الاختناق المروري اليومي الذي تشهده أغلب الطرقات ولد عادات جديدة لدى المواطنين القصد منها دفع التوتر والقلق، لاسيما وأن الازدحام أدى إلى ظهور أمراض كالسكري والضغط الدموي لدى بعض الفئات. ومن الحلول التي اتخذها البعض لنسيان الأزمة الاستعمال المفرط للبلوتوث وسماع الموسيقى، إلى جانب مضغ اللبان كحل لدفع الأرق دون أن ننسى الغفوة بين لحظة وأخرى واختلال توازن البعض بحيث منهم من ينام وهو جالس، فيما راح البعض الآخر إلى استغراق ذلك الوقت الممل في مطالعة الجرائد أو القصص واغتنمه البعض في تلاوة آيات من الذكر الحكيم ورأوا أن ذلك هو أحسن الحلول للتخلص من ضغط الاختناق المروري. والملاحظ أنه لم يعد يفرق الاختناق المروري بين ساعات اليوم ونجده في أول اليوم أي في الصباح الباكر وفي وسط اليوم ويستمر إلى آخر اليوم باستثناء الفترة الليلية التي يشهد بعض السائقين أنها أرحم من ساعات النهار، ولا حديث في هذه الأيام إلا عن الازدحام الذي تشهده الطرقات والذي تضاعف أكثر لاسيما في ساعات الدوام أين يمكث السائقون لساعات في نقاط الاختناق، دون أن ننسى عناء الفترة الصباحية التي يجبر فيها الكل على مغادرة بيوتهم مع بزوغ الفجر لعلهم يستطيعون الالتحاق بمناصب عملهم ودراستهم في الوقت اللازم، والسبب وما فيه هو الاختناق الرهيب الذي تشهده طرقاتنا ولازال طابوها يشتكي منه الكل في ظل سكوت السلطات المعنية خاصة وأنه أزمة حقيقية أضحت مثار عصبية الكل من مختلف الأعمار حتى منهم من راح يستبدل طريقه إلى العمل مشيا على الأقدام ورأى أن ذلك أرحم من عيش قنوط الازدحام وما يخلفه من أعصاب تختتم بالوصول المتأخر إلى العمل ومجابهة ملاحظات المسؤولين وربما الخصم من الأجور وهو ما تشتكيه شريحة واسعة من العمال في مختلف القطاعات، ويجد العامل نفسه في مجابهة كل تلك المواقف لسبب لا يد له فيه خاصة وأن الخروج من المنزل عادة ما يكون مبكرا إلا أن الوصول المتأخر إلى العمل سيكون حتمية لا مفر منها تفرضها الطرقات المزدحمة التي تحوّلت إلى هاجس مخيف. ذلك المشكل العويص ضايق الكل وعكر مزاجهم وخلق في البعض عادات قد تكون مشينة إلا أنها الحلول المعتمدة من طرفهم لنسيان آفة الازدحام، وبتنا نلاحظ الكل وهم يستعملون البلوتوث لسماع الموسيقى أو الراديو في مشوار الطريق ومنهم حتى من راح إلى مضغ اللبان لإفراغ مكبوتاته وضيقه في ذلك اللبان، أما البعض فراحوا إلى النوم وهم جالسون في مشاهد لا يحسدون عليها خلّفها ازدحام الطرقات والذي يعود أساسا إلى استغراق وقت طويل في رقابة السيارات على مستوى الطرقات التي تشتمل على حواجز أمنية، ذلك ما ناهضه البعض ورأوا ضرورة وضع خطة أمنية أخرى تضمن التخفيف من الرقابة على مستوى بعض الحواجز التي تشهد اختناقا كبيرا على غرار الحاجز الثابت بمنطقة لاكوت بالعاصمة، خاصة في ساعات الذهاب إلى العمل كون أن إطالة رقابة تفتيش المركبات يكلف العمال الوصول المتأخر إلى عملهم. كما أن للازدحام أبعادا سلبية أخرى بحيث عادة ما يؤدي إلى تفاقم حوادث المرور بعد انطلاق أغلب السائقين بسرعة فائقة مباشرة بعد فتح الطريق وكأنهم يفرغون عصبيتهم في مقود السيارة ويفضلون تعويض الساعات المتأخرة في تلك السرعة الفائقة بعد انفتاح الطريق للوصول مبكرا، لكن النتيجة تكون تسجيل حوادث مميتة، ومن ثمة فإن للازدحام بالغ التأثير في تضخيم إحصائيات حوادث المرور الناجمة عن أرق السائق من الازدحام. وطالب الكل بضرورة نظر السلطات المختصة إلى ذلك المشكل العويص الذي بات يطبع يوميات الجزائريين ويؤثر على أعصابهم بدليل بروز أمراض مزمنة مست شريحة واسعة بسبب آفة الازدحام.