قالوا إن (الحكومة قطعت الطريق أمام مافيا المال) * دعوة إلى تقنين تجارة العملة وفتح مكاتب الصرافة للقضاء على الأسواق السوداء* شكلت مداهمة مصالح الأمن لسوق العملة بالسكوار وتوقيف العشرات من التجار بعد عملية ترصد لأسابيع حديث الرأي العام، خاصة وأنها لم تكن متوقعة بعدما سيطر هؤلاء البارونات على مدار سنين على بورصة تصريف العملة بالجزائر، ما أدى مباشرة إلى قفز أسعار عملتي الأورو والدولار بسبب انسحاب باقي التجار الذين فضلوا عدم المجازفة بأموالهم وتعريضها للحجز، وإن كانت العملية أثارث تخوف المواطنين خاصة المسافرين من توقف حركة الأموال فإنها أثلجت صدور المختصين في المجال الاقتصادي. أكد الخبير الاقتصادي مبارك سراي أن الحكومة قطعت الطريق أمام مافيا المال بهذه الخطوة الذين ساهموا في تدمير العملة الوطنية من خلال المضاربة وإن كانت هذه الخطوة ليست حلا نهائيا، لأنه من المحتمل أن يعود التجار لمزاولة مهامهم بصفة عادية في غضون الأشهر القليلة القادمة مثل ما يحدث مع الأسواق الموازية للخضر والملابس، وأن تكون هذه الخطوة مجرد سياسة ذر الرماد على الأعين لإلهاب بورصة العملة، موضحا أن الحل يكمن في تقنين تجارة العملة من خلال إنشاء مكاتب معتمدة للصرافة تضبط حركة رؤوس الأموال وتساهم في تدعيم الاقتصاد وليس تدميره كما تفعل الأسواق السوداء. وهو الاقتراح الذي باركه فارس مسدور الذي أكد أن السوق السوداء بالسكوار جزء صغير من سوق العملة الكبير جدا بالجزائر، والذي يحظى بدعم وحماية من قِبل مافيا المال، مردفا: (إن سوق بور سعيد ليس الوحيد على المستوى الوطني، بل هو امتداد لسوق مافياوي للتجارة في العملة من طراز خاص)، متهما كل البارونات التي تقف وراء هذه الأسواق السوداء التي رفض تسميتها ببورصة التجارة بالعملة بأنها السبب وراء انخفاض قيمة الدينار الجزائري في الأسواق العالمية. ودعا مسدور الحكومة إلى الاستمرار في محاربة هذه التجارة وتضييق الخناق على المتعاملين الذي وصفهم ب (الشرذمة) وتسليط عليهم عقوبات قاسية بسبب تماديهم في ضرب العملة الوطنية التي تعبّر عن رمز السيادة الوطنية من أجل الكسب المريح والسريع، نافيا أن تكون الحرب التي شنتها الحكومة على هذه التجارة غير الشرعية قد يؤثر عل السوق، حيث صرح: (حركة الأموال بالجزائر سريعة جدا وتتسم بديناميكية خاصة جراء التداول السريع للأموال، سواء في المشاريع أم في الأسواق المالية السوداء، ولن تتأثر بإيقاف سوق بورسعيد)، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة أن تجد الحكومة البديل الذي يكمن في فتح مكاتب معتمدة للصرافة والسماح لها بالعمل في إطار قانوني من خلال إعطاءها الترخيص لذلك من أجل القضاء على الشبكة الخطيرة التي تتحكم في العملة الأجنبية بطرق غير مشروعة من خلال المضاربة في الأسواق السوداء. تجدر الإشارة إلى أن مصالح الشرطة الاقتصادية والمالية التابعة لأمن الجزائر شنت منذ يومين حملة توقيفات طالت تجار السوق السوداء للعملة بالسكوار، قبل أن تقوم بإطلاق سراح كل الموقوفين الذين تجاوز عددهم الثلاثين شخصا بعد أن حررت محاضر سماع ضدهم، في انتظار إعادة استدعائهم مستقبلا لاستكمال التحقيقات التي تمت في سرية تامة، مع مصادرة الأموال التي كانت بحوزتهم، سواء بالعملة الوطنية أم العملات الأجنبية، خاصة وأن الوزير الأول عبد المالك سلال أكد قبل أيام فقط على ضرورة استرجاع الكتلة النقدية المتداولة خارج البنوك والمقدرة ب 3700 مليار دينار بغرض القضاء على تبييض الأموال ووقف استنزاف العملة الصعبة إلى الخارج مقابل إغراق السوق الوطنية بمنتجات الجزائر في غنى عنها.