الحرب بين الشيطان والإنسان لن تقف أبدًا؛ فقد أقسم الشيطان أن يُهْلِك كلَّ مَنْ يستطيع من بني آدم عليه السلام؛ فقد قال تعالى يحكي عزم الشيطان: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62]، وللشيطان طرق كثيرة في إغواء البشر؛ ومن أهم هذه الطرق كشف العورة، ويعتبر الشيطان هذا الكشف خطوة أولى لما بعدها من فواحش، ويسعى لذلك بكل طاقته، ويستمتع برؤية الإنسان عاريًا، ويستغلُّ عريه لبثِّ الأفكار الفاسدة فيه، قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 26، 27]؛ فهذه هي طريقته ومنهاجه؛ لذلك كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان عند مواطن التعرِّي، فكان يفعل ذلك عند دخوله للخلاء لقضاء الحاجة؛ فقد روى البخاري عن أَنَسٍ رضي الله عنه، أنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلاَءَ قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ). والخبث هم ذكور الجنِّ، والخبائث هم إناثهم. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله -أيضًا- من الشيطان عند الجماع؛ فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ). فلتكن هذه عادتنا وسُنَّتنا عن هذه المواطن، ولنعلم أن ترك هذه السُّنَّة يُعطي فرصة للشيطان للوسوسة بالشَّرِّ، فلا ننسَ ذلك أبدًا.