاء التاريخية وقضيّة المرأة ودعوى الإبداع.
ولعلّ أخطر ما في الأمر نجاح العلمانية بمشتقّاتها في استمالة بعض (رجال الدين) أو التغرير بهم لإضفاء الشرعيّة على أطروحاتها بزعم الحرّيّة الّتي جاء بها الإسلام وتقديس الدين للإبداع و(تبرئة) الإسلام من دنس السياسة، قد بدأ الأمر مع علي عبد الرازق منذ 1925 ومازال ممتدّاً مع أمثال (القرآنيين) وبعض علماء السلطان، لكن في المقابل هناك بشائر تراجع العلمانية، فهي تتقهقر في قلعتها العتيدة _ تركيا _ ببطء ولكن بإطّراد، كما أن وجوهاً بارزة في التيار العلماني ترجع إلى رشدها وتكشف الزيف وتنطق بالحق، ومن أشهر هؤلاء الدكتور عبد الوهاب المسيري وعادل حسين _ رحمهما الله _ وطارق البشري ومنير شفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.