* تعليمة بودربالة فتحت شهية دعاة (السيفيليزي)* عاد في الساعات الأخيرة جدل حجاب الجمركيات إلى الواجهة بقوة بعد أن رد وزير في الحكومة على سؤال برلماني بتأكيد منع المحجبات من ارتداء الخمار في الجهاز المذكور بدعوى (احترام القانون)، الأمر الذي قوبل باستياء شعبي جسدته تعليقات على مواقع الأنترنت التي تناقلت الخبر، حيث قال البعض إن القانون الذي يُفترض أن يُحترم هو (قانون اللّه) وليس (قانون الجمارك). يبدو أن تعليمة مدير الجمارك بودربالة القاضية بخلع خمار الجمركيات قد فتحت شهية مسؤولين آخرين من دعاة (السيفيليزي) للتطاول على الحجاب، وسط توجسات من أن تحذو إدارات أخرى حذو الجمارك، فيما يناشد ناشطون وسياسيون الرئيس بوتفليقة التدخل لوضع حد لمثل هذه القرارات الانفرادية التي تكرس التمييز بين الجزائريات، حسبهم. وتواصل التعليمة التي وجهتها مديرية الإدارة العامة بالمديرية العامة للجمارك المتعلقة بمنع الجمركيات من ارتداء (الخمار)، وبالتالي منعهن من لبس الحجاب، إثارة الجدل في أوساط كثيرة وإثارة سخط وتعجب ملايين الجزائريين الذين يستغربون صدور تعليمة مخالفة للشرع والدستور كهذه، في الوقت الذي لا يجد فيه بعض المسؤولين حرجا في تبرير ذلك بالقانون الداخلي والضرورات المهنية، وكذا بمعرفة البنات المقبلات على العمل في القطاع سلفا بأن الحجاب ممنوع فيه. ويصر بعض الوزراء في طاقم سلال على رأيهم الانفرادي المخالف الشرع والدستور، حيث وبعد وزير المالية محمد جلاب الذي دافع بشراسة عن تعليمة (العار) جاء الدور هذه المرة على وزير العلاقات مع البرلمان خليل ماحي الذي قال إن مهمة أعوان الجمارك تشترط ارتداء زي خاص متكيف بوظيفتهم، في إشارة واضحة إلى ضرورة خلع الحجاب بالنسبة للجمركيات. وفي جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني أول أمس مخصصة للأسئلة الشفوية أوضح الوزير حول سؤال متعلق بمنع ارتداء الخمار بالنسبة للنساء أعوان قطاع الجمارك أن هذا الأخير باعتباره (سلكا شبه عسكري مكلف بالمكافحة الميدانية لمختلف أشكال الغش والتهريب فإن مهمة الأعوان تشترط ارتداء زي خاص). (مسموح) في الخارجية الألمانية و(ممنوع) في الجمارك الجزائرية! يصمم بعض المسؤولين الجزائريين على التعامل مع الحجاب كظاهرة (مرضية) في قطاعاتهم، في الوقت الذي تتعامل فيه دول لا ينص دستورها على أن الإسلام دين الدولة مع الحجاب كظاهرة (صحية) تعكس التنوع الثقافي والديني، لا بل تستغله لتبييض صورتها كبلدان متحضرة وتعرض جانبها المشرق للمغتربين من أصحاب الكفاءات بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي. وفي السياق، شارك وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير مؤخرا في بعض النقاشات في ورش العمل وأجاب على بعض الاستفسارات والتساؤلات، وسألته إحدى المشاركات عن انطباعه الشخصي حول دبلوماسيات ألمانيات يرتدين الحجاب فأجاب بصراحة عن ذلك قائلا: (الحجاب لا يمثل عائقا أساسيا، وعلى المرء ألا يخاف على الإطلاق عندما يكون أحد الممثلين الدبلوماسيين الألمان في آسيا مثلا، لا يوحي مظهره الخارجي بأنه ألماني تقليدي)، حيث تجلس المحجبة أوجاك ذات الأصول التركية بجوار وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير في ندوة حوارية في إحدى قاعات وزارة الخارجية، ويستمع الوزير معربا عن ارتياحه إلى كلام أوجاك وهي تقول إنها جلبت معها بعض الامتيازات للوزارة. أما في الجزائر فيمثل الحجاب عائقا كبيرا أمام موظفات الجمارك، حسب تصريحات العديد من المسؤولين الجزائريين، على غرار وزير العلاقات مع البرلمان خليل ماحي وقبله وزير المالية محمد جلاب. (لا للمساس بلباس المرأة المسلمة) تتوالى ردود الفعل الشعبية والسياسية القوية الرافضة للمساس بلباس المرأة المسلمة تحت أي مبرر. وحسب النائب محمد الداوي فإن تعليمة بودربالة تشكل (تعديا واضحا وسافرا على أحكام الدين الإسلامي الذي هو دين الدولة الجزائرية)، واصفا التعليمة ب (المشؤومة) التي جاءت (لتنبش في ماض غابر دفنته الإدارة الجزائرية عن طريق وزارة الداخلية والجماعات المحلية) وأعرب النائب ذاته عن مخاوفه من أن تفتح هذه التعليمة شهية قطاعات أخرى (لتحذو حذو إدارة الجمارك)، داعيا الرئيس بوتفليقة إلى التحرك لوضع حد لمثل هذه التصرفات الانفرادية وغير مدروسة العواقب. وكانت إدارة الجمارك ذكرت أعوانها من النساء في نوفمبر العام الماضي بهذا الإجراء. وأثار القرار ضجة إعلامية وقام العديد من النواب بتوجيه أسئلة كتابية إلى الوزير الأول ووزير المالية. وحتى اتحاد النساء الجزائريات الذي ليس له توجه إسلامي ورئيسته نوارة حفصي لا ترتدي الحجاب، طالب مدير الجمارك بالسماح (بخمار خفيف) للجمركيات المحجبات لأن ذلك (يدخل ضمن الحريات الشخصية للموظفات). وانتقد وزير الشؤون الدينية محمد عيسى قرار إدارة الجمارك وعدّه (لاغيا)، وقال إن (من حق الجمركية أن تلبس خمارها قانونا وأخلاقا في جزائر الحرية)، كما نقلت عنه وسائل الإعلام. من جهتها، ناشدت حمس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وهو القاضي الأول في البلاد وحامي الدستور التدخل بالسرعة القصوى لإلغاء هذه التعليمات والإجراءات التعسفية، والتي تكرس التمييز بين الجزائريات.