تأكيدات ليبية يقابلها تحفّظ أمريكي -- تواترت أمس أنباء عن مقتل زعيم تنظيم (المرابطون) الإرهابي الجزائري مختار بلمختار في غارة أمريكية شرق ليبيا، الأمر الذي أكّدته حكومة الثني قبل أن تنفيه وكالة (أسوشيتد برس)، أمّا (البنتاغون) الأمريكي فقد ترك القضية معلّقة واكتفى بتأكيد الضربة الجوّية، ما زاد من حدّة الجدل، خصوصا وأنها ليست المرّة الأولى التي يشاع فيها مقتل مهندس عملية (تيفنتورين). راجت البارحة أخبار حول مقتل الدموي الجزائري المرتبط بتنظيم القاعدة مختار بلمختار، الأمر الذي أكّدته الحكومة الليبية المؤقّتة في بيان رسمي لها، مشيرة إلى أن مقتله جاء في أعقاب غارة نفّذتها طائرات أمريكية في شرق ليبيا ليل السبت إلى الأحد. وقالت الحكومة الليبية في بيان لها نشر على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) إن الغارة الأمريكية جاءت (بالتشاور مع الحكومة الليبية المؤقّتة للقيام بهذه العملية التي تساهم في القضاء على الإرهابيين المتواجدين على الأراضي الليبية). أمّا الجانب الأمريكي فترك الأمر معلّقا من التأكيد والنفي، فوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أعلنت مساء الأحد أن (القيادي في تنظيم القاعدة مختار بلمختار كان هدفا لضربة جوّية أمريكية في ليبيا)، دون أن تؤكّد مقتله خلال هذه العملية. وأوضح (البنتاغون) في بيان أن بلمختار لديه تاريخ طويل في قيادة الأنشطة الإرهابية بوصفه عضوا في تنظيم القاعدة في شمال غرب إفريقيا، وقاد هجمات 2013 في الجزائر التي قتل فيها 38 شخصا على الأقلّ من عشر دول، بينهم ثلاثة أمريكيين. في الجانب الآخر، نقلت وكالة (أسوشيتد برس) عن ما وصفته ب (متطرّف إسلامي) على صلة بالعناصر المتشدّدة في ليبيا، قوله إن (الضربة الجوّية التي أطلقتها الولايات المتّحدة على ليبيا لم تتمكّن من إصابة مختار بلمختار)، وأضاف أن (بلمختار لم يكن في الموقع الذي استهدفته الضربات الجوّية الأمريكية، لكن قتل فيها أربعة من عناصر جماعة أنصار الشريعة في أجدابيا التي تقع على بعد 850 كيلومتر من العاصمة طرابلس). وتحوّل بلمختار إلى هدف أمريكي منذ جوان 2013 عندما رصدت الولايات المتّحدة مكافأة بخمسة ملايين دولار لمن يقدّم معلومات تساعد في اعتقاله، ثمّ في ديسمبر 2013 صنّفت جماعة (الملثّمون) التي يقودها (كمنظّمة إرهابية أجنبية طبقا للمادة 119 من القانون الأمريكي حول الهجرة والجنسية، وككيان إرهابي عالمي بمقتضى المرسوم الرئاسي 13224 الذي يستهدف الإرهابيين وأولئك الذين يمدّون يد المساعدة للإرهابيين أو للأعمال الإرهابية). من هو بلمختار؟ مسعود عبد القادر مختار بلمختار، أو (خالد أبو العباس) أو (السيّد مارلبورو) المكنّى ب (الأعور) نسبة إلى فقده إحدى عينيه في أفغانستان، أسماء متعدّدة لأمير جماعة (الملثّمون) التي كانت فيما مضى إحدى كتائب تنظيم القاعدة في بلاد المغربي الإسلامي ثمّ استقلّت عن التنظيم بعد خلافات منهجية وحركية بين عبد الملك درودكال أمير القاعدة وبلمختار. ولد بلمختار في ولاية غردايةجنوب العاصمة العام 1972، وفي العام 1989 توجّه إلى أفغانستان وانخرط ضمن ما يسمّى (بالأفغان العرب)، تدرّب خلال هذه الفترة على استعمال السلاح في معسكرات (خلدن) و(جلال أباد)، ليعود بعدها إلى الجزائر وتحديدا في العام 1992 منتميا إلى الجماعة الإسلامية المسلّحة التي كانت تضمّ مجموعة كبيرة من الأفغان العرب، ثمّ انشقّ عنها بعد مقتل أميرها أبي عبد الرحمن أمين، مؤسّسا مع مجموعة من الدمويين تنظيم (الجماعة السلفية للدعوة والقتال) التي تحوّلت سنة 2007 إلى (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي). وبلمختار هو قائد ومؤسّس لواء خالد أبي العباس (الذي يعرف أيضا باسم الكتيبة الموقّعة بالدم). تحت قيادة بلمختار قام اللّواء بهجوم قاتل في شهر جانفي 2013 على منشأة غاز في عين أميناس بإيليزي قتل فيها 37 شخصا على الأقل من الرهائن. وبعد أن أعلنت التشاد مقتله في أفريل 2013، خرج بلمختار في جوان مهدّدا بشنّ هجمات جديدة في النيجر بعد اعتداءات انتحارية نفّذها تنظيمه الوليد في نهاية ماي 2013. وفي جوان 2004 أصدرت محكمة في إيليزي حُكما غيابيا ضد بلمختار بالسجن مدى الحياة (لقيامه بتشكيل جماعات إرهابية وارتكابه لأعمال سطو وحيازته لأسلحة غير مشروعة واستخدامها). وفي مارس 2007 أصدرت محكمة جنائية في الجزائر حُكما غيابيا ضد بلمختار بالسجن لمدّة 20 عاما عقوبة له على (تشكيل مجموعات إرهابية واختطاف أجانب واستيراد أسلحة غير مشروعة والاتّجار بها)، وفي مارس 2008 أصدرت محكمة غرداية في حقّه حُكما غيابيا بالسجن مدى الحياة لارتكابه جريمة قتل 13 موظّفا جمركيا. وفي 22 أوت 2013 أعلن بلمختار عن اندماج (كتيبة الموقّعون بالدماء) التي يقودها مع (الحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا) تحت اسم جديد وهو (المرابطون) وأكّدتا في البيان المشترك بينهما أنهما ستركّزان عمليتهما في الفترة القادمة على المصالح الفرنسية الواقعة في منطقة شمال إفريقيا، ولم يتمّ بعد الإعلان عن اسم الزّعيم الجديد لهذه الجماعة.