* تصريحات المتّهمين في فضيحة (سوناطراك) تكشف المستور * * عندما تصبح الوساطة والمنفعة الشخصية شروطا للتعاقد * تواصل (أخبار اليوم) سرد تفاصيل فضيحة مجمّع (سوناطراك) البترولي التي أثارت جدلا بسبب تصريحات المتّهمين التي فضحت سياسة التسيير العشوائي لأكبر مجمّع بترولي في إفريقيا، أين تبيّن أن الحصول على الصفقات الخاصّة بأهمّ المشاريع المتعّلقة بكافّة مركبات الشركة عبر التراب الوطني كان مرهونا باعتبارات بعيدة عن القانون، تستند إلى (توصيات) و(وساطات) من أقارب المسؤولين على الشركة والمال العام. ارتأينا أن نسرد في هذا العدد تصريحات المتّهمين ال 18 حول ظروف إبرام 1845 صفقة مشبوهة تمّ عقدها بصيغة التراضي من الفاتح جانفي 2005 إلى الفاتح جويلية 2009، حيث تمّ إبرامها من طرف الرئيس المدير العام محمد أمزيان وشركائه المتابعين في القضية، وهذه الصفقات -حسب التقرير الإجمالي لمصالح الأمن والاستعلام- شملت ثلاثة ملفات. وتوصّل المحققون من خلال التحقيق إلى تحديد عدّة عيوب ومخالفات قانونية، خاصّة فيما يتعلّق بمنح العقود العامّة في شركة (سوناطراك) التي تمثّل ركيزة الاقتصاد الوطني. هذه الصفقات المشبوهة عادت على إطارات (سوناطراك) وشركات أجنبية بملايين الدولارات تمّ ضخّها في أرصدتهم البنكية ووُجّه جزء كبير منها لشراء عقارات في الخارج، في حين كبّدت الجزائر خسائر ب 9600 مليار سنتيم. (آل إسماعيل): (دخولي سوناطراك قابله منح نجل مزيان 200 حصّة من أسهم كونتال آلجيريا) (يعتبر (آل إسماعيل محمد رضا جعفر)، مسيّر شركة (سارل كونتال آلجيريا)، المتّهم الرئيسي، حيث صرّح بأنه أمضى عقد إنشاء تجمّع مع الشركة الألمانية (فون وارك بيلتاك إلكترونيك)، وفي هذا الإطار تحصّل على صفقات في الجزائر منذ سنة 2006 إلى 2008 ضمن العمل مع (سوناطراك) نشاط المنبع تمثّلت في صفقة إنجاز نموذجية للمراقبة والحماية الالكترونية للمركز الصناعي للجنوب بحاسي مسعود تحت رقم (أي اش أس أ-88) بتاريخ 12 جوان 2006 وصفقة رقم (HMD/AMT/147/06) بحاسي مسعود بتاريخ 25 جويلية 2007، إلى جانب صفقة بنفس المنطقة شهر جويلية وصفقة (SH/AMT/FA/07/02) بتاريخ 26 ماي 2007 وصفقة من أجل تجهيز قاعدة 24 فيفري ل (سوناطراك) بنظام الحماية والمراقبة الالكترونية رقم (HMD/SE/76/1/2008) شهر أوت 2008 ونسبة إنجاز هذه المشاريع وصلت إلى 90.39 بالمائة ونسبة مساهمة الشركة في هذه المشاريع 31.6655 والقيمة المالية هي 10.943.386.497.34 دينار، وتمّ الاتّفاق مع الشركة على تحضير عقد الصيانة والمتابعة التقنية للمشاريع المنجزة. وذكر المّتهم في محاضر سماعه أن ولوجه إلى المجمّع النفطي وإرساء هذه المناقصات على المجمّع الألماني جاء بفضل الصداقة التي كانت تجمعه ب (مزيان محمد رضا)، نجل المدير العام ل (سوناطراك)، حيث عرض عليه فكرة العمل معا في مجال المحروقات وطلب منه مساعدته في الحصول على موعد مع مسؤولي الشركة لعرض عليهم برامج الحماية والمراقبة الالكترونية التي تمتلكها شركة (كونتال فونكوارك) فوافق مقابل منح شقيقه (مزيان بشير فوزي) 200 حصّة من أسهم الشركة بقيمة مليوني دينار، على أن يتمّ احتسابها من الفوائد، ليحرّر بعد ذلك طلب للمدير العام محمد مزيان الذي استقبلهم رفقة أعضاء المجلس التنفيذين، ليتمّ بتاريخ 12 جوان 2006 إمضاء صفقة مشروع إنجاز نظام نموذجي للمراقبة والحماية الالكترونية للمركز الصناعي للجنوب حاسي مسعود مع مدير دائرة الإنتاج للنشاط ومقدّرة قيمتها ب 1.960.760.816.79 دينار على شكل عقد بالتراضي، قبل أن يتمّ استدعاء الشركة من طرف فرع نشاطات المنبع لخوض مناقصة اختيارية لتغطية باقي مركبات (سوناطراك) عبر التراب الوطني فتمّ قَبول العرض وتقسيم المشروع على 03 صفقات. ويضيف المتّهم أنه في سنة 2008 تمّ تسجيل مزيان محمد رضا كعضو في المجمّع الألماني يملك 4800 سهم، قيمة الواحد منها 10000 دينار، معترفا بأن المدير العام ل (سوناطراك) ساعده في الحصول على 05 صفقات من أجل نجليه، وأنه لم يتعمّد استفادة ابنيه من نسبة الفائدة المتحصّل عليها في هذه الشركة، وبخصوص الصفقات فقد سافر برفقة الرئيس المدير العام السابق للقرض الشعبي الجزائري (مغلاوي الهاشمي) صاحب مكتب دراسات ونجله (محمد يزيد) للاتّفاق على الوساطة مع الشركة الألمانية، حيث تمّ التوصّل إلى دفع مبلغ 30 ألف أورو كراتب شهري لمدّة سنتين، إضافة إلى مبلغ 600 ألف أورو ومبلغ 10 آلاف أورو للمتّهم (مغلاوي الهاشمي) كراتب شهري لمدّة سنتين و8000 أور لفائدة نجله، وأنه بعد فترة سافر برفقة مزيان محمد رضا والمتّهم (مغلاوي يزيد) من أجل الحصول على عقد مماثل ل (مزيان)، غير أن الشركة رفضت ذلك بحجّة أنه نجل المدير العام ل (سوناطراك)، غير أنها وافقت على منحه مستحقّاته المالية في إطار الجهود التي قام بها لحصول الشركة الألمانية على هذه الصفقات، كما استفاد نجل مزيان في المقابل من شقّة في باريس بقيمة 650 ألف أورو تمّ تسجيلها باسم والدته (ج. قوسم) بعلم المدير العام ل (سوناطراك). كما اعترف المتّهم بأنه مكّن كلاّ من (م. الهاشمي) ونجله (يزيد) من مبالغ مالية يتمّ تحويلها إلى حسابهما في بنك (سوسيتي جينرال) بفرنسا قدّرت بحوالي 60 ألف أورو، كما تحصّل هو شخصيا على عمولة قدّرت ب 4.5 مليون أورو مقابل مساعدته الشركة الألمانية في الحصول على 05 صفقات في الجزائر. بداية تبديد ونهب أموال الشعب بموافقة الوزير اعترف المدير العام للمجمّع النفطي (محمد مزيان) بأنه في شهر نوفمبر 2004 ترأس اجتماعا حضره مدراء تنفيذيون وهم نائبه المكلّف بنشاطات المنبع، المدير المكلّف بنشاطات المصب، مدير مركز النشاطات المركزية ومدير الأمن الداخلي للمجمّع لمناقشة عرض الشركة الألمانية التي استقبل من طرفها كلّ من مسيّرها بالجزائر المتّهم الرئيسي (آل اسماعيل) وشركائه من الشركة الألمانية بطلب من ابنه (محمد رضا)، أين تمّ عرض إمكانيات الشركة الألمانية في التغطية بالمراقبة البصرية والحماية الالكترونية للمركبات الصناعية والإدارية، ويعدّ هذا الاجتماع انطلاقة تبديد ونهب أموال الشعب. وواصل مزيان اعترافاته بأنه فوّض نائبه المكلّف بنشاطات المنبع (بلقاسم بومدين) من أجل توقيع العقد وأرسل له موافقته بصفته من طلب الحصول على المشاريع، وعقد بعدها أعضاء المجلس التنفيذي اجتماعا خرج بتوصيات حول الإسراع في مشروع إنجاز التغطية بالمراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مركبات النشاطات ل (سوناطراك) مع احترام إجراءات منح الصفقات بكلّ حزم وشفافية ومراعاة احترافية الشركات المتحصّلة على الصفقات، وقد تمّ توقيع العقد بعد مراسلة وزير الطاقة السابق الذي أعطى موافقته من أجل إمضاء عقد بصيغة التراضي البسيط، وتضمّن العقد أغطية 123 مركب. وصرّح المدير العام السابق بأنه كان على علم بأن ابنه (مزيان بشير فوزي) مساهم هو الآخر في شركة (كونتال آلجيريا)، ليتراجع عن تصريحاته فيما يخصّ توسّط ابنه (محمد رضا) الذي يعمل عند الشركة الإيطالية الخاضعة للقانون الجزائري (سايبام كونترانتيغ آلجيريا) للمتّهم الرئيسي (آل إسماعيل) لتحديد موعد له لمقابلة إطارات المجمّع، مضيفا أنه تعرّف على مدير شركة (سايبام) خلال حفل زفاف ابنه الذي أقامه في تونس تكفّل به أصدقاء ابنه، وأنه سبق للشركة الإيطالية الاستفادة من صفقات مع مجمّع (سوناطراك)، كما سلّم نجليه مبلغ 300 مليون سنتيم لإنشاء شركة لنقل الوقود. وتبيّن أيضا من خلال محاضر استجواب المتّهم أنه كان على علم بأن (آل إسماعيل) قام بشراء شقّة في باريس باسم زوجته واقتنى له أبناؤه فيلاّ بمبلغ 65 مليون دينار، ما يدلّ على أنه استغلّ نفوذه لتمرير هذه الصفقات مقابل عمولات تلقّاها لفائدته وفائدة أفراد عائلته، هذا في الوقت الذي أصرّ فيه على أنه لم يمارس أيّ ضغوطات سواء كانت شفهية أو رسمية على أيّ إطار أو مسؤول في (سوناطراك) بخصوص منح امتيازات لكلّ من مجمّع (فون وارك بليتك) و(سايبام). بومدين: (عقدنا الصفقات بالتراضي خوفا من تهديدات شكيب خليل) يعدّ (بلقاسم بومدين)، نائب الرئيس المدير العام المكلّف بنشاطات المنبع ب (سوناطراك) الذي يتواجد حاليا رهن الحبس الاحتياطي، المتّهم الثاني في الفضيحة باعتباره المسؤول المباشر على عقد الصفقات المشبوهة، حيث كانت تصريحاته متناقضة وتخدم (عائلة مزيان) بالدرجة الأولى، والذي برّر تبديد أموال الشعب بالخوف من غضب وزير الطاقة المناجم شكيب خليل الذي وجّه لهم تعليمة صادرة سنة 2004 في إطار إنشاء تغطية بالمراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مراكز ومركبات المجمّع في مدّة 06 أشهر بعد الحريق الذي طال مركّبا بالصحراء، وهي التعليمة التي حمّلتهم مسؤولية مدنية وجزائية في حال عدم تطبيقها في الآجال المحدّدة، موضّحا أن تعليمة شكيب خليل كانت شديدة اللّهجة وتحمل في طيّاتها تهديدا واضحا في حال عدم إتمام الصفقة. وكشف المتّهم أنه عيّن في 2005 بقرار رئاسي وتمّ تكليفه بنشاطات المنبع، وبخصوص الصفقة التي تحصّل عليها المجمّع الألماني (كونتال فونكوارك) المتابع هو الآخر في ملف (سوناطراك01) كشخص معنوي بتهم مخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها ورفع الأسعار خلال إبرام عقود مع مؤسسة عمومية والرشوة والاستفادة من سلطة تأثير مسؤول المؤسسة، فقد تمّ عقد اجتماع للمجلس التنفيذي في نوفمبر 2004 بحضور أعضاء المجلس التنفيذي للمجمّع وبرئاسة الرئيس المدير العام محمد مزيان، حيث تمّ تكليف المجمّع (كونتال فونكوارك) بدراسة مشروع إنشاء تغطية مراقبة بصرية وحماية إلكترونية للمركب الصناعي بالجنوب حاسي مسعود، وفنّد المتّهم علاقته باختيار المجمّع الألماني. وتشير تصريحات المتّهم إلى أن المجمّع الألماني زار حاسي مسعود وقدّم عروضا ودراسة للمشروع، كما أن الرئيس المدير العام ل (سوناطراك) آنذاك راسل وزير الطاقة السابق واقترح عليه منح المشروع النموذجي الخاصّ بإنجاز تغطية مراقبة بصرية وحماية إلكترونية للمركب الصناعي بحاسي مسعود وحاسي رمل للمجمّع الألماني رغم أن التحرّيات أثبتت أن هذا المجمّع لم يسبق له وأن فاز بصفقات مماثلة في السوق الجزائرية، وكشفت أن ابن محمد مزيان تحصّل على أسهم في أحد فروع المجمّع بالجزائر، وواصل قائلا: (إن مزيان في نفس الإرسالية اقترح مشروع تأمين سيّارات الدفع الرباعي التابعة لسوناطراك بالصحراء عن طريق تحديد الإحداثيات الجغرافية لها)، وهي الإرسالية التي ردّ عليها شكيب خليل بالموافقة بتسجيلها على نفس الرسالة التي أرسلت إليه، وبناء على موافقة الوزير أعطى الرئيس المدير العام أوامر للتعاقد بالتراضي البسيط ومنح عقد الصفقة لدراسة تمويل وإنجاز مشروع المركب الصناعي للجنوب حاسي مسعود للمجمّع الألماني الجزائري عن طريق التراضي. وكشف المتّهم المكلّف بنشاطات المنبع أن المجمّع الألماني فاز بالصفقات الثلاث لمشروع الحماية البصرية والالكترونية رغم أن الأسعار التي قدّمها أثناء المناقصة عالية بلغت 197 مليار سنتيم، وطبقا لتعليمات الرئيس المدير العام تمّ إمضاء عقد الصفقة رقم (i-HSE-88) من طرف رئيس قسم الإنتاج بنشاطات المنبع (ح. مصطفى) بتفويض من مزيان. كما تحصّل المجمّع الألماني الجزائري على ثلاث صفقات بحاسي مسعود، حيث تحصّل عليها المجمّع في إطار المناقصة بعدما قرّر الرئيس المدير العام للمجمّع تقسيم الصفقة إلى أربعة أقسام وتسلّم كلّ شركة من الشركات المتقدّمة في المناقصة قسما دون إعلام هذه الشركات من أجل خلق منافسة في الأسعار، لكن بعد فتح الأظرفة التجارية للشركات الثلاث اكتشف أن الشركة الألمانية تقدمّت بأسعار عالية مقارنة بالشركتين، وهي الملاحظة التي قدّمها رئيس المشروع إلى المسؤولين في (سوناطراك)، لكنها لم تؤخذ بعين لاعتبار مراعاة لمصالح عائلة مزيان التي تحكّمت في اختيار الشركة الفائزة في المناقصة. وأكّد صاحب الاعترافات لدى استجوابه أنه قدّم دراسة المشروع إلى محمد مزيان وطلب منه التفاوض مع المجمّع الألماني لخفض الأسعار في الصفقات الثلاث، خاصّة وأنها تتعلّق بمشروع أوصى به الوزير ليمنحه الرئيس المدير العام الضوء الأخضر لمباشرة التفاوض، وبذلك كلّف (ح. مضطفى) بصفته صاحب المشروع بمهمّة التفاوض للوصول إلى نسبة 15 بالمائة على الأقل، والذي وصل إلى تخفيض مبدئي بنسبة 11.4 بالمائة، وتمكّن المجمّع الألماني في الأخير من الفوز بالصفقات الثلاث بطريقة مشبوهة، خاصّة بعد انسحاب (سيامنس) الألمانية من المناقصة. وفيما يخصّ استغلال المدير العام نفوذه وسلطته لمنح الصفقات للمجمّع الألماني بحكم وجود منفعة مالية لنجليه فقد جاءت اعترافات المتّهم في صالحه، حيث صرّح بأنه لم يسبق وأن شاهد نجلا المدير العام أو اِلتقى بالمتّهم (آل إسماعيل)، ممثّل المجمع الألماني الجزائري، سواء قبل الصفقات أو بعدها عكس ادّعاءات هذا الأخير الذي أقرّ بأن ثمن حصوله على الصفقات كان شقّة باسم زوجة مزيان في باريس بقيمة 650 ألف أورو و200 حصّة من أسهم الشركة الألمانية لصالح نجله (بشير فوزي) و4800 حصّة ل (محمد رضا) دون دفع أيّ مبالغ مالية. نورية ملياني: (علاقتي بهامش مكّنتني من الاستفادة من 10 صفقات بصيغة التراضي) من جهتها، صاحبة مكتب الدراسات الذي كلّف بإعادة تهيئة مقرّ الوزارة بغرمول، والذي كلّف (سوناطراك) مبلغ 8000 مليار سنتيم المدعوة (نورية ملياني) صرّحت بأن جميع العقود التي أبرمتها مع (سوناطراك) كانت بصغة التراضي البسيط بداية من مشروع إعادة تهيئة دار الضيافة بجانات ومشروع تسوية دار الضيافة بوهران وتهيئة قرية التوارف بزرالدة، وهذا تطبيقا لأوامر الرئيس المدير العام لمجمّع (سوناطراك محمد مزيان)، إلى جانب عقد تسوية غابة زرالدة للمجمّع البترولي ومشروع تهيئة حديقة للمديرية التجارية للشركة بحيدرة وتسوية دار الضيافة في تيميمون، درا الضيافة بتمنراست، إنشاء المعهد الجزائري لمناجم بتمنراست، هذا الأخير بطلب من الوزير شخصيا وهذا في الفترة الممتدّة ما بين 2005 - 2009 دون أن تلحق صفقاتها أيّ شبهة. وعن متابعتها في الملف فقد صرّحت بأن نورية الأمر يتعلّق بمشروع ترميم وإعادة تهيئة المقرّ الجديد للمديرية التجارية للشركة بغرمول في 07 جويلية 2007 بعد أن تحصّلت على عقد عمل من اجل دراسة المشروع بالتراضي مع مكتبها (كاد) بطلب من مدير تهيئة المقرّ (ع. عبد الوهّاب) فقامت بتحضير دراسة للمشروع وسلّمت الملف للشركة تبعا لإعلان لمناقصة رقم ( SH/COM/07/20)، وفي شهر أفريل 2008 أمضت عقد لدراسة معمارية للمشروع بصفتها مسيّرة مكتب دراسات مع رئيس نشاط المركز (ص. محمد) بقيمة 163.334.45.00 دينار في أجل أقصاه 180 يوم، وأنها قامت بتحضير دفتر الشروط الخاصّ بهذا المشروع وقامت بتسليم جميع الأعمال المطلوبة طبقا لبنود العقد، وبعدها قامت بالحصول على صفقة تتبع مشروع إنجاز 20 مسكنا لصالح تعاضدية الصناعات البتروكمياوية لصالح إطارات الشركة. غير أن التحرّيات كشفت أن جميع هذه الصفقات التي حازت عليها المتّهمة بصيغة التراضي كانت بفضل علاقتها مع رئيس ديوان الوزير (رضا هامش) التي تعرّفت عليه سنة 2000 عن طريق مهندسة معمارية وزوجها واستمرت في التعامل معه إلى سنة 2004، أين اتّصل بها واغتنمت الفرصة للبقاء في اتّصال دائم معه من أجل تسوية وضعيات إدارية في إطارا صفقاتها مع المجمّع البترولي. وأضافت المتّهمة أنه في سنة 2009 اتّصلت ب (هامش) وعدد من إطارات الشركة بعد تلقّيها استدعاء من طرف مصالح الأمن، إلاّ أنه لم يتمّ الردّ على اتّصالاتها. تبيّن من خلال التحقيق أن شكيب خليل كان على علم بوضعية المناقصة الخاصّة بصفقة (تهيئة مقرّ غرمول)، والتي عادت دون جدوى بعد انسحاب عدّة شركات وبقاء شركتين فقط، ولم يبد أيّ مانع لمنح الصفقة عن طريق التراضي للشركة الألمانية (IMETCH) رغم أن عرضها غالي جدّا ويقدّر ب 73 مليون أورو، أي 8000 مليار سنتيم. وفي هذا السياق، تشير التحقيقات إلى أن الرئيس المدير العام ل (سوناطراك) راسل وزير الطاقة في مارس 2009 يطلب توجيهات بخصوص المناقصة التي انسحبت منها شركات أجنبية وبقيت اثنتان فقط وعرضهما غالي جدّا، ويتعلّق الأمر بالشركة الألمانية التي تمّ منحها الصفقة عن طريق التراضي والشركة الثانية الأمريكية وتلقّى خلالها تعليمات من قِبل الوزير لإتمام الصفقة بالتراضي مع الشركتين الألمانية والأمريكية، ليتبيّن أن عرض الشركة الألمانية أقلّ بحوالي 30 بالمائة من عرض الشركة الأمريكية، وهو ما جعلها تفوز بالمناقصة، غير أن القيمة المالية للمشروع مبالغ فيها، وهو ما يؤكّد قبض مسؤولي (سوناطراك) عمولات وحصولهم على امتيازات لمنح الشركة المناقصة بهذه القيمة الخيالية، والتي يمكن أن تنجز بها مقرّا جديدا لا أن يرمّم فقط. وتكشف تصريحات المتّهمين في القضية أن مشروع إعادة تهيئة مقرّ غرمول من بين الصفقات التي تمّ إبرامها عن طريق التراضي البسيط وبأوامر من شكيب خليل ومحمد مزيان، حيث قامت مديرية النشاطات المركزية ب (سوناطراك) بتعيين مكتب الدراسات (كاد) بأمر من مزيان لتحضير دفتر شروط الصفقة، حيث تحصّل هذا المكتب على عقد العمل في دراسة المشروع عن طريق التراضي البسيط ودون الدخول في أيّ مناقصة، وهو المخالف للقوانين المعمول بها في مجال الصفقات العمومية، وهذا بطلب من المدير التنفيذي للنشاطات المركزية (ص. محمد) بحجّة أن المشروع مستعجل. تطالعون غدا تصريحات باقي المتّهمين على رأسهم المدير التنفيذي (رحّال محمد شوقي) وعلاقته بصفقة ترميم مقرّ غرمول، وتصريحات نجلي المدير العام محمد مزيان التي ستكشف المزيد عن حيثيات هذه الصفقات التي سيطرت عليها المصالح الشخصية والرشاوى والعمولات.