الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة الأزمات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في غزة خلال العدوان الصهيوني إلى 206    الرابطة الأولى: شبيبة القبائل ترتقي الى الوصافة, ترجي مستغانم يغادر منطقة الخطر    سوق أهراس: احتراق 7 حافلات بحظيرة مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري    الطبعة الخامسة للمسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    دعم الجزائر تام من أجل اتحاد إفريقي أكثر قوة ونفوذا    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    تسويق 3.3 أطنان من الأسماك في الأسبوع الأول من رمضان    جمعية اللجان الأولمبية الإفريقية تكرّم الوزير الأول نذير العرباوي    أقبو بشعار: التعثر ممنوع لتفادي الانفجار    "حماس" تدعو للتفاعل مع تقرير لجنة التحقيق المستقلة    200 مطعم رحمة تجمع العاصميّين في رمضان    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    بوشعالة والفرقاني يبدعان بأوبرا الجزائر    تفعيل التعاون الجزائري- الأردني في التنمية الاجتماعية    من أجل "عدل 3".. بلديات العاصمة تفتح ليلا    مصادرة 8 قناطير من اللحوم البيضاء غير الصالحة للاستهلاك    اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    ارتياح جزائري - ألماني لتقدّم مشاريع الطاقات المتجدّدة    العودة إلى قمم كرة القدم الإفريقية والدولية    بداري يزور الطلبة المصابين في حادث مرور بسطيف    حفظ الجوارح في الصوم    رياضة/جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية : اجتماع الجزائر, موعد بالغ الأهمية بالنسبة للحركة الأولمبية الإفريقية    ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة مختصة في النقل الجوي الداخلي    قسنطينة: "النفقة" تقليد عريق يكرس روح التضامن والتماسك الاجتماعي    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي تشيد بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+ " تدعو أطراف النزاع في السودان إلى وقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان    أمطار رعدية مرتقبة على المناطق الساحلية والداخلية    حجز 7ر1 مليون قرص مهلوس بإن أمناس    تصفيات مونديال لأقل من 17 سنة إناث: المنتخب الوطني يواصل التحضيرات لاستقبال بوتسوانا    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    حجز أزيد من 1.7 مليون قرص مهلوس في إن أمناس    شرفة يترأس اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    بلمهدي: التصوف في الجزائر كان له الأثر الكبير في تحصين المجتمع    مولوجي تتحادث بنيويورك مع نظيرتها الأردنية    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال47 على التوالي    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشر سنوات عجاف
نشر في أخبار اليوم يوم 14 - 07 - 2015


بقلم: جمال خاشقجي *
هل هي عشر أم دون ذلك أم أكثر؟ تلك المدة التي يحتاجها المشرق العربي حتى يخرج من كبوته أو كبواته كل التقديرات رجم بالغيب ولكن حال الدمار الحاصلة تشي بأن أمامنا زمنا طويلا... طويلا حتى يغاث الناس ويعصرون فما خربه العسكر والاستبداد وسوء إدارة خلال نصف قرن بل أكثر لا يمكن إصلاحه في عامين أو ثلاثة زد إلى ذلك انهيار وحروب ما بعد الربيع العربي مدن تهدمت وأحياء سويت بالأرض وشعوب هجرت ودول وأنظمة انهارت ومعها قيم القانون والأخلاق.
هذا جلي وواضح في سوريا والعراق وجار على قدم وساق في اليمن وليبيا وهناك من ينتظر ممن عاد إلى ربقة الاستبداد ثم زاد عليها فاشية وكراهية.
أمام بلاد العرب المستقرة كالسعودية والخليج ومعها الأردن اختياران الأول تحصين داخلها وضبط حدودها وترك الفتنة تأكل نفسها من حولها الثاني هو أن تجمع بين الأمرين تبادر وتقود وتسعى إلى إطفاء حرائق الجيران حتى لا تمتد إليها وأيضاً تحصن داخلها وتضبط حدودها وأعتقد أن المملكة أخذت بالخيار الثاني فهل ستقدر على ذلك؟ وما تأثير ذلك عليها في العقد المقبل؟
ستكون سنوات صعبة تطفئ الحرائق وتعالج الفتن وتحاول وقف حال الانهيار ثم تسعى لإحلال السلام والاستقرار بين الجيران وفي الوقت نفسه تواجه تحديات كبرى قد تعطل جهدها وتفسد نتائجه ما لم تحكم الخطة وتجهز عتادها وتجمع كلمتها وأختصرها في الخمسة الآتية: إيران العنيدة التي ترفض التنازل عن مكتسبات حققتها في غفلة وتعود لديارها لتنشغل بالتنمية وتحسين حياة 77 مليون إيراني نصفهم بائسون وعوضا عن أن يحفزها رفع العقوبات المقبل عنها والإفراج عن نحو 100 بليون دولار لها ستوجه هذه القدرات الجديدة في مشاريعها التوسعية في عالمنا فتضرنا وتضر نفسها ولن يعود إليها رشدها إلا بعد سنوات ومنازلة مؤلمة جلها للأسف سيكون في شامنا وعراقنا ويمننا.
التحدي الثاني (داعش) فالمملكة مضطرة لمواجهة التنظيم فكريا وأمنيا وذلك بحكم موقعها الإسلامي ف(داعش) يهدد قيم الدين بقدر ما يهدد حياة وأمن الناس ولكنه أيضا حال معقدة متداخلة مع ظروف الانهيار الجاري ما يتطلب القضاء على أسبابه حتى يمكن القضاء عليه وهذه معركة ستستغرق سنوات.
التحدي الثالث مع حليف هو الولايات المتحدة التي لا تزال مؤثرة وتستطيع تعطيل المشروع السعودي بترددها ورغبتها في الانطواء. إن جاءت السيدة هيلاري كلينتون رئيسة في انتخابات العام المقبل يمكن التفاؤل فهي تفهم المنطقة جيدا ونشطة خارجيا أما إن كان جمهوريا ففي الغالب سيكمل سياسة أوباما الانطوائية فهذه عقيدة الجمهوريين الأصلية وليس كما يتوقع البعض ممن يعتقد أن سياسة جورج بوش الابن التدخلية هي الأصل. العكس هو الصحيح فالأصل في الجمهوريين هو الانطواء أمريكيا.
التحدي الرابع في الاقتصاد فالمملكة تدخل معركة مصيرية مكلفة في عقد لا يتوقع فيه أحد أن يزيد سعر برميل النفط على 60 دولارا وفي الوقت نفسه أمامها مصروفات هائلة وخوف شديد من استهلاك الاحتياطي العام الذي يفترض أن يوفر للأجيال المقبلة.
وأخيرا المواطن السعودي الذي يريد حياة أفضل ولكنه أيضا قلق وهو يرى العالم العربي يتهاوى من حوله والإرهاب يشرئب برأسه من جديد في داخل مدنه ومساجده مهددا حال الاستقرار التي ينعم بها وميزته وقد لا يتحمس لما يراه مغامرات غير محسوبة.
هذه التحديات دفعت القيادة السعودية إلى أن تكون مبادرة إذ شهد الشهران الأخيران سحب المملكة لنحو 50 بليون دولار من احتياطيها العام أعقبه نشاط في مشتريات السلاح خصوصا النوعي منه الذي يخدم الحروب الحديثة مثل شبكة متطورة للتصوير الفضائي وتجديد في كل القطاعات بما في ذلك البحرية مع نشاط سياسي محموم يهدف إلى توسيع دائرة أصدقاء المملكة وإعادة هيكلة وضخ دماء جديدة في الديبلوماسية السعودية كل ذلك يشي بأن المملكة تنوي الاستمرار بمشروع (عاصفة الحزم) الذي بدأته في اليمن بل والتوسع به حتى يحقق أهدافه بوقف التوسع الإيراني وإعادة ترتيب وبناء المنطقة.
لقد حققت عاصفة الحزم (الأرضية) التي سيقف عليها المشروع السعودي الاستراتيجي إذ نجحت في منع اختطاف اليمن وأعادت إلى المملكة زمام المبادرة وهذا انتصار مهم في حد ذاته وإن لم تعد الشرعية بعد ولم تجر انتخابات حقيقية لرئيس جمهورية وبرلمان هناك فلو تأخرت القوات السعودية أسبوعاً واحدا لاكتسحت عدن وسقطت الشرعية ممثلة في الرئيس هادي وجرت انتخابات صورية يفوز بها أحمد علي عبدالله صالح بنسبة 97 في المئة وعلى رغم عوار الانتخابات إلا أنها في نظر العالم ستفرز رئيسا شرعيا متحالفا مع الحوثيين.
ولن يكون أمام السعوديين غير الانتظار حتى يحتفل صالح الابن وقاسم سليماني بافتتاح قاعدة جوية يديرها (حرسه الثوري) في صعدة على بعد خطوات من الأراضي السعودية ولو تدخلت المملكة حينها لكانت معتدية ومحل انتقاد ولكنها اليوم تحظى بدعم دولي بما في ذلك في مجلس الأمن. إنها قصة نجاح للديبلوماسية والقوة السعودية معا بوأها موقعا قياديا في المنطقة والعالم ولكن يجب أن تحافظ عليه.
لقد حققت ذلك بإبراز البعد الأخلاقي العادل لقضية دعم الشرعية وحرصت على ألا تتحرك منفردة وإنما مع أكبر عدد ممكن من الحلفاء وأخيرا لم تصادم الولايات المتحدة وإن اتخذت موقفا مستقلا عنها بل كسبتها إلى صفها قدر الإمكان وقد فصلت هذه الاستراتيجية في مقالتي السابقة (مبدأ سلمان).
بالطبع لن تكون كل خطوات هذا التحرك ناجحة بعضها سيكون مكلفا حتى في الأرواح سيسقط شهداء ستكون هناك ضغوط دولية بالتالي لا بد من أن يستمر هذا الدور مع قدر كبير من الشفافية فأهم حليف للمملكة هو شعبها الذي سيتعاضد مع دولته أكثر وبشكل أقوى إذا ما عرف الأهداف الاستراتيجية الكبرى للمشروع السعودي في شكل واضح وصريح وفصل له حجم التحديات وصعوبتها.
إذا كان الانتصار في سوريا أو اليمن صعبا ويحتاج وقتا فكم من الوقت تحتاج إعادة بناء البلدين وتشكيل حكومة توافقية فيهما ناهيك عن (داعش) والخلاص منه فكرا وفعلا؟ إنها مهمات هائلة سينصرف إليها جهد ومال كبيران ورجال كثر.
قد ينعكس الانشغال بها على حساب التنمية في الداخل وتمنيات المواطن برفع الدخل وإن بدا أن الدولة تحاول التفريق بين المشروعين فالتنمية ماضية بوتيرة جيدة دبت فيها حيوية من خلال المجلس الوزاري المصغر الممثل في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي كثرت اجتماعاته وبات له ما يشبه الأمانة العامة التي تتابع أداء الوزارات وتحاسبها.
العقد المقبل يجب أن يشهد إنجازات محلية عدة أهمها حل جذري لمشكلتي الإسكان والبطالة وهما مسألتان ترقيان إلى أن تكونا أمنية وسياسية وليستا اقتصاديتين فحسب ومعهما الارتفاع غير المبرر لاستهلاك النفط محليا الذي بات يشكل تهديدا استراتيجيا للمصدر الأساسي للدخل.
البديل في المشروع النووي السعودي لتوفير الطاقة ونقل التقنية النووية للبلاد لكي تكون رادعا حاضرا في حال مضي إيران في مشروعها وامتلاك السلاح النووي. إن تحققت هذه المكاسب الثلاثة خلال العقد المقبل فستكون 10 سنوات سمان متوازية مع أخواتها العجاف التي تعصف بالمنطقة حول السعودية فتخفف بعضا من قسوتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.