باشرت محكمة القطب الجزائي المتخصص ب (سيدي امحمد) بالعاصمة أمس استجواب 38 متهما، من بينهم مسؤولون بمديرية البناء والتعمير ومكاتب دراسات بولاية الشلف تورطوا في تبديد أزيد من 30 مليار سنتيم على خلفية قيامهم بالتلاعب بميزانية عدة مشاريع من خلال مخالفة دفاتر الشروط وتضخيم الفواتير وصرف الملايير في أشغال إضافية وهمية، والتي طالت كلا من مشروع الصرف الصحي والملبس الساخن بالقطب العمراني الجديد بحي الشطية. استهلت جلسة المحاكمة باستجواب (ب. سليم)، المدير السابق لمديرية التعمير والبناء بولاية الشلف، والذي أنكر التهم المنسوبة إليه والمتمثلة في تبديد أموال عمومية، سوء استغلال الوظيفة ومنح امتيازات غير مبررة، حيث صرح بأن إبرام الصفقات من صلاحيات اللجنة الولائية، وأن مهمته كانت تنحصر في مراقبة القانون الداخلي للمديرية وقد كان يطلع الوالي عبر إرساليات رسمية على جميع الصفقات، ليواجهه القاضي بالملحقات المالية التي تم رصدها في أشغال إضافة مست ما نسبته 80 بالمائة وعدم تمريرها على لجنة التقييم، فضلا عن عدم احتساب غرامات التأخير وصبها في الخزينة العمومية، وهو ما أنكره المتهم جملة وتفصيلا، وأنه لا علاقة له بالصفقات لا من قريب ولا من بعيد وهي لا تدخل في صلاحياته، بل من صلاحيات اللجنة الولائية. وفيما يخص سبب منح المشاريع للمقاول المدعو (الحاج) صرح المتّهم بأن السبب يكمن في أنه يملك أكبر شركة مقاولة إلى جانب ملكيته للعتاد، وأنه ليس مسؤولا عن اختيار المتعاقدين، بل لجنة الصفقات التي يشرف عليها الوالي هي المسؤولة، وعن سبب إقصاء مقاول فاز بالصفقة صرح بأنه لم يكن على علم بذلك. أما رئيسة مصلحة التعمير والبناء المتابعة بتهم إبرام صفقات مخالفة للتشريع وتبديد أموال عمومية والتزوير في محررات عرفية تمثلت في أوامر انطلاف عمل المشروع فقد أنكرت التهم المنسوبة إليها، كما أنكر المتهم (ن. الطاهر) ما نسب إليه بصفتة مدير مصلحة. وقد انطلقت التحريات بناء على رسالة مجهولة سبقتها تقارير ومتابعة للمديرية من قبل المفتشية العامة للمالية (المديرية الجهوية بمستغانم) خلال شهري مارس وأفريل من سنة 2011. وكشفت التقارير جملة من التجاوزات سجلت على مستوى مديرية التعمير لولاية الشلف، حيث تبيّن أن عددا من المقاولين استفادوا من مشاريع في إطار برنامج التنمية المحلية بطرق مشبوهة، مع منح امتيازات غير مبررة بالتواطؤ مع الموظفين القائمين على لجنة العروض ومنح الصفقات، وسجلت تجاوزات في إنجاز المشاريع ومخالفة دفتر الشروط، وتبيّن أن الخروقات مسجلة بدءا من إعداد دفاتر الشروط إلى غاية المنح النهائي للمشاريع، بالإضافة إلى اكتشاف عدة عمليات تزوير في محاضر الفتح والتقييم بالسجلات الرسمية. وتتعلق جملة المشاريع بعملية التهيئة والتحسين الحضري للقطب العمراني الجديد بحي الشطية التي ورطت موظفين في مديرية الري ورئيس مديرية البناء والتعمير لولاية الشلف، وكذا عدد من إطارتها ومقاولين بمشروع الصرف الصحي بالقطب العمراني الجديد بحي الشطية منحت للمتهم (م. الحاج) بمبلغ مالي قيمته 42.377.135، 46 دينار، وبتاريخ 10/12/2007 أدرجت له أشغال إضافية بمبلغ 33.527.958، 33 دينار، وهو ما يمثل نسبة حوالي 80 بالمائة من مبلغ الصفقة الأصلي. كما شمل التحقيق مشروع التهيئة الخارجية الشطر الأول بالقطب العمراني الجديد بحي الشطية وسجلت به تجاوزات تمثلت في أنها منحت دون اكتمال النصاب بلجنة تقييم العروض، علما بأن قرار اللجنة في منح المشروع من عدمه حاسم، وهو ما يعتبر مخالفة صريحة لأحكام المادة 138 من قانون الصفقات العمومية، خاصة بعد عقد اجتماع لجنة تقييم العروض التقنية والعروض المالية في اجتماعين منفصلين، وهو ما يعتبر خرقا للأحكام الجديدة لقانون الصفقات العمومية، إلى جانب تجاوزات وخروقات خطيرة فيما يتعلق بمشروع الملبس الساخن بالقطب العمراني الجديد بحي الشطية، وقدرت قيمة الصفقة التي رست لنفس المستفيد بمبلغ مالي قيمته 203.370.277، 60 دينار. وتبيّن بعد دراسة التقييم الإداري المعد من قبل مكتب الدراسات أن المبلغ الذي اقترحه المقاول كان مقاربا جدا لمبلغ الصفقة، مما يوحي بأن هناك تسريبا للمعلومات عن المبلغ لفائدة صاحب المقاولة (م. الحاج)، وبالتالي فإن المصلحة المتعاقدة أخلّت بمبدأ الشفافية والمنافسة الشريفة ومنح امتيازات غير مبررة للغير، مما كلف الخزينة العمومية خسارة أزيد من 30 مليار سنتيم. وما تزال جلسة المحاكمة متواصلة إلى غاية كتابة هذه الأسطر، حيث من المتوقع أن تدوم يومين كاملين.