بقلم: محمد قروش يبدو أن بان كي مون هو أكثر عروبة من العرب الذين اجتمعوا فيما تبقى من جامعتهم المتفرقة في شرم الشيخ لأجل دراسة مستقبل الأمن العربي في ضوء التهديدات الإرهابية، فبان كي مون هو الوحيد من العرب الذي ذكر اسم غزة في كلمته أمام زعماء العروبة وتكلم عنها في كلمته، أما بقية الملوك والسلاطين العرب فقد أصيبوا بفقدان الذاكرة ومرض الزهايمر أمام الجماعات الإرهابية التي تهدد كراسيهم حتى أنهم نسوا أن هناك شيئا اسمه غزة أو حتى فلسطين. إنها مأساة دويلات العرب المتناحرة التي أصبحت ترتعش من الجماعات الإرهابية خوفا على كراسيها وتنسى عدوها الأساسي والخطير الكيان الصهيوني الذي ينخر جسد الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، بل إن كل المخططات والنزاعات والصراعات والقلاقل والعمليات الإرهابية لا تخلو من بصماته السوداء الملطخة بالدماء. لكن العرب اليوم لم يعد يهمهم لا غزة ولا فلسطين ولا سوريا ولا العراق ولا اليمن ولا ليبيا ولا الشعوب العربية المغلوبة على أمرها، بل إن ما يهمهم هو توفير الحماية لكراسيهم ولو على جماجم الشعوب ودمائها، وما دامت إسرائيل راضية عنهم وهم راضون عنها، حيث لا يهدد أحدهم الآخر فليذهب البقية إلى الجحيم.. جحيم الاضطهاد والاستعباد والاحتلال. صحيح أن الإرهاب الأعمى والإجرامي قد حول دويلات العرب إلى مسارح من الدماء والتفجيرات والأحزان، لكن هذا الإرهاب لم يكن له أن يفرخ لولا دعم وتأييد وتمويل ملوك وسلاطين العرب ومن ورائهم جامعة العرب. فالقاعدة التي نشأت بعد حرب أفغانستان هي صناعة ملكية سعودية وخليجية بالمال والعتاد والفكر والتوجيه، وما يعرف ب (داعش) هي البعبع الذي خرج من عباءة الأنظمة العربية التي دعمت وساندت الجماعات المتطرفة من أجل قتال نظام الأسد والميليشيات الليبية المسلحة هي صناعة قطرية وإماراتية بامتياز التي صنعت من أجل الإطاحة بنظام القذافي. هكذا فإن الإرهاب هو صناعة عربية بامتياز نتيجة تآمر العرب بعضهم على بعض من خلال إنشاء ودعم جماعات للمرتزقة، وسرعان ما انقلب السحر على الساحر وأصبحت هذه الجماعات هي التي تهدد عروشهم لأنهم غرقوا في المؤامرات التي يطبخها اليهود والغرب ونسوا قضاياهم المصيرية وعلى رأسها الأقصى وفلسطين فأنساهم اللّه أنفسهم وتركهم في ظلمات يعمهون.