لعلّ مشكل العنوسة الذي تعاني منه الفتيات في بلادنا ألهم الكثير من الأشخاص، فراحوا يعبثون بالبنات، ويعدوهنّ بالزواج، ولكن لا همّ لهم إلاّ الوصول إلى رغباتهم الحيوانية، و لو كان ذلك على حساب نفوس حائرة، وقلوب حزينة. يستغلّ الكثير من الشباب اليوم حالة الفتيات اللائي بلغن سنا متقدمة ولم يعثرن على زوج بعد، حيث يكنّ تحت ضغوط نفسية واجتماعية حادة، تجعلهن يتمسكن بأي بارقة أمل قد يكون وراءها الحل لمعاناتهن الكبيرة، وهو ما يجعلهن بالتالي لقمة صائغة لكل طامع في جسدهن او في مالهن كذالك، وقد أصبح الأمر هواية لبعض الشباب: الإيقاع بالبنات بواسطة الوعود الكاذبة، وبعد أن يسلبوهنّ شرفهن وعفتهن يتركوهن يواجهن مصيرهن، فيزيدون عليهن بذلك، وفوق همّ العنوسة هما أثقل وأمر وهو فقدان الشرف. بعد أكثر من خمسة سنوات لا زالت سلوى(37 سنة) تتذكر القصّة التي عاشتها مع شاب أوهمها بالزواج، رأت فيه كلّ شيء تتمناه فتاة في شخص يطلب يدها، والمشكل أنه أتقن الدور بامتياز، حيث انه تحدث إلى والدتها، واخبرها بنيته في الزواج من ابنتها، وهو التصرف الذي اعتبرت سلوى انه لا يبذر إلاّ من شخص له نية صادقة، ولكنها اكتشفت مع الوقت انه محتال لا غير، تقول لنا عنه:" دامت رفقتنا حوالي الثلاث سنوات، ولا اخفي عنكم أنني كنت بلهاء، وانه، أي هذا الشاب الكذاب، يكون قد خدرني بحديثه المعسول، فقد كنت أراه أحيانا مع فتيات أخريات، ولم أكن أقول شيئا، واعتبرت ذلك طيشا لا شكّ انه سيزول مع الوقت، أي بعد الزواج، ولكن لا زوجا تم ولا شيء، بل انه ارتبط بأخرى في الليلة التي حددناها ميعادا لخطبتنا، وهو الأمر الذي لم أتحمله، ولكن في الحقيقة أنا الوحيدة التي أتحمل المسؤولية، وقد فقدت معه كل شيء تقريبا، وحتى شرفي وكرامتي، والأموال التي كنت اقرضها إياه، بدعوى انه سيُتم بها مشروعا ويأتي لخطبتي مباشرة بعدها، ولم يكن ذلك المشروع الذي قال لي عنه إلا زواجه من أخرى. أما سوسن، 33 سنة، فقد مرت بتجربة أقسى وأمر، حيث تعلقت بشاب بقت معه أكثر من سبع سنوات، ورغم أن الشاب كان فقيرا، وصارحها بذلك من البداية، فان سوسن لم تهتم أبدا لذلك، بل، بالعكس، كانت تقف إلى جانبه في كلّ شيء، ومنحته كذلك كل شيء، وساعدته على العثور على وظيفة، وعلى استئجار بيت، حسبت أنها ستقاسمه إياه، ولكنه لم يكن في حقيقته يفكر لا بالزواج بها ولا شيء، بل كان فرحا بتلك العلاقة التي كانت تجعله يتقدم في العمل وفي حياته، وفي النهاية اخبرها أنها لا تصلح لأن يتكون زوجة له، ودون أن يخبرها بالسبب أنهى علاقة سنوات في ساعات، بل عبر الهاتف النقال. لكن بعض الشباب، وحتى بعض الفتيات يلقين باللوم على المرأة التي يعميها الطمع، حتى تضع نفسها في مواقف لا تحسد عليها، وكان الأجدر بها أن تحترم نفسها وتحافظ على كرامتها، وألاّ تندفع وراء وهم وسراب، دون حتى أن تتبين صدقه من كذبه.