بقلم: محمد قروش كثير من الجزائريين تساءلوا عن سر الاهتمام الذي رافق جنازة الممثل الفرونكو- يهودي روجي حنين إلى الجزائر، حيث اندهش الكثيرون من هذه الجنازة التي تحوّلت إلى حدث إعلامي انقسم الناس حوله بين مؤيّدٍ ومعارضٍ، فالمؤيّدون يرون أنها لا تعدوا أن تكون مجرد تنفيذ لوصية ميّت أراد أن يُدفن بمسقط رأسه بالقرب من والده بالجزائر، بينما يرى المعارضون أن هذا الشخص هو مِن الأقدام السوداء ذات الأصول اليهودية، وأن هذا المطمع بالدفن في مقابر الجزائر وفوق تُرابها هو من صلب ما يُطالب به الأقدام السوداء وأهاليهم منذ زمن بعيد، وهو أمر خطير قد يفتح بابًا لكثير من المطالب التي يحاول هؤلاء رفعها في كل مكان منذ الاستقلال، مثل استرجاع أملاكهم بالجزائر أو تعويضهم عنها أو حتى حق العودة إلى الجزائر كمقيمين أو سواح لهم الحق في هذه الأرض الطاهرة. وقد عرف هذا المنحى في الآونة الأخيرة تصاعدًا كبيرًا وذلك من خلال إنشاء عدّة مواقع على الإنترنيت وعلى الشبكات الاجتماعية مثل (موقع يهود شمال إفريقيا والمحرقة) الذي أنشأه ما يُسمى بمركز (توثيق اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية) من أجل البحث وتوثيق أحداث تاريخية عاشها يهود الجزائر في كثير من المدن الجزائرية، ولبحثِ وتوثيقِ بعض الممتلكات اليهودية في الجزائر- كما يزعمون- وهو ما يُعد تأكيدا لمسعى الحكومة الصهيونية الذي أعلنت عنه مؤخرا من خلال الناطق باسمها والهادف إلى البحث عن أملاك اليهود في ثمان دول منها الجزائر من أجل رفع قضايا أمام الهيئات الدولية لاسترجاعها أو تعويضها. والحقيقة أن الطريقة التي تمت بها الجنازة والانزال الكبير لليهود بمقبرة بولوغين -وهم يلبسون قلنسواتهم - قد أثار الكثير من التساؤلات والتأويلات عن مغزى هذه الخطوة، وذهب بعضهم إلى اعتباره أمرا رمزيا بالغ الأهمية بالنسبة لليهود الذين يحاولون استغلال أي تحرك لخدمة قضاياهم وأهدافهم وعلى رأسها محاولات التطبيع اليائسة التي ترفضها الجزائر حكومةً وشعبًا رغم الضغوط الدولية الكبيرة، وهو ما يبرّر الرفض الشعبي لهذه القضية. إن الجزائريين لا ينسون مواقف هذه الفئة إبان الاستعمار الفرنسي البغيض وما قامت به من أفعال وجرائم بمساندتهم للمستعمر الغاشم في مخطّطاته ووقوفهم ضد حق الجزائريين في استرجاع أرضهم ووطنهم واستقلالهم، إضافة إلى ما يفعله اليهود وعصاباتهم الصهيونية في أرض فلسطين من تقتيلٍ واغتصابٍ لحقوقهم وهو ما يجعلُ التصالح معهم أمرًا مستحيلاً.