بقلم: عبد القادر حمداوي كان العدو يتكالب في البحث عن مراكز المجاهدين داخل القرى الآهلة بالسكان يجد في البحث والتفتيش عن المخابئ وفي يوم 13 فيفري 1958 في شمال بلدية مناصر، الناحية الثالثة، المنطقة الرابعة، الولاية الرابعة التاريخية (جبل ألبيك) وقعت الجريمة في بحر هائج وكالعادة ظلت على المنطقة حملة عسكرية ضخمة لتفتيش المكان بعد الوشاية التي كانت واضحة، اختبأ المجاهدون في مخبأ وكان عددهم 16 مجاهدا، كانت قوات العدو تقترب وتحاصر المكان وطلب العدو من المجاهدين الخروج، غير أن المجاهدين مكثوا في المغارة ثلاثة أيام. وفي الأخير نزل أحد المواطنين إلى المغارة لمعرفة عدد المجاهدين ولكنه لم يعد. فالمنطقة آهلة بالسكان تقع شمال بلدية مناصر وتتميز بالانكسارات والمنحدرات والصخور، شارك أبناء المنطقة كغيرهم من أبناء الوطن في العمل السياسي ومن جمع المؤونة للثورة التحرير والاستعداد للانطلاق في العمل المسلح. أصبحت تلك المجزرة عبارة عن حكاية، ذهبت تلك الأرواح البريئة غدرا لأنها جريمة إنسانية لن نسكت عليها. كدليل على وحشيتهم النادرة عبر التاريخ والذين يدعون بالقيم الإنسانية كالحرية والمساواة أن أبشع الجرائم التي اقترفها العدو الفرنسي في الجزائر ضد الآمنين أطفال ونساء وشيوخ وأكبر جريمة على الإطلاق هي نسيانها ومحاولة محو آثارها. حاصر العدو المغارة وأحضر الكبريت وأشعل النار وبعد غلق جميع المنافذ أطلق المجاهدين النار على العدو وقتل أحد ضباط العدو مع طلوع الفجر بدأت فصول الجريمة. بعد الانتهاء من عملية إضرام النار في الغارة وبعدما دكت الصخور وبدأت تتطاير تأكد العدو من أن المجاهدين لقوا حتفهم، رحل العدو وأياديه ملطخة بدماء الأبرياء وجثث هامدة مفحمة حيث ذهبت ضحية هذا الغدر بعد قتيل 16 مجاهدا. * شهادات ويروي الذين حضروا عملية الحرق أنه من الصعب التعرف على أصحابها، وسقط في ميدان الشرف أثناء هذه العملية ما يربو 16 شهيدا. كثف العدو هجماته وأكثر من المحاولات، إلا أن بعض المجاهدين دائما يتصدون له فكانت تلك العملية فريدة من نوعها إذ وقعت في جبل ألبيك، حيث التجأ العدو إلى التلغيم لغم المغارة بكمية كبيرة من المواد المتفجرة ووضع الكبريت ثم ابتعد وانفجرت تلك الألغام ثم انتشل السكان من كان تحت الأنقاض جثث الشهداء وتم دفنهم ومن ثم دمر العدو القرية والتعدي على الأعراض والسلب والنهب. أحرقوا القرية انتقاما، و كان رهيبا، وفي المرة الثانية كانت الحملة مسعورة شرسة وعمليات تمشيط عنيفة. لقد تفوق العدو من حيث القسوة والوحشية، وعندما يجتمع العدو بالسكان ويقول لهم ستدفعون الثمن غاليا لأن أبناءكم هم الذين قتلوا وخربوا، ينسى العدو الإعدامات والقتل والحرق ثم يتساءل من فعل هذا؟ ويعتبر العدو هذا عاديا لقد جند العدو الحاقدين الذين أعلنوا حربا شعواء من وراء ميكروفوناتهم يخاطب بها الشعب في المحتشدات يستهدف سمعة جيش التحرير الوطني من قبل (لاصاص) الذي لا يعرف الرحمة ولا يترك التحرك أو الاتصالات بالمجاهدين. مارس العدو علينا كل أنواع العذاب والجوع والعري وارتكب ضدنا الجرائم الوحشية، وفي هذا المكان تنزل قوات عسكرية كبيرة من أجل التفتيش على عائلات المجاهدين كان العدو يتدخل بسرعة بمجرد أن يشم رائحة الثورة. على إثر وشاية وما أكثرها، يطوق المكان بالأسلاك الشائكة وبالعسكر المدجج بأسلحة يراقب كل ما يدب على هذه المنطقة المجاهدة. وكانت الثورة بالمرصاد للمتعاونين مع العدو مندسين ومتظاهرين بالتعاطف مع جبهة التحرير الوطني كان المناضلون الشرفاء يقظين. لقد حاول العدو إفشال الثورة بخططه الجهنمية، القتل والتشريد من خلال التركيز على العمليات الكثيرة. لكن روح التحدي والعناد أدهشت العدو وخاصة تلك المرأة المناضلة والمجاهدة التي أنجبت رجال نوفمبر الذين وقفوا وقرروا وصمدوا، ولم يتركوا شيئا لنسيان الماضي فحياة المجاهد الشهيد كلها عبر لا تنسى. لا زال الكثير من المجاهدين يروون أحاديث عن الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف رحم الله شهداءنا الأبرار.