تشتهر عاصمة التيطري المدية بنبوغ عمالقة في الخط العربي والزخرفة، سبق لهم وأن تركوا بصمات تبقى شاهدة على إنجازاتهم الفنية على مستوى الوطن العربي والعالم على غرار دوخ عبد الغني وقارة برنو عبد الرزاق وصفار رمالي فضيل وبن كراديجية فضلوا الاحتراق كالشموع لإضاءة الطريق أمام رغبات تلامذتهم في مثل هذه الفنون الجميلة في حصص التربية الفنية المبرمجة كونهم مازالوا يؤمنون أن التعليم رسالة في ظل تفاقم الأوضاع الاجتماعية، والأجمل في هذا محاولاتهم اكتشاف هوايات براعم مرحلة الإكمالي والثانوي في فنون الخط العربي والزخرفة والرسم. فهم يضحون بأوقاتهم ربما على حساب قضاء سويعات راحتهم وسط الخضرة والماء بالتعمق في مثل هذه الفنون التي تشد اهتمام هواتها وهم في زهرة حياتهم، فلمساتهم تضفي عليها طابعا جماليا ينتج عن حركات تجمع بين القدرات العقلية ومهارات اليد لتجعل فن الخط والزخرفة يتهادى في رونق جمالي تطبعه المهارات في ديكور خطوط وألوان لتوليد لوحات فنية تنافسية. ولمعرفة مدى الصعوبات التي يتلقاها هؤلاء الفنانون أثناء مهامهم التعليمية والتكوينية أجرت أخباراليوم دردشة خفيفة حول رسالتهم النبيلة على هامش الطبعة السادسة للورشة الوطنية المدرسية في فن الخط والزخرفة بالمدية التي أقيمت فعالياتها من 22 إلى 26مارس المنقضي. دواخ عبد الغني خريج المعهد التكنولوجي للتربية بالمدية عام1983 بدأ مشواره الفني في ورشة الأستاذ علي ولد رامول للخزف، وتواصلت المسيرة يقول محدثنا إلى غاية 2005 أين أسسنا الورشة الوطنية للخط العربي للمحترفين، وهذا على غرار الأيام الوطنية للخط العربي ببسكرة المنشأة عام 2004، وبعد الانتهاء من فعاليات الطبعة الحالية أكد مضيفا (نحن بصدد التحضير للطبعة رقم 11 إن شاء الله السنة القادمة). الجمعية دون مقر منذ 10 سنوات وعن الصعوبات التي تعرقلهم حصرها محدثنا في انعدام مقر للجمعية منذ نشأتها قبل عشر سنوات، وأقسام لإلقاء الدروس النظرية والتطبيقية خاصة وأن ولاية المدية تشتهر بعدد معتبر من هواة الخط العربي، وحسبه فإن انعدام قاعات لتقديم الدروس يعرقل عمل الورشة وبشكل ملفت للنظر، فكثيرا ما (نضطر إلى إخراج التلاميذ المشاركين ومرافقيهم إلى الشارع، حيث نضطر كذلك إلى عرض لوازم الأعمال المعروضة بأروقة الساحات العمومية) وبطريقة وضعها على طاولات وبحضور الوفود المشاركة، وبهذه الوسيلة تتكون لوحات فنية رائعة تمتزج فيها ألوان ونماذج للخط العربي نسجتها أنامل البراعم الهاوية،ألقوا بها بفضاءات الهواء الطلق ليحكم عليها الجمهور، فمنهم من يضع بصمة توقيعه التشجيعي، فيما لا يبالي البعض الآخر. وعن أهم الجوائز المتحصل عليها حصرها الأستاذ في الجائزة الثانية في الخط المعاصر في المهرجان الدولي للخط العربي بالجزائر العاصمة، والثانية في المهرجان الدولي للمسرح بتلمسان عاصمة الثقافة العربية على مدار سنة 2011. عراقيل تثبط عزيمة الهواة وبالنسبة للعراقيل التي تعترض نشاط التلاميذ وصفها محدثنا بالمثبطة لعزائم هواة هذا الفن، وتتمثل على وجه الخصوص في نقص فادح في الوسائل المستعملة، ليؤكد في السياق ذاته قائلا (فعندما نشارك في مهرجانات خارج الجزائر نلاحظ توفر كل الوسائل الضرورية والمكملة للأعمال الاحترافية، أي عكسنا تماما ومهما كانت الإرادة القوية تبقى الإمكانات الحافز الداعم للأعمال الفنية الناجحة) ولهذا أضاف الأستاذ (نرجو من السلطات المعنية توفير مثل هذه الوسائل) وأن أمله كبير في والي المدية الذواق للثقافة والفكر ومختلف الفنون في توفير فضاء مناسب للتكوين وعرض الأعمال الفنية، وكذا بالنسبة للوسائل الضرورية لإنجاز اللوحات الفنية على غرار ماء الذهب والورق الجيد وأنواع الأحبار الضرورية لفن الخط. كما يبقى المقر من بين أولويات الجمعية التي تضطر أحيانا إلى استعمال حيز بورشة الأستاذ علي ولد رامول للخزف وأخرى بقاعة بسيطة بمسجد الفرقان وباحتشام. تلاميذ يبرعون في فني الخط والزخرفة أما السيد بن كراديجية،أستاذ التربية الفنية التشكيلية بثانوية أحمد عروة بالمدية الذي أسس ورشة الخط والزخرفة سنة2000 تزامنا والورشة الوطنية للحرفيين، وبهذا أصبح بإمكان تلاميذ المتوسط والثانوي الالتحاق بالورشة لاكتشاف مواهبهم الفنية، وعن طرق اكتشاف المواهب والميولات الفنية للتلاميذ قال معقبا (وأنا كأستاذ في التربية الفنية سبق لي وأن كوّنت ورشة عام1990 ينتقل إليها التلاميذ ذوو المواهب في الخط والزخرفة والرسم، حيث يتم مساعدتهم فنيا على اكتشاف مواهبهم الأولية خلال السنتين الأولى والثانية)، وبعدها أضاف محدثنا يتم تكوينهم حسب ميول كل تلميذ (أي التخصص في الخط أوالزخرفة أو الرسم) وهذا بتوفير الوسائل الضرورية والمتميزة بالبساطة وبالتدرج، بدءا من توظيف قلم الرصاص إلى استعمال الألوان المختلفة، وبالتالي قال بن درايجية يصبح هذا التلميذ فنانا في تخصصه، وحسب تجربته وملاحظاته فإن التلاميذ الموهوبين فنيا هم المتفوقون كذلك في شهادة البكالوريا أو الأهلية، أي عكس ما يروج وسط أوليائهم لأن مثل هؤلاء التلاميذ تحفزهم المشاركات في المهرجانات الوطنية للفنون التشكيلية بولاية تيبازة منذ نهاية القرن الماضي ولحد الآن، وفي السياق ذاته أضاف قائلا (يتحصل سنويا تلامذتي على المراتب الأولى في المهرجانات الوطنية المقامة بتيبازة، ففي سنة 2014 حصدت المدية الجوائز الأربع الأولى وطنيا، وعن تسويق اللوحات المنجزة بالورشة أو بيعها خلال الورشات الوطنية المدرسية، نفى محدثنا العملية رغم يقينه بنظرية (قيمة الشيء تكمن في ثمنه)، وكانت كلمته بتوجيه نداء إلى وزارة التربية عن طريق مدير التربية يتضمن إقامة معرض وطني يضم أزيد من 300 لوحة فنية بينها الأعمال الفائزة التي صنعتها أنامل تلاميذ عاصمة التيطري المدية، كما توجه بالشكر إلى (أخباراليوم) على اهتمامها بطرح مثل هذه الإشكالات في عالم الخط العربي والزخرفة.