بقلم: سليمان أبو ربيع الجزائري / هو الحاج صالح بن محمد بليدي جاء من رحم بلدة الكبار والعظماء طفيش والثميني ومفدي وما أدراك ما مفدي زكرياء.. من مواليد آث يزجن غرداية في 3 جوان 1910 الموافق ل جمادى الأولى 1327، سافر في شهر من سنة 1918 إلى الأغواط وعمره 8 سنوات، أقام بالجلفة 4 شهورا ثم عاد إلى الأغواط أين نال قسطا من التعليم الابتدائي وكذا (المحضرة) الكتّاب لحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ اللغة العربية، انقطع عن الدراسة لصعوبة الظروف فسافر إلى مدينة المشرية بحثا عن العمل، ولما بلغ 24 عاما سافر إلى قصر الشلالة لممارسة التجارة وفي مطلع الثلاثين من عمره عمل في الحراش بالجزائر العاصمة أين احتك بالوطنين والسياسيين ورجالات الإصلاح الذين كانوا يحملون هموم الأمة وانشغالاتها مناورين الحكم العسكري الفرنسي وإدارته المتعسّفة التي استنزفت قوى مزاب وبذل ما في وسعها لفصم عراه، في هذه المرحلة احتدم حسه الوطني وبدأ نشاطه الإصلاحي الاجتماعي والسياسي مع المجاهد المناهض للسياسة الاستعمارية الزعيم عمر بن عيسى العطفاوي وكاتبه باسعيد عدون وكانت لهم لقاءات متتالية للتفكير الجدي في مصير الأمة، وأيضا كان عمنا الحاج صالح بليدي ممن حضر في الجلسة التأسيسية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931 بنادي الترقي بالجزائر العاصمة رفقة الشيخ بيوض والشيخ أبي اليقظان إبراهيم والشيخ سلميان بن الحاج داود بن يوسف والشيخ عبد الرحمان بكلي والشيخ محمد فرفر الطرابلسي وغيرهم من الشخصيات، وقد وقف إلى جانب العديد من الشخصيات وساندها من بينهم الشيخ أبي اليقظان وواساه في أزمته ومعاناته، وكذلك عند زيارة الشيخ أبي إسحاق اطفيش للجزائر سنة 1936، وفي سنة 1939 رجع إلى بني يزقن ومارس نشاطه الإصلاحي والاجتماعي على غرار المصلحين في وادي مزاب رغم استبداد المستعمرين ومن على شاكلتهم من الأذناب، في سنة 1942 أسس دار الحجبة_ للعوام للإنشاد وإحياء الأعراس بالأناشيد الحماسية والوطنية، كان له أيضا دور في تأسيس جمعية الوحدة التي هدفها الوفاق مابين أبناء قصور وادي مزاب، ساهم وبقسط وفير في جمع التبرعات لطبع كتاب الشيخ أبي إسحاق اطفيش حول تاريخ الأباضية، وكان همزة وصل مابين زعماء الإصلاح والوقوف إلى جانبهم في أزماتهم، استقرّ سنة1944بالأغواط إلى يومنا هذا ولم يخب نشاطه المتعدد كانت داره ملاذا وملجأ للعلماء والمشائخ والشخصيات من كل حدب وصوب من بينهم الشيخ البشير الإبراهيمي، سعى في كل أشجان مزاب وهمومه إلى إصلاح ذات البين ما بين المتساكنين، وأسس مدرسة لتعليم القرآن بالأغواط رفقة الشيخ علي الشرفي 1948، له مواقف صارمة وذكية مع الحكام العسكريين.......أخيرا بعد قرن من العطاء وبذر الهمم في الناس بهمته العالية يرحل وفي حلقه غصة من جنون شوارع غرداية، مات رجل الاباضية والمالكية... سارت روحه للعلا وفي قلبه حب يسع الوطن كله... كان أمله أن يرانا صفوفا متراصة مزاب وعرب...مات الرجل الغيور صديقي...حبيب الطلبة والعلماء ورفيق الأجيال كان يقول لي كل عبور من الأغواط وش راهي غرداية باللغة الميزابية (بتا تلاّ تغردايت..)وش راهم الشباب وش راهم العزابة وش راه المجتمع وين وصلتو كان يتحرى الحقيقة من زائريه يسألهم عن كل صغيرة وكبيرة.. يتابع بحرقة يدقق في تفاصيل ما ينقل اليه..يترجانا بالصدق لا تكذبوا علي نعم كان يقول لي لقد قرأت جريدة كذا وتابعت فضائية..لماذا لم تخبرني بكذا..قولولي وش راه صاير عندكم...عذرا أبانا الحاج صالح عذرا.. عذرا.. سامحنا إن كذبنا عليك كنا نرفق بذاكرتك وبزمنك الجميل حتى لا نخدشهما بأشيائنا وبفوضانا...وهو الذي تنافس عليه عشية نعيه شباب الاغواطوغرداية على صفحات التواصل الاجتماعي كل يدعي أنه من أعيان بلدته وعلى الحصرية.. حق لأبناء الجزائر ذلك ولكن اعلموا أن الفقيد من أعيان الجزائر وصايته (إن كنتم تحبون الله ورسوله وتحبونه حافظوا على لحمة الوطن وقدسية ترابه...) لا تنسوا أن فقيدكم ممن تصدى لمخططات فرنسا المجرمة لفصل الصحراء عن الشمال... رحمه الله... أمين.