بقلم: محمد قروش هذا التشبيه قدمه الدكتور محيي الدين عميمور لتقييم واقع اللغة العربية اليوم في الجزائر، وهو تشبيه بليغٌ يبين كيف أن اللغة الفرنسية التي اكتسبها الجزائريون من بقايا الاستدمار الفرنسي، والتي شبهها الكثيرون بأنها غنيمة حرب، استطاعت وفي سنوات قليلة بعد خروج المستعمر من التربع على قلوب وعقول كثير من الجزائريين الذين تحولوا من فرنكفونيين يتعاملون بلغة سان ارنو وبيجار ولاكوست إلى فرانكوفيل تابعين قلبا وقالبا لفرنسا يحنون إليها بعد طردها من الجزائر. ويضيف د. عميمور بأن اللغة الفرنسية التي هي لغة متخلفة بالنظر إلى الإنجليزية والألمانية والإسبانية قد تحولت وبأموال الدولة الجزائرية إلى لغة رسمية في الجزائر يتكلم بها المسؤولون وتخصّص لها المدارس والملتقيات وتطبع بها آلاف الكتب، وهو ما جعل أنصار هذه اللغة ينتقلون من الفرنكفونية إلى الفرانكوفيلية، ليصلوا إلى ما أسماه الفرنكومانيا الممتزجة بالأرابوفوبيا وهي الخوف من العربية والإسلام، وهما العنصران اللذان كانا محور تركيز المستعمر الفرنسي طوال مراحل احتلاله للبلاد، حيث كان التصور الاستعماري هو أن تدمير العربية سيُؤدي بالضرورة إلى تخريب الانتماء الإسلامي، وبالتالي القضاء على هُوية الشعب الجزائري. ويبن د.عميمور كيف أن أذناب فرنسا من الفرنكوفيليين يتخندقون في جحر الفرنسية ويعلنون الصراعات والحروب على أنصار اللغة الأم، ويحاولون فرضها ولو بالقوة على غيرهم بأسلوب سمج فيه من المهانة والاحتقار القدر الكثير، وذلك رغم أن كثيرا من المثقفين الجزائريين المعربين والوطنين متفتحون على كثير من اللغات ومنهم من يقرأ ويكتب بأكثر من لغة وليست عندهم هذه العقدة التي يتبجح بها أتباع الفرنسية. وقد أدى هذا الوضع المأساوي للعربية كما يضيف د.عميمور نتيجة تراخي أبنائها ممن يعنيهم الأمر وعلى رأسهم المسؤولين السياسيّين والنخب المعربة إلى اكتساح تسونامي الفرنسية معظم المجالات خصوصا مجالات الإدارة الإعلام والثقافة، وأصاب المحيط الاجتماعي والاقتصادي ومعالم العمران بأسوأ مظاهر الاستلاب، ووقعنا بالتالي فريسة الفرنكوفيلية واصبح واقع الجزائر اليوم من الناحية اللغوية يشبه مرض انفصام الشخصية، وهو ما أثر على قوة الانتماء الوطني وأثار نقاشات مفتعلة حول الهوية والانتماء هي في الأساس ناتجة عن العداء العنصري للّغة العربية.