لا يحتاج المرء ليكون قوميا ومؤمنا بأواصر العروبة وروابط الأخوة العربية ليشعر بالفرح والفخر لاختيار دولة قطر لاحتضان نهائيات كأس العالم 2022 لكرة القدم، فقد نختلف في كثير من الأشياء، وربما في كل شيء، لكننا في النهاية نشعر بالفخر عندما يحقق عربي واحد إنجازا عالميا مشرّفا، فما بالك بإنجاز دولة كاملة أهدت العرب والمسلمين شرف تنظيم أول مونديال في دولة عربية ومسلمة·· فربما ماتت العروبة·· لكننا مازلنا عربا، وفي النهاية لا نملك إلا أن نسعد بحدث مثل حدث الخميس الأول من الشهر الأخير في سنة 2010! ما فعلته دولة قطر الشقيقة حتى يوم الأربعاء الماضي، أي قبل يوم واحد من الإعلان عن الدولة المستضيفة لمونديال 2022، كان أمرا جديرا بالتقدير والإشادة والفخر بين العرب أيضا، فقطر كانت لها الجرأة على الترشح لاحتضان نهائيات كأس العالم، رغم أن البعض ظل يعتبرها دولة مجهرية أصغر من قناة الجزيرة التلفزيونية الموجودة على أراضيها، وترشح قطر لتنظيم نهائيات كأس العالم بعد 12 سنة من الآن هو إنجاز في حد ذاته، وكان الإنجاز الثاني ثراء الملف القطري الذي أبهر العالم بأسره، حيث قدّمت الدوحة بالدليل والبرهان كل ما يؤكد قدرتها على احتضان أهم تظاهرة رياضية في العالم بأسره، كما حشدت عددا غير قليل من كبار الرياضيين والنجوم من مختلف بقاع الكرة الأرضية للدفاع عن ملفها، أما الإنجاز الثالث فتمثل في إيمان القطريين بحظوظهم حتى آخر لحظة، وثقتهم بقوة ملفهم، رغم المنافسة الشرسة وقوة الخصوم·· أما الإنجاز الأكبر فتحقق يوم الخميس 02 ديسمبر 2010، وهو منح قطر شرف احتضان مونديال 2022، وبقدر ما أبهج هذا القرار كل القطريين ومعظم العرب، بقدر ما أكد أن العبرة اليوم ليست بحجم الدول ولا بعدد سكانها، وإنما بإرادة أفرادها وقوتهم الذهنية وقدرتهم على رفع التحدي، وقد أثبت القطريون أنهم ليسوا قادرين على منافسة أمريكا على احتضان كأس العالم فقط، بل يملكون القدرة على هزمها أيضا·· ولم يكن ذلك قرارا خاطئا مثلما زعم أوباما، فأمريكا لا يمكنها الفوز في كل شيء!·