على الرغم من بشاعة المشهد المؤلم الذي بثته القنوات الإخبارية لذبح 21 مصريا في ليبيا، فإن الأكثر بشاعة ارتكاب هذه الأفعال باسم الدين. أكثر ما علق بذهني شخصيا ولعله علق بذهن الكثيرين أيضا، تلك الجملة الخالية من أي معنى التي قالها منفذ العملية. نعم قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بالسيف رحمة للعالمين. بعث لقطع الرقاب، وأخذ الأسرى والسبايا وإشاعة الفوضى، بعث بالذبح والحرق والقتل، بعث بالتشريد والإجرام، بعث ليقتل المدنيين ويغدر بالمعاهدين وليقتل المسلمين.. لا أدرى كيف وجدوا هذا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدرى كيف رأوا في ذلك رحمة؟. ولكني لم أتى للحديث عن هذا الفعل وما فيه، ولكني جئت للحديث عن رحمته الحقيقة صلى الله عليه وسلم. فرسول الله جاء (شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)، جاء ليحرر العباد من ظلم وضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. جاء لخير هذه الأمة، جاء لينير حياتنا بما فيه الخير. كان صلى الله عليه وسلم نعم، الأب، فلا يدخل على ابنته السيدة فاطمة إلا ويقبل رأسها وكان نعم الجد فقد روى جابر أن قال: (دخلت على النبي وهو يمشي على أربع والحسن والحسين على ظهره وهو يقول (نعم الجمل جملكما، ونعم الحمل أنتما). كان نعم الزوج، فورد عنه كثير مع زوجاته صلى الله عليه وسلم، لم يمنعه دوره أن يرعى حقوق أهله فكان خير الناس لأهله. ضرب كذلك مثلا في تجرده لنفسه فقال (اذهبوا فأنتم الطلقاء) لأهل مكة الذين أمعنوا فى قتل وإيذاء الصحابة. لم يكتف بهذا بل كان نعم المربي فقد حرص على تربية أبناء الصحابة فعن محمود ابن الربيع قال (علقت في ذهني مجة (رشة ماء) مجها في وجهي رسول الله وأنا ابن خمس سنين) وكان يعلمه الوضوء حينها. هو من قال إن الابتسامة صدقة، هو من أمر بتبادل الهدايا فقال (تهادوا تحابوا). هو الذي تحمل أذى جاره اليهودي، هو من نصر الضعيف وساند المحتاج هو من قال (انطلقوا باسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم وأصلحوا واحسنوا إن الله يحب المحسنين). هو من نهى عن تمني القتال فقال (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية). هو الذى قال: (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا فى دم مؤمن لأكبهم الله في النار) بل وللمبالغة في ذلك فقد نهى رسول الله عن مجرد الترويع فقال (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه). منذ مدة صدر كتاب بعنوان (محمد نبي لهذا الزمان) للكاتبة البريطانية كارين ارمسترونج، وذلك لما رأت احتياج العالم الآن لرجل مثل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يا ليتنا عرفناه حق المعرفة لنهتدى به حق الاهتداء. (إلا رسول الله) قلناها منذ عدة سنوات حين ظهرت الرسوم المسيئة، ولكننا أحوج ما يكون لها الآن. دعوا رسول الله، دعوا قدوتنا ومعلمنا، دعوا من اهتدينا بهديه واتبعنا سنته عن حب، إلا رسول الله، إلا من بعث رحمة للعالمين.