فيما ينتظر وصول المحاميين الأجنبيين في غضون 48 ساعة * شرعت محكمة جنايات الجزائر العاصمة أمس في محاكمة 23 متّهما ضالعين في ملف فساد من العيار الثقيل مسّ مشروع القرن الطريق السيّار شرق-غرب الذي كلّف الدولة 13 مليار دولار، حيث شهدت جلسة المحاكمة عودة تأسيس هيئة دفاع المتّهم الرئيسي (شاني مجذوب) التي انسحبت الأسبوع الماضي، ما يؤكّد فرضية السيناريو المفبرك لتدويل القضية، في حين تغيّب المحاميان الأجنبيان المزمع وصولهما في غضون ال 48 ساعة القادمة. قرّر أمس قاضي المحكمة الجنائية بمجلس قضاء العاصمة تأجيل الفصل في تأسيس هيئة دفاع المتّهم الرئيسي إلى غاية الانتهاء من تلاوة قرار إحالة المتّهمين على العدالة الذي يحوي 150 صفحة كشف عن العديد من التلاعبات والتجاوزات التي ارتكبها المتّهمون لتمكين الشركات الأجنبية من الحصول على صفقات في عدّة قطاعات على رأسها وزارة الأشغال العمومية، النقل، الصيد البحري، الدفاع الوطني ومسّت عدّة مشاريع استيراتيجية مقابل رشاوي بملايين الدولارات ورواتب شهرية خيالية بالأورو قد تصل فترتها إلى إحدى عشرة سنة تمّ تبييضها عبر إيداعها في حسابات ببنوك أجنبية باسم شركات وهمية أو عن طريق تصريفها في محلّ تجاري للمواد الغذائية بحيدرة الذي كان بمثابة سوق موازية للعملة الصعبة يقصده إطارات وشخصيات نافذة في الدولة، كما تبيّن أن وزير الأشغال العمومية السابق كان على علم بالتلاعبات التي كان يعرفها المشروع ووقائع الفساد وطالبه بتنصيب لجنة تحقيق حول الإشاعات التي مسّته شخصيا، لكنه لم يتقبّل الأمر. وقد شهدت الجلسة حضور 11 شاهدا من أصل 20 شاهدا توفي واحد منهم، في حين لم تتمكّن القوّة العمومية من إحضار كلّ من مدير إقامة الدولة ونجل أبو جرة سلطاني الذي تحجّج بالمرض كما تعهّدت به النيابة العامّة في جلسة الأحد الماضي. وكانت مصادر قضائية أفادت بأن المحاميين الأجنبيين قرّرا عدم تقديم أيّ ملاحظات أو التدخّل في سير جلسة المحاكمة وأوكلا مهمّة ذلك للمحامين الجزائريين وهذا بعد أن تلقّيا تهديدا واضحا من نقيب العاصمة بسحب رخصة المرافعة منهما في حال تسجيل أيّ تجاوز لهما. في هذا الصدد، أكّد المحامي (محند الطيّب بلعريف) على هامش الجلسة باسم هيئة دفاع (شاني مجدوب) أن موكّلهم جدّد تأسيسهم في زيارة لهم بالمؤسسة العقابية بالحرّاش نهاية الأسبوع الماضي، وأن سبب تغيّب المحامي اللوكسمبرغي (ويليام بوردون) والفرنسي (فليب بينينغ) هو اتّخاذهما قرارا بالاكتفاء بالمرافعة كردّ فعل على ما جرى الأحد الماضي بعدما اعتبرا تدخّل بعض المحامين الجزائريين اعتداء على حرّية ممارسة الدفاع وتمّت إهانتهما بشكل غير لائق بعد تهديدات نقيب العاصمة والمحاضرة التي ألقاها المحامي خالد برغل ضدهم، موضّحا أن القرار اتّخذ عقب عقد اجتماع مغلق لهيئة الدفاع في اليوم الموالي للجلسة الماضية دام يومين. وأكّد ذات المحامي أن الجديد سيكون خلال الجلسة، حيث من المتوقّع أن يكشف موكّله عن الكثير من خفايا الملف التي لم تذكر في قرار الإحالة، كاشفا أنه فعلا حرّك شكوى ضد الجزائر أمام لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة بجنيف ومجموعة العمل المنوطة بالاعتقال التعسّفي مرفوقة بتقرير مفصّل حول ظروف احتجاز (مجدوب شاني)، بما يخالف -حسب الوثيقة- العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي صادقت عليه الجزائر، والتي جاء في مضمونها تفاصيل حول احتجازه في أماكن مجهولة لمدّة 20 يوما، بما يخالف القانون الجزائري الذي يحدّد مهلة الحجز تحت النظر ب 48 يوما يتمّ تجديدها بترخيص من وكيل الجمهورية. وسيجيب المتّهمون على أسئلة القاضي فيما يخص قيادة جماعة أشرار، استغلال النفوذ، الرشوة، تبييض الأموال ومخالفة التشريع والتنظيم الخاص بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وسط حضور إعلامي مكثّف وحضور ممثّلين عن هيئات ديبلوماسية ومنظّمات دفاع عن حقوق الإنسان التي حضرت بدعوى من محامي المتّهم (شاني مجدوب)، ومن المتوقّع أن تستمرّ جلسة محاكمة المتّهمين على الأقل أسبوعين.