اكتظت قاعة بلدية الحراش (الإخوة بركات 2) التي احتضنت حفل تكريم الشيخ مصباح حويدق، بمن عرفوه وسمعوا عنه رغم أنهم لم يعاصروه ولم يلتقوه يوما، وهو الأمر الذي يوحي بالشهرة التي اكتسبها الشيخ من خلال مواقفه وآرائه الجريئة رغم وفاته منذ سنوات طويلة. حيث نظمت جمعية الأنيس وتحت رعاية بلدية الحراش ملتقى لعائلة الشيخ مصباح حويدق رحمة الله عليه والذي ولد سنة 1902 بوادي سوف، وسط أسرة متدينة، وفي سنة 1920 سافر إلى تونس والتحق بجامع الزيتونة إلى جانب الشيخ الياجوري رحمه الله وعلماء دين آخرين وعلى رأسهم العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وعندما أسس عبد الحميد بن باديس جمعية العلماء المسلمين والإصلاح الديني رفقة البشير الإبراهيمي والشيخ الطيب العقبي والعربي التبسي وسعيد الزموشي وغيرهم، فتحت جمعية العلماء المسلمين مدارس تعليم اللغة العربية أيام الاحتلال الفرنسي في كامل أنحاء التراب الوطني لتعليم اللغة العربية ومعالم الدين الإسلامي الحنيف، أصبح الشيخ مصباح يتنقل من منطقة إلى أخرى لتعليم اللغة العربية وتدريس معالم الدين الإسلامي الحنيف، فتنقل أيام الاستعمار الفرنسي من الحراش إلى تلمسان إلى بني هديل، إلى السبدو، ثم عين الغرابة ثم إلى معسكر، ودرس هناك أحمد مدغري الذي درس على يد الشيخ مصباح في معسكر إلى مستغانم أين أنشأ حركة إصلاحية كبيرة، حيث تم تنظيم هذا الملتقى أول أمس تحت شعار (يمضي الرجال ويبقى النهج والأثر) بحضور عائلة الشيخ التي تم تكريمها، كما حضر تلامذته وعلى رأسهم مبارك عليك رئيس بلدية الحراش بالإضافة إلى وجوه مهتمة بالتاريخ كالدكتور سعيد مولاي والدكتور محمد رضوان، بحيث قاموا بإلقاء محاضرات على الحضور بعدما تم افتتاح هذا الملتقى بآيات من الذكر الحكيم. يأتي هذا الملتقى في إطار الاحتفال بيوم العلم المصادف للسادس عشر من شهر أفريل من كل عام، وهدفت جمعية الأنيس من خلال هذه المبادرة إلى التعريف بإعلام بلدية الحراش كأمثال الشيخ مصباح حويذق وعبد اللطيف سلطاني وعمر العرباوي وغيرهم، حيث تم تكريم هذه الشخصية المعروفة وسيتم تكريم مجموعة من الإعلاميين لبلدية الحراش خلال الأيام المقبلة خاصة وأن مثل هذه الفئة لطالما كانوا مهمشين ومظلومين ولم يأخذو حقهم، لذا حاولت الجمعية أن تعطي القيمة اللازمة للإعلام كعربون وفاء من أبناء الاستقلال لجيل الثورة). كما تم التذكير بأهم مواقفه وآرائه الجريئة فقد عرف الشيخ مصباح حويذق بالتفاتاته الطيبة، حيث أنه كان في كل مرة تجرى مقابلة في ملعب الحراش يستغل الشيخ الفرصة للدخول إلى الملعب بين الشوطين وإلقاء كلمة يعظ بها ويذكر بها من حضر هناك، وإذا مر الشيخ مصباح في أزقة الحراش أغلقت الحانات أبوابها رهبة منه، كما كان المصلون بمسجد الحراش يرفضون كل إمام جديد من طرف الوزارة، بل بلغ بهم الحد إلى مرافقته إلى مركز الشرطة كلما استدعته للتحقيق معه، مهددين بعدم المغادرة إلا وإمامهم معهم. حيث قال الشيخ عبد اللطيف سلطاني رحمه الله في عريضة أرسلها إلى رئيس مجلس الثورة والحكومة (نذكركم وأنتم بدون شك على علم بما لقيه بعض العلماء من الزج بهم في سجن الحراش مع القتلة واللصوص والمجرمين، بتهم لم تر العدالة لها قيمة فأفرجت عنهم، وهاهو اليوم خطيب جامع الحراش الشيخ مصباح الحويذق مبعد عن بيته إلى الصحراء كأنه أجرم وأتى بكبائر الإثم والعدوان، مع اعتلال صحته وكبره). وعلى هامش الملتقى تم تنظيم معارض لتاريخ جمعية علماء المسلمين الجزائريين والذي ضم صورا حصرية تعرض لأول مرة.