قاعات الحفلات بأسعار خيالية غلاء تكاليف الأعراس يضيق الخناق على الشباب الأعزب مما فرضته الحاجة الملحة في عصرنا الحاضر في ما يخص مظاهر الاحتفال بكل المناسبات السعيدة وعلى رأسها حفلات الزفاف هو إقامتها في قاعات الحفلات التي شيدت خصيصا لهذا الغرض كضرورة اجتماعية نظرا لضيق المساكن عموما في الجزائر لهذا يجد المواطن نفسه مجبرا على إقامة حفل الزفاف الخاص به في هكذا أماكن ولكن المؤسف في الأمر هو الغلاء الفاحش لثمن كراء هذه القاعات ففي كل سنة يتضاعف ثمنها فالقائمون عليها يستغلون حاجة المواطنين البسطاء لهذه الفضاءات وكذا موسم الاصطياف الذي يشهد ذروة الطلب عليها نظرا لعادة الجزائريين في إقامة الأفراح في فصل الصيف فيجد المواطن نفسه تحت رحمة قاعة الحفلات. ياسف آسيا فاطمة ينتعش موسم الحفلات في فصل الصيف كثيرا في الجزائر فيشتد الطلب على كراء قاعات الحفلات نظرا لعادات وتقاليد الجزائريين في هذا الشأن إذ جرت العادة عند أغلبية الناس على إقامة مناسباتهم السعيدة في هذا الفصل وأيضا لتزامنه مع عطل العمال وذالك قصد تمكينهم من حضور الحفلة بأريحية دون التفكير في مواعيد العمل ولعل أكثر زبائن هذه المحلات هم سكان العمارات والمساكن الضيقة فبيوتهم على حد قول أحد المواطنين الذين التقيناهم أن منزله لا يسع أفراد العائلة فما بالك بقدوم المدعوين وهذا ما لحظناه يتداول على ألسنة الكثيرين مثل الحاجة مليكة التي أخبرتنا أنه فيما مضى كانت الألفة والتكافل الاجتماعي أكثر ما يميز الجيران فالأعراس قديما كانت تقام في السطوح والساحات الخاصة بالحي وعلى رأيها كانت تحمل نكهة مميزة افتقدتها أفراح اليوم لطغيان الشكلية على معظم مظاهرها. طبيعة العمران في الجزائر يزيد الطينة بلة ولعل القانون الصادر بخصوص الرخص الممنوحة لقاعات الحفلات يزيد من حجة القائمين عليها لرفع أسعارها أكثر وأكثر فضرورة عزل القاعة عن التجمعات السكانية وضرورة استعمال العوازل في البناء لعدم إزعاج المحيطين بها وكذا وجوب وجود أماكن خاصة لركن السيارات وهذا ما يعد صعبا توفيره نظرا للاكتظاظ السكاني في الجزائر وعدم توفر حظائر لركن السيارات بشكل عام أدى إلى غلق وسحب الرخصة من الكثيرين فهذه كانت واحدة من حجج الكثير من مالكي قاعات الحفلات لارتفاع أثمان استئجارها. وهناك من يبحث عن حل وسط رغم الغلاء الشديد لهذه المحلات إلا أنها تشهد رواجا منقطع النظير فالراغب في استئجارها وجب عليه الانتظار في طابور طويل يتعدى شهورا عدة حتى يحين دوره فقد أصبح اليوم من الضروري محاولة مزامنة العرس من طرف أهل العريس وأهل العروس مع اليوم المتفق عليه مع أصحاب القاعة فيقع العريسان في فخ الاختلاف وعدم التزامن وهذا ما دفع بالكثيرين إلى إلغاء فكرة العرسين وإقامة عرس واحد يشمل كلا العائلتين أما آخرون أمثال ياسمين فقد اكتفت بإقامة مأدبة عشاء فقط للعائلة والأحباب فعلى رأيها الأثمان باهظة والطابور طويل وهي لا تريد رهن زفافها بمواعيد قاعات الحفلات وعن رأيها فيما سيقال عنها أجابت أن الناس سيتحدثون عنك وإن قدمت لهم جل ما لذ وطاب فعلى المرء أن يسير على حسب قدراته ولا يكلف نفسه ما لا طاقة له فالمهم عندها هو الاستقرار والتفاهم العائلي. مظاهر البذخ والتبذير تطغى على الأعراس رغم كل هذا الغلاء لا يمكن عدم ملاحظة مظاهر التبذير بشتى أنواعه فالمدعو أول ما يشد انتباهه هو عرض الأزياء التقليدية التي تقوم به العروس هي وأفراد عائلتها المقربين هذا دون التطرق إلى الأسعار الباهظة لهذه الأثواب سواءا لشرائها أو لإستأجارها وأيضا لكل ما يليها من تصفيف الشعر والحلي وغيرها وكذا التنويع في أنواع الحلويات كثيرا فيقدم مع القهوة نوع ومع الشاي نوع وعند الخروج نوع هو أقرب للقطع الفنية منه للحلوى التي يستطيع المرء أكلها ناهيك عن الموالح المقدمة رفقة المشروبات وأكياس الحلوى المقدمة خصيصا للأطفال الصغار أما فيما يخص العشاء المقدم للمدعوين فقد بات موضة العصر إحضار طباخ خاص لكي يطبخ ما لذ وطاب من مأكولات تقليدية تعد خصيصا لهذا النوع من المناسبات فغالبا ما يتبقى من العشاء الطعام الكثير فيحتار أهل العرس في توزيعه وهذا الأمر ناتج عن سوء التسيير والتدبير عموما دون أن ننسى مصاريف المغنيين أو القائمين على الجانب الموسيقي فهم يفاوضون على مبالغ كبيرة مقابل الغناء لسويعات فقط. مدبرو الديكور هم الحل الأمثل كموضة ظهرت مؤخرا هي الاستعانة بمدبري الديكور وهم مجموعات يعملون على إيجاد الحلول لضيق المكان عن طريق دراستهم لفن الديكور ومختلف الحيل والأساليب لإيجاد الفضاءات وتوفير الأماكن اللازمة لذالك وإعادة ترتيب البيت بما يناسب الحدث العائلي من خلال اختيار الأفرشة المناسبة التي يتم انتقاؤها بعناية دون أن نهمل الجانب الخاص بالطعام فهم يعملون أيضا على البحث في سبل التوفير والاقتصاد لإقامة مأدوبة بأقل التكاليف الممكنة لكن الإشكال هو أن مثل هذه المجموعات عددها قليل جد وأن الناس عموما يلجؤون إلى الحلول السهلة والسريعة.