هل انتهت عاصفة “الحزن” أم لم تنته بعد؟.. تضارب في التصريحات الآتية من السعودية بشأن الاعتداء الذي تشنه المملكة وحليفاتها على اليمن منذ قرابة الشهر. فبينما أعلنت السعودية فجأة ومن غير مقدمات على لسان الناطق باسم العمليات العسكرية، العسيري، الذي تناقلت مواقع التواصل صورا له وهو يقيم الصلاة بحذائه العسكري، أن عاصفة الحزم توقفت الثلاثاء بعدما حققت كل أهدافها. لم يوضح طبعا ما الأهداف التي حققتها غير قتل الأطفال وهدم البيوت على رؤوس سكانها، وهدم المرافق العمومية. فما الهدف من تدمير ملعب لكرة القدم أومدرسة أو أحياء سكنية؟ واصل صباح أمس الطيران السعودي وطيران الحلفاء القيام بغارات جوية في تعز، وكان الملك سلمان طلب صباح الثلاثاء قبيل الإعلان عن وقف العاصفة، من الحرس الوطني السعودي المشاركة في العملية التي تقودها بلاده ضد اليمن!؟ ما يوحي بأن هناك خديعة ما يقوم بها التحالف ضد اليمن. أو أيضا لأن العملية بدأت بكبسة زر عندما حصل تقارب إيراني أمريكي خلال محادثات لوزان منذ أيام بشأن النووي الإيراني، و”توقفت” أيضا بكبسة زر، لأن أمريكا أرادت لها أن تتوقف الآن. فالعسيري الذي صرح تصريحين متناقضين، من جهة قال إن العاصفة توقفت بعد أن حققت الأهداف، ثم يتراجع ويقول إنها لم تتوقف، فهو ربما لا يملك الجواب، لأن سلطات بلاده لا تملك القرار أيضا. والجواب حملته صحيفة النيويورك تايمز عبر موقعها مساء الثلاثاء، حيث جاء فيها أنه بعد أن أعلنت أمريكا موقفا رسميا من العملية وبعد الضغوط التي مورست من قبل إرادة أوباما على السعوديين وحلفائهم لتوقيف الغارات ووجهت لهم انتقادات شديدة بسبب الأضرار الجانبية الجمة، والمتمثلة في قتل أعداد كبيرة من المدنيين في عمليات يبدو أنها كانت منفصلة عن الاستراتيجية العسكرية المسطرة من قبل، والتي دعمتها أمريكا. وتضيف الصحيفة تعليقا على قول السعودية إن العاصفة حققت أهدافها، لكنها لم توضح كم الضربات الجوية التي قامت بها وما الأهداف المحققة، والتي تدعي أنها قامت بها لإعادة الشرعية. إنها إذن عاصفة “الحزن” وهو الاسم الذي يليق بها بعد كل الدمار وما خلفته من ضحايا مدنيين، حسب الصور المتناقلة عن العملية، والتي لا تقل بشاعة عن صور المجازر التي ألحقها العدوان الإسرائيلي الصائفة الماضية بأطفال غزة. ففي تفجيرات أول أمس الثلاثاء التي سمتها الصحافة اليمنية بعنوان “هيروشيما في اليمن” سقط 38 قتيلا وأزيد من 500 جريح. التذبذب في التصريحات، الإعلان عن الوقف أحيانا، وعن مواصلة العدوان أحيانا أخرى، يكون مرده ما أعلن عنه حسن نصر الله في خطابه الأخير، حيث قال إن “عاصفة الحزم” فشلت والسعودية فشلت في اليمن، وأن عبد المالك الحوثي رجل شجاع، وأن الشعب اليمني صمد في وجه العدوان. لكن يكون الفشل أيضا راجعا إلى تخلي حلفاء السعودية عنها، مثل باكستان التي رفضت المشاركة في مجهود الحرب، وتركيا التي تدعم السعودية فقط بالتصريحات والكلام، بينما طار رئيسها الأسبوع الفارط إلى إيران وأبرم عددا من الاتفاقيات، رغم محاولة السعودية إمالته إليها. وأيضا راجع لموقف مصر المتذبذب من هذه العملية التي تقول إنها تدعمها لكنها لم تشارك في مجهود الحرب بالصورة التي توقعتها المملكة. وأيضا لأن بلدانا عربية مثل الجزائر وقفت “بحزم” في وجه العملية وتبنت الحوار والحل السلمي للأزمة اليمنية، ورفضت المشاركة في العاصفة وفي الجيش العربي المشترك المعلن عنه في قمة شرم الشيخ، وذهبت إلى حد العمل على تقريب ووساطة بين إيران والسعودية مثلما أعلن عنه من العاصمة مبعوث الرئيس الإيراني خلال زيارته إلى الجزائر في 7 أفريل الجاري. ورغم أن خبراء ومحللين اتهموا الجزائر بأنها واقعة تحت تأثير علاقتها مع إيران والتي يدّعون أنها هي من أملت عليها موقفها الرافض لتدخل عسكري في سوريا، والآن أيضا في اليمن، إلا أن موقف الجزائر مستقل تماما عن الإملاءات الإيرانية التي يدّعيها المقربون من المملكة، فهي نفس المواقف التي اتخذتها من أزمة ليبيا، ومن أزمة مالي وسعت دائما إلى تسبيق الحل السلمي، بل حتى في العراق سنة 1991 وسنة 2003. فالموقف نابع من مبادئها الراسخة، عدم التدخل في الشأن الداخلي للبلدان. وها هو فشل السعودية في اليمن يؤكد مرة أخرى على رجاحة وصواب الموقف الجزائري. فماذا حققت السعودية في اليمن غير الخراب، وما زال الرئيس هادي منصور مشردا ولم يعد بعد إلى منصبه وعاصمته؟! السعودية تقول إن الوقت لإعادة الأمل، فهل هناك أمل للقتلى؟